recent
جديد المشاركات

الاقعاد و الوصية الواجبة قانون الاحوال الشخصية

 الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا بتاريخ 6/9/1999م في الطعن الشخصي رقم 302 لسنة 1420ه وخلاصة هذا الحكم (أن الطعن بالنقض المرفوع إلى المحكمة العليا قد تضمن قول الطاعن  بأن جدته لها أربعة مواريث ، الأول: السدس من بعد ابنها المتوفي في أثناء حياتها ، والثاني: الثمن من بعد زوجها ، والثالث: نصيبها من أخيها ، والرابع: نصيبها من بعد أختها ، وهذه المواريث تحت يد عمه... وقد قضى  الحكم الابتدائي بإفرازها وتعيينها وتسليم كل وارث نصيبه، كما ذكر الطاعن بأن عمه المشار إليه لم ينفق على جدته، حيث كان والد الطاعن هو الذي ينفق على أمه أي جدة الطاعن، وذكر الطاعن بأنه قام بالإنفاق على جدته من بعد وفاة أبيه حيث تعمرة 118 سنة ، في حين أن عم الطاعن يتصرف بأنصبة وفرائض جدته، وقد حكمت محكمة أول درجة بأن ما  تحت يد عم الطاعن يتصرف  وينتفع به من غير أن ينفق على أمه ( جدة الطاعن)، ومع أن الشهود قد اثبتوا عدم الإنفاق إلا أن محكمة أول درجة تجاهلت ذلك ، كما أنها لم تبين الفرق بين الإقعاد والوصية، في حين أن الوصية اسندتها الموصية إلى الطاعن نذراً في بناء مسجد وأجرة الدرس إلى روحها بالفاتحة ، وقد رد المطعون ضده بنقيض ذلك  حيث أفاد بأن جميع الأوراق التي يتمسك بها الطاعن باطلة وأن المسجد قد تم بناؤه قبل موت الجدة المشار إليها في الطعن، وبعد دراسة الدائرة لأوراق القضية وبعد المداولة وجدت الدائرة صحة ما قررته محكمة أول درجة  من اختيار عدلين  لحصر مخلف ....وإخراج السدس الفريضة المقررة للجدة وكذا إخراج سدس دية ابنها القتيل وضمه لها بعد إخراج غرامة الشريعة، فقرار محكمة أول درجة يوافق أحكام الشرع والقانون، وكذا ما يتعلق بالإقعاد من الجدة لأولاد ابنها المتوفي في أثناء حياتها وما تبعه من النذر والنفقة ، حيث قضت محكمة أول درجة بصحة الإقعاد باعتباره وصية من الثلث، أما الحكم بعدم لزوم النفقة فذلك غير سديد ، حيث يتوجب محاسبة الطاعن بما أنفقه على جدته بموجب ما يحدده خبيران عدلان حيث ظهر أن المخلف لازال بيد المطعون ضده ، أما الحكم الاستئنافي الذي أيد الحكم الابتدائي فقد تم تدوينه في ورقة لا تصلح لذلك بالإضافة إلى قصور الإجراءات من قبل محكمة الاستئناف) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول: معنى الإقعاد:

الإقعاد هو إقعاد أبناء الأبن الذين مات أبوهم في أثناء حياة مورثه ، فهو قيام الرجل الذي مات ابنه في أثناء حياته بإقعاد أولاد هذا الأبن مقام أبيهم، بحيث يرثون ما كان سيرث أبوهم لو لم يمت ، والإقعاد في المذهب الزيدي وقانون الأحوال الشخصية اليمني يكون بمعنى الوصية الواجبة، والوصية لا تكون إلا في حدود الثلث ، والعلماء يشترطون ألا يتجاوز الإقعاد الثلث لأنه وصية ، فإذا زاد الإقعاد عن الثلث فلا ينفذ إلا في الثلث، وإذا صادف أن الموصي قد أوصى بعدة وصايا غير الإقعاد ، فتتزاحم الوصايا كلها في الثلث وينقص على كل وصية نسبتها مثل ديون المفلس إذا كانت أموال المفلس لا تفي بديونه فإنه ينقص على جميع الدائنين بحسب ديونهم حسبما ورد في فتوى القاضي محمد إسماعيل العمراني وغيره من علماء اليمن ،

الوجه الثاني :الفرق بين الإقعاد والوصية الواجبة.

يتلخص الفرق بين الإقعاد والوصية الواجبة في أن الإقعاد هو وصية اختيارية صادرة من الجد في حدود ثلث ماله, في حين إن الوصية الواجبة تكون مقررة بحكم القانون قد بين القانون كيفية تقسيمها بين المستحقين لها وذلك في المادة (259) أحوال شخصية الأتي ذكرها.

الوجه الثالث: الوصية الواجبة في الفقه الإسلامي:

الأصل في الوصية عامة أن تكون اختيارية فالإنسان حر في أن يوصي أو لا يوصي، ولكن إذا مات الأبن الذي له أولاد في أثناء حياة مورثه(أمه وأبيه) أو يموت معهم، فيحرم أولاد هذا الأبن من ميراث أبيهم الذي كان يستحقه لو عاش حتى وفاة مورثه وذلك بسبب حجب هؤلاء الأولاد بأعمامهم، وعلى هذا فالوصية الواجبة عبارة عن وصية أوجبها القانون لصنف معين من الأقارب منعوا من الميراث بوجود حاجب لهم،  وتحدد لها القوانين مقدار معين وشروط معينة وتنفذ بحكم القانون سواء أوصى المورث أو لم يوصي ، فهذه الوصية واجبة بحكم القانون ، وقد نظم قانون الأحوال الشخصية اليمني الوصية الواجبة في المادة(259) التي نصت على أنه ( إذا توفي أي من الجد او الجدة عن ولده او أولاده الوارثين وعن أولاد ابن او أبناء الأبناء ما نزلوا وكانوا فقراء وغير وارثين لوفاة إبائهم في حياته وقد خلف خيرا من المال ولم يقعدهم فيرضخ لهم مما خلفه بعد الدين كالتالي:
1- لبنات الابن الواحدة او أكثر مثل نصيب بنات الابن الارثي مع بنت الصلب وهو السدس
2- للذكور من أولاد الابن الواحد إذا انفردوا او مع أخواتهم بمثل نصيب أبيهم لو كان حيا بما لا يزيد على الخمس.
3- إذا تعدد المتوفون من الأبناء عن أولاد لهم بنين وبنات فلكل صنف منهم مثل نصيب أبيهم لو كان حيا بحيث لا يزيد ما يرضخ لمجموع الأصناف على الثلث وفي كل هذه الثلاث الحالات يشترط أن لا تزيد حصة الذكر او الأنثى الواحد من أولاد المتوفين على حصة الذكر الواحد او البنت من أولاد الصلب وإلا الغيت الزيادة واقتصر لهم على ما يتساوون به مع أولاد او بنات الصلب ويشترك المتعددون فيما تعين لهم لكل بقدر أصله وللذكر مثل حظ الأنثيين ويحجب كل أصل فرعه لا فرع غيره وتقدم هذه الوصية على غيرها من الوصايا التبرعية). .

الوجه الرابع: الأساس الشرعي للوصية الواجبة:

ذهب إلى تقرير الوصية الواجبة غالبية الزيدية وبعض الحنفية وابن حنبل وابن حزم في رواية، وحجتهم في ذلك أدلة شرعية كثيرة منها قوله تعالى: (( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف)) فأولاد الأولاد من أقرب المقربين إلى جدهم ، وكذا قوله تعالى : (( وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً)) ، كما أنه يجوز للولي أن يجعل المباح واجباً ومن ذلك الوصية للأحفاد عملاً بالقاعدة الشرعية  (لولي الأمر أن يأمر بالمباح إذا كان في ذلك مصلحة ) وعندئذ يجب العمل بإجتهاد ولي الأمر باعتباره نائباً عن الأمة ، وعلى هذا الأساس فقد وافق الحكم محل تعليقنا النصوص الشرعية .

الوجه الخامس: القوانين العربية التي قررت الوصية الواجبة:

قررت الوصية الواجبة غالبية القوانين العربية منها القانون اليمني والمصري والكويتي والسوري والأردني والمغربي وغيرها، وكان القانون المصري السباق في ذلك ، حيث قرر الوصية الواجبة عام 1946م، وكان القانون اليمني من أوائل القوانين العربية التي قررت الوصية الواجبة، حيث قررها أول قانون للأحوال الشخصية الصادر عام 1976م، وعلى هذا فإن الحكم محل تعليقنا قد استند إلى القانون استناداً صحيحاً.

الوجه السادس: المستحقون للوصية الواجبة:

مع أن النصوص الشرعية السابق ذكرها قد أشارت إلى أن المستحقين للوصية الواجبة هم أولوا القربى عامةً الذين لا يستحقون الميراث، فلم تخص أولاد الإبن فقط ، إلا أن القوانين العربية اختلفت في تحديد المستحقين لهذه الوصية ، فالقانون اليمني والسوري والأردني تقتصر فيها الوصية الواجبة على أولاد الولد الذكر فقط دون البنت ، أما القانون المصري فقد حدد المستحقين بأولاد الإبن وإن نزلوا وأولاد البنت فقط دون أحفادها، وقد كان القانون اليمني السابق 1992م يسلك مسلك القانون المصري تماماً في تقرير الوصية الواجبة لأولاد البنت دون أحفادها مثل القانون المصري وفي التعديل للقانون الذي حصل عام 1999م قصر الوصية الواجبة على أولاد الولد بحسب ما  نصت المادة (259) السابق ذكرها،  ومن جهة  أخرى فإن القوانين العربية قد ضيقت كثيراً من نطاق المستحقين للوصية الواجبة  مع أن النصوص في الشريعة الإسلامية قد ذكرت الأقارب عامة ويدخل في ذلك كافة الأقارب الذين لا يرثون ومنهم الأقارب غير المسلمين لأن اختلاف الدين مانع من موانع الإرث، فإذا مات الزوج وترك زوجة غير مسلمة فإنها لا ترثه، وكذا الأب غير المسلم إذا مات ابنه المسلم والعكس صحيح ، فلو كان الأبن المسلم وله أب غير مسلم وغير ذلك فكيف يحرم هؤلاء من الإرث  والوصية الواجبة معاً؟!! وقد وقفت شخصياً على ثلاث حالات ليمنيين متزوجين من روسيات كتابيات كن يتساءلن عما إذا كان من العدل حرمانهن من الإرث والوصية الواجبة معاً، وواحدة منهن كانت تقسم بأن أغلب مخلف زوجها كان من سعيها لأنها كانت تعمل طبيبة ولكنه كانت مكونات أغلب المخلف مسجلة باسم زوجها المتوفي ، وأنها لم تكن تعلم بقواعد الإرث في القانون اليمني، ولذلك ينبغي على القوانين العربية بما فيها القانون اليمني مراعاة هذا الأمر عند تعديل تلك القوانين ، ومن خلال المطالعة للحكم محل تعليقنا نجد أنه قضى بتنفيذ  الوصية الواجبة الصادرة من الجدة لأولاد ابنها.

الوجه السابع: ضوابط الوصية الواجبة وحدودها:

اتفقت القوانين العربية التي أقرت الوصية الواجبة على أن حدها الأعلى الثلث على  أساس أنها وصية والوصية لا ينبغي أن تزيد عن ثلث التركة إلا إذا أجاز الورثة ذلك بعد وفاة مورثهم حسبما ورد في قانون الأحوال الشخصية اليمني ، أما ضوابط الوصية الواجبة فقد وردت في المادة (259) أحوال شخصية السابق ذكرها وهي:1-  ألا يكون الموصى لهم بالوصية وارثين 2- أن يكونوا فقراء 3- أن تكون التركة كبيرة 4-  ألا يكون الجد قد اقعدهم أو أوصى لهم5- ألا تزيد حصة الذكر أو الأنثى الواحد من أولاد المتوفين عن حصة الذكر الواحد أو البنت من أولاد الصلب.

الوجه الثامن: كيفية استخراج الوصية الواجبة:

يتم استخراج الوصية من التركة طبقاً لنص المادة (259) أحوال شخصية على ثلاث خطوات :

الخطوة الأولى: أن يفترض أن الولد الذي توفي أثناء حياة أحد أبويه وارثاً، فتقسم التركة عليه وعلى الورثة الموجودين كما لو كان الجميع أحياء ليعرف مقدار نصيبه كما  لو كان موجوداً.

الخطوة الثانية: يتم إخراج نصيب الأبن المتوفي كما هو إن كان يساوي الثلث فأقل وإن كان يزيد على الثلث رد إلى الثلث إلا إذا أجاز الورثة الآخرون ذلك، لأن الوصية لا تزيد عن الثلث ويتم إخراج الوصية الواجبة قبل تقسيم التركة لأن الوصايا تخرج قبل القسمة.

الخطوة الثالثة:  يتم تقسيم الوصية الواجبة بعد استخراجها وفقاً لقواعد الميراث ولا يتم تقسيمها إلا على من توفرت فيه شروط القسمة الواجبة ، ويتم استخراج الوصية الواجبة قبل استخراج الوصايا الأخرى بموجب ما نصت عليه المادة (259) السابق ذكرها، والله أعلم.  

 

 أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين

كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

 

 

 

author-img
مدونة المحامي اليمني عبدالرقيب محمد القاضي

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  • غير معرف31 ديسمبر 2022 في 4:59 م

    جزاكم الله خير
    سؤالي هل تصح القسمة شفاهتا وكامل المخلف بيد من ادعا بذلك وتأجير المخلف وتسليم غلول المخلف يتم تسليمة الى يدة

    حذف التعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent