recent
جديد المشاركات

الحكم بإلغاء القرار الإداري حجيته مطلقة

 من القواعد المستقرة قانونا و فقها و قضاء أن حجية الحكم قاصرة على أطرافه اي الخصوم الذين انعقدت الخصومة فيما بينهم و صدر الحكم حسما لهذه الخصومة، إلا أن الحكم بإلغاء القرار الإداري له خصوصيته  ومن مظاهر هذه, الخصوصية  انه تكون له الحجية على غير أطرافه، وحجية الحكم بإلغاء القرار الإداري على الغير كان من المبادئ التي استخلصتها المحكمة العليا في اليمن من الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ ١٢/٨/٩٩٩١م في الطعن الإداري رقم (١) لسنة ٢٢٤١هـ حيث قضت الدائرة بأن ( سلطة قاضي الإلغاء مقصورة على التأكد من مشروعية القرار الإداري المطعون فيه أمام قاضي الإلغاء فإذا وجد القاضي أن القرار الإداري المطعون فيه غير مطابق للقانون أو  اللائحة أو لم يصدر على مقتضى القانون أو اللائحة فيحكم بإلغائه فقط دون أن يلزم الإدارة مصدرة القرار بعمل شيء، وتكون حجية  الحكم الإداري في هذه الحالة مطلقة بمعنى أنه يحتج به في مواجهة الكافة فلا تكون حجيته مقصورة على أطراف الدعوى فقط) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية :

الوجه الأول : ماهية حجية الأحكام :

المقصود بحجية الأحكام أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي به تكون سندا فيما فصلت فيه فلا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، وحتى تحوز الأحكام الحجية فلابد من توفر ثلاثة شروط  الشرط الأول : وحدة الخصوم : فالحجية تكون بالنسبة لأطراف الخصومة ولا يتمسك بها من هو خارج على الخصومة بحجة أن المصالح متشابهة، الشرط الثاني : وحدة الموضوع : وهي المسألة الموضوعية وهي الحق المطالب به من قبل الخصم أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها التي فصل فيها الحكم ، الشرط الثالث : وحدة السبب : وهي الواقعة القانونية التي يستمد منها الخصم الحق الذي يدعيه والسبب لا يتغير بتغير الأدلة التي يستند إليها الخصوم.

الوجه الثاني : الحجية النسبية والحجية المطلقة للأحكام :

الحجية التي تحوزها الأحكام القضائية تتراوح بين صورتين الأولى هي الحجية النسبية والثانية هي الحجية المطلقة، فالحجية النسبية تنحصر آثارها على أطراف الخصومة ولا تمتد إلى الغير حيث تكون حجة على من صدرت في حقه       كالأحكام المقررة للالتزامات المالية على الأطراف في الدعوى المدنية أما الحجية المطلقة فيمتد أثرها وتسري في مواجهة الكافة اي ان أثرها يسري على الغير الذي لم يكن طرفا في الدعوى كالحجية التي تحوزها الأحكام الصادرة في المواد الجنائية أو الأحكام بإلغاء القرار الإداري ،ومما يجدر ذكره أن الأحكام القضائية مثل القوانين من حيث أثرها الرجعي والفوري فالأحكام الصادرة بإلغاء القرار الإداري يكون أثرها رجعيا لأنها تجعل القرار الإداري المعيب الذي صدر قبل صدور الحكم كأن لم يكن وتمحو جميع الآثار التي ترتبت على هذا القرار الملغي ،أما الأحكام المنشئة فإنها تسري بأثر فوري مباشر مالم ينص القانون على خلاف ذلك ، حيث أنها تنشئ للمحكوم له حقا لم يكن له وجود قبل صدور الحكم .

الوجه الثالث : الحجية المطلقة للحكم بإلغاء القرار الإداري :

قرر الحكم محل تعليقنا الحجية المطلقة للحكم بإلغاء القرار الإداري حيث يكون هذا الحكم حجة على غير أطرافه وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء العربي حسبما ذهب الأستاذ الدكتور سامي جمال الدين في كتابه ( إجراءات المنازعة الإدارية في دعوى إلغاء القرارات الإدارية ) ص٥٨١ حيث قال ولا يشترط لإعمال حجية حكم الإلغاء المطلقة اتحاد الخصوم أو الموضوع أو السبب فيجوز لكل من يكن طرفا في دعوى الإلغاء أن يتمسك بالحكم الصادر فيها .

الوجه الرابع: السند القانوني لاكتساب الحكم بإلغاء القرار الإداري الحجية المطلقة :

يستند ذلك إلى الطبيعة العينية او الموضوعية لدعوى إلغاء القرار الإداري المعيب التي تقوم على اختصام القرار الإداري المعيب فهذه الدعوى تتجه إلى اختصام القرار وليس اختصام الجهة التي أصدرته اي ان دعوى الإلغاء تختلف من هذه الناحية عن الدعاوى الأخرى، وعلى ذلك يكون الحكم بإلغاء القرار الإداري اعداما له واعتباره كأن لم يكن ، وبناء على هذه الحجية المطلقة للحكم بإلغاء القرار فإنه يجوز لكل شخص ذي مصلحة حق التمسك بإلغاء هذا القرار ولو لم يكن طرفا في دعوى الإلغاء .

الوجه الخامس : الحكم بإلغاء القرار الإداري غير المشروع لا يصاحبه إلزام الإدارة بعمل شيء :

قرر الحكم محل تعليقنا أن الحكم بإلغاء الإداري غير المشروع ينبغي أن يقتصر على إلغاء القرار الإداري غير المشروع فقط لأن موضوع الخصومة في دعوى الإلغاء هو هذا القرار وليس غيره وان الهدف من ذلك هو الرقابة القضائية على قرارات الإدارة العامة هو ضمان مشروعية هذه القرارات وعدم مخالفتها للقانون حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا الذي قرر ان الحكم الإداري  بإلغاء القرار الاداري المخالف للقانون يجب ان يقتصر على الإلغاء فقط دون أن يتضمن هذا الحكم إلزام الإدارة العامة بأي عمل آخر، والله أعلم.

أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

 

 

author-img
مدونة المحامي اليمني عبدالرقيب محمد القاضي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent