الدكتور عبدالرزاق السنهوري
تنص المادة 174 من القانون المدني على ما يأتي: " 1 - يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً في حال تأدية وظيفته أو بسببها " .
تنص المادة 174 من القانون المدني على ما يأتي: " 1 - يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً في حال تأدية وظيفته أو بسببها " .
" 2 - وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن حراً في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وتوجيه ( ) " .
ويتبين من هذا النص أن القانون الجديد وسع من دائرة الأعمال التي يسأل عنها المتبوع ، إذ ذكر أنها الأعمال التي تقع من التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها ، وفي هذا لم يفعل القانون الجديد إلا أن يسجل ما جرى عليه القضاء المصري في هذه المسألة ثم حدد علاقة التبعية بأنها تقوم على سلطة فعلية في الرقابة والتوجيه . ولا تقوم ضرورة على حق الاختيار ، وهذا أيضاً ما كان القضاء المصري يجري عليه ، ولم يزد القانون الجديد على أن سجله .
فنصوص القانون الجديد في هذا الموضوع ، وإن كانت أدق وأكثر وضوحاً من نصوص القانون القديم ، لم تستحدث جديداً ، بل اقتصرت على تسجيل الأحكام التي اقرها القضاء المصري .
ونبحث هنا ، كما بحثنا في مسئولية متولي الرقابة ، أمرين ( 1 ) متى تتحقق مسئولية المتبوع عن التابع ( 2 ) الأساس الذي تقوم عليه هذه المسئولية .
المطلب الأول
متى تتحقق مسئولية المتبوع
676 - شرطان :تتحقق المسئولية إذا قامت علاقة تبعية ما بين شخصين متبوع وتابع ، وارتكب التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها خطأ أحدث ضرراً .
فتحقق المسئولية يستلزم إذن توافر شرطين : ( 1 ) علاقة التبعية ( 2 ) خطأ التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها .
1 - علاقة التبعية
( lien de preposition )
677 - عنصران : تقوم علاقة التبعية في كثير من الحالات على عقد الخدمة . ولكنها لا تقتضي حتما وجود هذا العقد ، بل هي لا تقتضي أن يكون التابع مأجوراً من المتبوع على نحو دائم ، أو أن يكون مأجوراً على الإطلاق . فلا ضرورة إذن ، في قيام علاقة لأن يكون هناك عقد أصلاً بين الاثنين /
وقد بينت الفقرة الثانية من المادة 174من القانون المدني الجديد ما هو المقصود بعلاقة التبعية . إذ نصت على ما يأتي : " وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه " فعلاقة التبعية تقوم إذن على هذه السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه التي تثبت للمتبوع على التابع ( ) . ونستعرض هذين العنصرين : ( 1 ) عنصر السلطة الفعلية ( 2 ) وعنصر الرقابة والتوجيه .
678 - عنصر السلطة الفعلية :تقوم علاقة التبعية على سلطة فعلية . فليس ضرورياً من جهة أن تكون هذه السلطة عقدية تقوم على الاختيار ، ولا أن تكون من جهة أخرى سلطة شرعية .
ليس من الضروري أن تكون سلطة عقدية تقوم على الاختيار وقد قدمناه أن علاقة التبعية لا تقتضي حتماً أن يكون هناك عقد بين التابع والمتبوع . وقد يوجد هذا العقد . بل هو موجود في كثير من الأحوال ، ويغلب أن يكون عقد عمل . فالعامل والخادم والطاهي والسائق والمستخدم والموظف ، كل هؤلاء تابعون ومتبوعهم هو رب العمل أو سيد البيت أو صاحب المتجر أو الحكومة . ولكن علاقة التبعية ، حتى في هذه الأحوال ، لا تقوم على عقد العمل . فلو أن هذا العقد كان باطلاً ، لبقيت مع ذلك علاقة التبعية قائمة ما دامت هناك سلطة فعلية للمتبوع على التابع . بل ليس من الضروري أن يكون المتبوع قد اختار شخص تابعه . ويعتبران خطأ المتبوع المفترض هو خطأ في الاختيار ( culpa ineligendo ) . ولكنهما نبذا هذا الرأي تدرجاً فأجاز أولاً أن يكون الاختيار مقيداً . أي محصوراً في أشخاص معينين لا يملك المتبوع أن يختار تابعه إلا منهم . كما إذا كان الاختيار موكولاً إلى مسابقة يشترط للتقدم إليها مؤهلات خاصة . ثم أجازا بعد ذلك أن يكون الاختيار مفروضاً على المتبوع . كالسفينة تدخل في الميناء فيقودها " مرشد " لا تملك أن تختار سواه . وكمجلس بلدي يقوم بالعمل عنده موظفون تعينهم الحكومة فلا يد له في اختيارهم وكما أنه ليس من الضروري أن يكون للمتبوع حق اختيار تابعه . كذلك ليس من الضروري أن يملك أمر فصله وهذا هو شأن موظفي المجلس البلدي اللذين عينتهم الحكومة ، فالمجلس لم يخترهم ولا يملك أمر فصلهم ، بل الحكومة هي التي تعينهم وتفصلهم . ومع ذلك فإنهم يعتبرون تابعين للمجلس البلدي لا للحكومة .
وليس من الضروري أن تكون السلطة شرعية ، بل يكفي أن تكون سلطة فعلية . فقد لا يكون للمتبوع الحق في هذه السلطة ، بأن يكون استمدها من عقد باطل أو عقد غير مشروع أو اغتصبها دون عقد أصلاً ، ولكنه مادام يستعملها فعلاً بل ما دام يستطيع أن يستعملها حتى لو لم يستعملها بالفعل ، فهذا كاف في قيام علاقة التبعية ( ) .
679 - عنصر الرقابة والتوجيه : ويجب أن تكون هذه السلطة الفعلية منصبة على الرقابة والتوجيه ( ) . فالمتبوع لا بد أن تكون له السلطة في أن يصدر لتابعه من الأوامر ما يوجهه بها في عمله ولو توجيها عاماً ( ) . وان تكون له الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ( ) .
ولا يكفي أن يكون هناك مطلق رقابة وتوجيه . فالأب له الرقابة على ولده . ومعلم الحرفة يوجه صبيه ، ولا يستلزم هذا أن يكون الولد تابعاً للأب ولا أن يكون الصبي تابعاً لمعلم الحرفة . بل لا بد أن تكون هذه الرقابة والتوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع ( ) . وهذا ما يميز المتبوع عن الأب ومعلم الحرفة ومقدم العمال . إذ الأب له الرقابة على ولده ولكن في غير عمل معين ، ومعلم الحرفة ومقدم العمال لهما الرقابة والتوجيه على الصبية والعمال في عمل معين ، ولكن الصبية لا يقومون بهذا العمل لحساب معلمهم بل ليتدربوا على العمل . والعمال لا يقومون بالعمل لحساب المقدم عليهم بل لحساب رب العمل ، فهم والمقدم معهم تابعون جميعاً لرب العمل ( ) . وتتراخى علاقة الرقابة والتوجيه ، حتى إذا لم يبق لدى المتبوع سلطة كافية في الرقابة والتوجيه انعدمت علاقة التبعية . فالأطباء الذين يعملون في مستشفي لحسابهم لا يعتبرون تابعين لإدارة المستشفي . وأعضاء الجمعية لا يعتبرون تابعين لها . والشركاء لا يعتبرون تابعين للشركة ( ) . والمقاول إذا كان مستقلاً لا يعتبر تابعاً لرب العمل ، وهذا فرق ما بين عقد العمل وعقد المقاولة ( ) . وإذا أعار شخص سيارته لصديق وترك له زمامها فلا يعتبر الصديق تابعاً لصديقه ، ولكن إذا ترك الأب سيارته لولده يقودها وأشرف عليه في قيادتها اعتبر تابعاً لأبيه ( ) . وإذا استأجر صاحب السيارة سائقاً اعتبر هذا السائق تابعاً له ( ) . أما إذا استأجر شخص سيارة بالأجرة ( تاكسي ) فإن السائق لا يكون له تابعاً له لأنه مستقل عنه وليس للراكب عليه حق الرقابة والتوجيه ( ) أما العلاقة فيما بين الموكل والوكيل فقد تكون علاقة تبعية أو لا تكون . تبعاً لما إذا كان الوكيل خاضعاً أو غير خاضع لرقابة الموكل وتوجيهه في العمل الذي عهد به إليه ( ) .
وقد تتوزع الرقابة والتوجيه بين أكثر من شخص وأحد . فإذا استخدم عدة أشخاص شخصاً واحداً في عمل مشترك لهم . كانوا كلهم متبوعين لمستخدمهم وكانوا مسئولين عن عمله بالتضامن فيما بينهم . وقد يقوم شخص بأعمال متفرقة لأشخاص متعددين . كالخادم تقوم بالشؤون المنزلية لأسرات متعددة في أوقات متعاقبة فتنتقل من منزل إلى آخر . ونكون في هذه الحالة تابعة للمخدوم الذي تقوم بشؤون منزله في الوقت الذي تؤدي فيه هذا العمل ( ) . وقد يعير المتبوع تابعه لشخص آخر ، فإذا استبقى المعير رقابته وتوجيهه بقى متبوعاً ، أما إذا انتقلت الرقابة والتوجيه إلى المستعير كان هذا هو المتبوع . مثل ذلك شخص يعير سيارته مع سائقها لصديق ، فإن انتقلت الرقابة والتوجيه إلى الصديق وبخاصة إذا كانت الإعارة لمدة طويلة أصبح السائق تابعاً له ( ) ويظل السائق تابعاً لمتبوعه الأول إذا كان هذا قد احتفظ لنفسه بحق الرقابة والتوجيه .
وليس من الضروري أن يكون المتبوع قادراً على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية ، بل يكفي أن يكون من الناحية الإدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه . فصاحب السيارة حتى لو لم يكن يعرف القيادة متبوع لسائقها ، وصاحب المستشفي متبوع لأطبائه الذين يعملون لحسابه في المستشفي حتى لو لم يكن هو نفسه طبيباً ( ) وقد يكون المتبوع غير قادر على الرقابة والتوجيه حتى من الناحية الإدارية . كأن يكون صغيراً أو غير مميز . فينوب عنه نائبه من ولي أو وصى أو قيم ، في القيام بالرقابة على التابع وفي توجيهه ( ) .
2 - خطأ التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها
680 - أمران : متى قامت علاقة التبعية بين شخصين على النحو الذي قدمناه ، فإن مسئولية المتبوع عن التابع تتحقق إذا ارتكب التابع خطأ أضر بالغير في حالة تأدية وظيفته أو بسببها . وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الأولي من المادة 174 : " يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها " .
فيشترط إذن أمران ( 1 ) أن يرتكب التابع خطأ يضر بالغير ( 2 ) وأن يرتكب هذا الخطأ في حال تأدية وظيفته أو بسببها .
681 - خطأ يرتكبه التابع يضر بالغير : لا تقوم مسئولية المتبوع إلا إذا تحققت مسئولية التابع فإن الأولي فرع عن الثانية ( ) .
وحتى تقوم مسئولية التابع يجب أن تتوافر بالنسبة إليه أركان المسئولية الثلاثة : والخطأ والضرر وعلاقة السببية .
فيجب إذن على المضرور . حتى في رجوعه على المتبوع . أن يثبت خطأ التابع . ومن الجائز في بعض الحالات أن تتحقق مسئولية التابع على أساس خطأ مفترض . مثل ذلك أن يكون التابع مدرساً في مدرسة أميرية . فتقوم مسئوليته عن تلاميذه على أساس خطأ مفترض افتراضاً يقبل إثبات العكس . فإذا لم يثبت العكس كان مسئولاً بمقتضى هذا الخطأ المفترض وكانت الحكومة مسئولة عنه باعتبارها متبوعاً . ومثل ذلك أيضاً أن يقود التابع سيارة هو الحارس لها ، ويدهس أحد العابرة حال تأدية وظيفته أو بسبب هذه الوظيفة ، فإن مسئولية تتحقق في هذه الصورة على أساس خطأ مفترض افترضاً لا يقبل إثبات العكس باعتباره الحارس للسيارة ، وتتحقق معها مسئولية المتبوع . فالقاعدة إذن أنه حيث تتحقق مسئولية التابع ، بناء على خطأ واجب الإثبات أو بناء على خطأ مفترض افتراضاً قابلاً لإثبات العكس أو غير قابل لذلك ، فإن مسئولية المتبوع تقوم إلى جانب مسئولية التابع ( ) .
ويجب على المضرور كذلك أن يثبت أن خطأ التابع قد ألحق به الضرر . وسنرى أنه يجوز أن يكون المضرور هو أيضاً تابعاً لنفس المتبوع ، فيبقى المتبوع مسئولاً أمامه عن خطأ الأول . أما إذا كان المضرور هو المتبوع ذاته ، فسترى أن التابع لا يستطيع أن يتمسك بخطأ مفترض ضده ليتخفف من المسئولية ، وكذلك إذا كان المضرور هو التابع وقد ألحق الأذى بنفسه وهو في خدمة متبوعة ، فسنرى أنه لا يرجع على المتبوع بخطأ مفترض .
682 - حال تأدية الوظيفة أو بسببها - القاعدة العامة : ويجب أن يكون التابع قد ارتكب الخطأ حال تأدية وظيفته أو بسببها . وهذا هو الضابط الذي يربط مسئولية المتبوع بعمل التابع . ويبرر في الوقت ذاته هذه المسئولية . فإنه لا يجوز إطلاق مسئولية المتبوع عن كل خطأ يرتكبه التابع ، وإلا كانت هذه المسئولية غير مستساغة ولا معقولة إذا اقتصرت على الخطأ الذي يرتكبه التابع حال تأدية وظيفته أو بسببها ، ففي هذه الحدود وحدها يقوم الأساس الذي تبنى عليه مسئولية المتبوع ، سواء كان هذا الأساس خطأ مفترضاً أو ضماناً أو امتداداً لشخصية المتبوع على النحو الذي سنبسطه فيما بعد .
والقاعدة هي أن يقع الخطأ من التابع وهو يقوم بعمل من أعمال وظيفته أو أن يقع الخطأ منه بسبب هذه الوظيفة . فلا يكفي أن يقع الخطأ بمناسبة الوظيفة ( aloccasion de la fonction ) ، بأن تكون الوظيفة قد سهلت ارتكاب الخطأ أو ساعدت عليه أو هيأت الفرصة لارتكابه ( ) . بل يجب إذا لم يكن الخطأ قد وقع في عمل من أعمال الوظيفة ، أن تكون هناك في القليل علاقة سببية وثيقة بين الخطأ والوظيفة ، بحيث يثبت أن التابع ما كان يستطيع ارتكاب الخطأ أو ما كان يفكر في ارتكابه لولا الوظيفة . ويستوي أن يتحقق ذلك عن طريق مجاوزة التابع لحدود وظيفته . أو عن طريق الإساءة في استعمال هذه الوظيفة ، أو عن طريق استغلالها ( ) . ويستوي كذلك أن يكون خطأ التابع قد أمر به المتبوع أو لم يأمر ( ) ، علم له أو لم يعلم ( ) . عارض فيه أو لم يعارض ( ) . ويستوي أخيراً أن يكون التابع في ارتكابه للخطأ قد قصد خدمته متبوعه أو اندفع إلى الخطأ بحافز شخصي ( ) . يستوي كل ذلك ما دام الشرط الذي أسلفناه ذكره قد توافر ، فلم يكن التابع ليستطيع ارتكاب الخطأ أو لم يكن ليفكر في ارتكابه لولا الوظيفة ( ) .
وإذا كان لا يكفي لمساءلة المتبوع أن يقع الخطأ بمناسبة الوظيفة ، فأولي ألا تتحقق هذه المساءلة إذا كان خطأ التابع أجنبياً عن الوظيفة لا تربطه بها أي علاقة .
ويخلص لها مما قدمناه حالات أربع : ( 1 ) الخطأ في تأدية الوظيفة . ( 2 ) الخطأ بسبب الوظيفة ( 3 ) الخطأ بمناسبة الوظيفة ( أو الخطأ الذي هيأت له الوظيفة ) .
( 4 ) الخطأ الأجنبي عن الوظيفة .
والخطأ في الحالتين الأوليين يحقق مسئولية المتبوع ، ولا يحققها في الحالتين الأخيرتين . ونستعرض كلا من الحالات الأربع .
683 - الخطأ في تأدية الوظيفة : الأصل أن الخطأ الذي يرتكبه التابع . فتتحقق به مسئولية المتبوع . يقع وهو عملاً من أعمال وظيفته . فسائق السيارة ، وهو تابع لصاحبها . إذا دهس شخصاً في الطريق عن خطأ يكون قد ارتكب هذا الخطأ وهو يقود السيارة مسئولاً عن هذا الخطأ والخادم وهو يقوم بأعمال النظافة في منزل مخدومة . فيلقي خطأ في الطريق جسيماً صلباً يؤذي أحد المار . يرتكب الخطأ وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته ، فيكون المخدوم مسئولاً عنه . وخفير الدرك وهو يضبط المتهم ، فيطلق عياراً نارياً عن خطأ منه فتصيب مقتلاً من المتهم ، يكون قد ارتكب خطأ وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفة ، وتكون الحكومة مسئولة عنه . والطبيب الذي يعمل لحساب مستشفي . إذا أخطأ في علاج مريض ، يكون قد ارتكب الخطأ وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته ، فتكون إدارة المستشفي مسئولة عنه وقس على هذه الأمثلة كثيراً غيرها ( ) .
وقد قدمنا أنه يستوي أن يكون الخطأ في تأدية الوظيفة قد وقع بناء على أمر من المخدوم ، أو يغير أمر منه ولكن بعمله, أو بغير علم منه ولكن دون معارضة ، أو وقع الخطأ بالرغم من معارضة المخدوم . والخطأ في جميع هذه الأحوال هو, كما عرفناه ، انحراف عن السلوك المألوف للرجل المعتاد .
684 - الخطأ بسبب الوظيفة : وقد يرتكب التابع الخطأ وهو لا يؤدي عملاً من أعمال وظيفته ، ولكن الوظيفة تكون هي السبب في ارتكابه لهذا الخطأ فيكون المتبوع مسئولاً عنه في هذه الحالة ، لأن هناك علاقة وثيقة بين الخطأ والوظيفة ، إذ كانت الوظيفة هي السبب المباشر للخطأ .
ولا يكفي القول بالسببية المباشرة لتحديد الحالة التي نحن بصددها بل يجب أن نسير خطوة أبعد في هذا التحديد . ونورد طائفتين من الأمثلة تقتطفها من أحكام القضاء المصري ، لنستخلص المعيار الذي يصلح أساساً لكل طائفة منهما .
الطائفة الأولي : ( ! ) أحب خفير امرأة متزوجة ، فاستدرج زوجها إلى دركه ليلاً وقتله لتخلص له الزوجة ، فقضت محكمة النقض بأن الحكومة مسئولة عن عمل الخفير ، وقالت : " إذا كان الخطأ الذي وقع من المتهم ، وضر به المدعى بالحق المدني ، إنما رقع منه بوصفه خفيراً وفي الليل وفي الدرك المعين لتأدية خدمته فيه وبالسلاح المسلم إليه من الحكومة التي استخدمته ، وأنه إنما تذرع بوظيفته في التضليل بالمجني عليه حتى طاوعه وجازت عليه الخدعة ، ثم تمكن من الفتك هي التي سهلت له ارتكاب جريمته ، فمسئولية الحكومة من تعويض الضرر الذي تسبب فيه المتهم باعتباره خفيراً معيناً من قبلها ثابتة : سواء على أساس أن الفعل الضار وقع منه أثناء تأدية وظيفته ، أو على أساس أن الوظيفة هي التي هيأت له ظروف ارتكابه ( ) "
( 2 ) ذهب صراف إلى المركز في عمل من أعمال وظيفته . فكلف العمدة خفيرين بحراسته ، فانقض عليه الخفيران في الطريق وقتلاه . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن الجريمة ارتكبت في أثناء تأدية الخفيرين لوظيفتهما ، فتكون الحكومة مسئولة عنهما ( ) .
( 3 ) ذهب كونستابل في مهمة رسمية ومعه مسدسه ، فزار في الطريق بعض أقاربه ، وفي أثناء الزيارة عبث بالمسدس فانطلق وأصاب مقتلاً من صبي كان بجانبه . فاعتبرت محكمة النقض الحكومة مسئولة عن عمل الكونستابل ، وقالت في أسباب حكمها إن المادة152 ( قديم ) إذا تقرر مسئولية السيد عن الضرر الناشئ للغير عن أفعال خدمه متى كان واقعاً منهم في حال تأدية وظائفهم قد عممت ، فلم تجعل المسئولية واجبة فقط عن الأضرار الناشئة من تأدية الوظيفة نفسها ، بل جعلتها واجبة أيضاً عن الأضرار الناشئة عن كل فعل وقع حال تأدية الوظيفة ولو لم يكن من أعمال الوظيفة ذاتها ولكن هيأه للخادم أداؤه الوظيفة بحيث لولا هذا الأداء ما كان هذا الفعل ليقع كما وقع . فإذا كان الضرر الذي وقع من الموظف نتيجة عبثه بسلاح تسلمه بحكم وظيفته ، فالوزارة التي هو تابع لها مسئولة عن تعويض هذا الضرر ( ) " .
( 4 ) كلف سيد خادمه بإحضار أحد العمال لإصلاح سيارته ، وأعطاه بطاقتين ليشتري بهما " البنزين " فأحضرت الخادم عاملاً فحص السيارة وقرر أن ليس بها عطل ، فأخذها الخادم واشترى البنزين ، وذهب يبحث عن سيده ليسلمه السيارة ، فأصاب أحد العابرة بخطئه . فقضت محكمة النقض بمسئولية السيد عن الخادم ، قالت في أسباب حكمها : " السيد مسئول عن خطأ تابعه ولو كان هذا الخطأ قد وقع منه وهو متجاوز حدود وظيفته ، ما دامت وظيفته هي التي هيأت له إتيان خطئه . المستوجب للمسئولية ( ) .
( 5 ) ترصد فراش لناظر مدرسته معتزماً اغتياله لاعتقاده أن الناظر يضطهده واقترب الفراش من سيارة الناظر متظاهراً أنه يفتح له بابها بصفته رئيساً له وقتله بسكين أعدها لهذا الغرض . فاعتبرت محكمة النقض الحكومة مسئولة عن الفراش ، وقالت في أسباب حكمها : " إذا كان الفعل لم يقع من التابع وقت تأدية وظيفته بالذات ، ففي هذه الحالة تقوم المسئولية كلما كانت الوظيفة هي التي ساعدت على إثبات الفعل الضار وهيأت للتابع بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه ، لأن المخدوم يجب أن يسأل في هذه الحالة على أساس إساءة الخدم استعماله شؤون الخدمة التي عهد هو بها إليهم ، متكفلاً بما افترضه القانون في حقه من وجوب مراقبتهم وملاحظتهم في كل ما تعلق بها . فإذا ترصد المتهم عند باب المدرسة التي يشتغل بها فراشاً مع زملائه الفراشين فيها حتى موعد انصراف المجني عليه منها ( وهو مدرس منتدب للقيام بأعمال نظارة المدرسة ) . وتمكن منه في هذه الفرصة واغتياله في هذا المكان وهو يتظاهر بأنه إنما يقترب منه لكي يفتح له بصفته رئيساً باب السيارة التي كانت في انتظاره . فذلك يبرر قانوناً إلزام الوزارة بتعويض الضرر الذي وقع على المجني عليه من خادمها المتهم ( ) " ( 6 ) سرق أحد سعاة البريد كتاباً ( خطاباً ) تسلمه بحكم وظيفته ، فاعتبرت محكمة الاستئناف الوطنية أن مصلحة البريد مسئولة عنه ( )
( 7 ) ترك السائق السيارة وبها مفتاح الحركة التابع آخر لمخدومه ( خفير زراعة ) فعبث هذا التابع بالمفتاح ، فانطلقت السيار ، وأصابت شخصين في الطريق فاعتبرت محكمة النقض المخدوم مسئولاً عن عمل كل من السائق وخفير الزراعة ( ) .
والمتأمل في هذه الطائفة من الأحكام يستطيع ردها جميعاً إلى أصل وأحد ففي كل منها يرتكب التابع خطأ لم يكن يستطيع ارتكابه لولا وظيفته فالخفير في المثل الأول ما كان يستطيع استدراج الزوج إلى الدرك لولا تذرعه بوظيفته والخفيران في المثل الثاني ما كانا يستطيعان قتل الصراف لو لم يكلفا بحراسته . والكونستابل في هذا المثل الثالث ما كان ليعبث بالمسدس لو لم يتسلمه بحكم الوظيفة والخادم في المثل الرابع ما كان ليصيب العابر لو لم يتسلم السيارة من سيده باعتباره خادماً له . والفراش في المثل الخامس لم يكن ليستطيع اغتيال الناظر لولا تقدمه إلى باب السيارة باعتباره فراشاً ( ) وساعي البريد في المثل السادس لم يكن ليسرق الكتاب لو لم يتسلمه بحكم عمله وخفير الزراعة في المثل الأخير ما كان ليعبث بمفتاح الحركة في السيارة لو لم يكن خفيراً عند مخدومه .
نقول إن المعيار الذي يستخلص من هذه الأمثلة هو أن التابع لم يكن ليستطيع ارتكاب الخطأ لولا الوظيفة وتعارض بهذا المعيار معيارين آخرين قال بأحدهما القضاء ، وقال الفقه بالثاني .
أما معيار القضاء فهو هذا الذي تكرر في الأسباب التي نقلناها عن محكمة النقض ، إذ غلب فيها ذكر أن الوظيفة هي التي ساعدت على إثبات الخطأ وهيأت الفرصة لارتكابه ( ) . وكانت المحكمة في عنى عن هذا المعيار الذي يفيض عن الحاجة فيما يتسع له ( ) فليس كافياً أن تكون الوظيفة ساعدت على إثبات الخطأ أو أنها هيأت الفرصة لارتكابه ، بل يجب فوق هذا إثبات أن التابع ما كان يستطيع ارتكاب الخطأ لولا الوظيفة . فعلاقة الوظيفة بالخطأ ليست فحسب أنها ساعدت عليه وهيأت الفرصة لارتكابه ، . بل هي أكثر من ذلك ، إذ هي ضرورية لإمكان وقوع الخطأ ، واولادها لما استطاع التابع أن يأتي العمل الذي جعله مسئولاً .
وأما معيار الفقه فيتلخص كما أسلفنا في أن تكون الوظيفة سبباً مباشراً للخطأ ( ) والسببية المباشرة ، فوق ما تنطوي عليه من إبهام ، لا تزال أوسع من المعيار الذي نقول به . فقد تكون الوظيفة سبباً مباشراً للخطأ دون أن تكون ضرورية في ارتكابه .
فنحن إذن نؤثر المعيار الذي قررناه ، ونذهب إلى أن الوظيفة يجب أن تكون ضرورية لارتكاب الخطأ ( ) . وهذا هو المعيار الأول في الخطأ بسبب الوظيفة ، استخلصناه من هذه الطائفة الأولي من الأحكام . وتنتقل الآن إلى المعيار الثاني ، نستخلصه من الأحكام التي تنتظمها الطائفة الثاني .
الطائفة الثانية ( 1 ) ارتكب موظف إداري جريمة تحط من كرامة أشخاص ينتمون إلى الحزب المعارض لسياسة الحكومة ، لا مدفوعاً بعامل شخصي ، بل إرضاء للحكومة القائمة ، وابتغاء الزلفي عندها . فقضت محكمة جنايات المنصورة ( ) بأن الحكومة تكون مسئولة عن هذا الموظف ، وأيدت محكمة النقض ( ) هذا الحكم .
( 2 ) رأى خادم سيده يتضارب مع شخص آخر ، فبادر إلى مساعدته ، وضرب الشخص الآخر ضرباً لم يقصد به قتله لكنه أفضى إلى موته . فقضت محكمة النقض بأن السيد يعتبر مسئولاً عن نتيجة الأعمال التي ارتكبها الخادم في مصلحة سيده ، ولو كانت هذه النتيجة أشد خطورة مما كان يريده السيد ( ) .
( 3 ) نسب إلى أعمال أحد المقاولين أنهم اعتدوا على أرض زراعية ، فغضب ناظر الزراعة واعتدى على هؤلاء العمال اعتداء مسلحاً . فاعتبرت محكمة الاستئناف المختلطة أن الدائرة التي يعمل ناظر الزراعة في خدمتها ، والتي وقع الاعتداء المسلح على العمال لحمايتها ، مسئولة عن عمل ناظر الزراعة ، سواء كان هذا العمل الذي قصد به الناظر مصلحتها قد أدى إلى نفعها أو عاد عليها بالضرر ( ) .
( 4 ) انهم شخص بالسرقة ، فأراد وكيل شيخ الخفير أن يفرض عليه صلحاً لقاء مبلغ من النقود يدفعه لمن وقعت عليه السرقة ، ولما لم يجد معه نقوداً ضربه ضرباً افضى إلى موته فاعتبرت محكمة النقض أن الحكومة مسئولة عن عمل وكيل شيخ الخفر ، وقالت في أسباب حكمها أن المجني عليه " كان تحت حراسة رجال الحفظ الذين منهم وكيل شيخ الخفر ، فإذا ما تعدى هذا الأخير عليه بالضرب في هذا الظرف ، كان هذا التعدي واقعاً منه أثناء تأدية وظيفته . ولم يكن التفتيش والضرب إلا اعتماداً على تلك الوظيفة وبذلك تكون الحكومة مسئولة مدنياً عن نتيجة خطأ المتهم طبقاً للمادة 152مدني ( قديم ) ، ولا تأثير للباعث على الجريمة وهو فرض الصلح على المجني عليه في الدعوى الحالية وعدم قيامه بدفع المبلغ المطلوب منه ، لأن نص تلك المادة صريح في فرض المسئولية على المخدوم عن كل ما يأتيه الخادم حال تأدية عمله بقطع النظر عن البواعث التي يمكن أن تكون قد دفعته إلى ارتكاب ما ارتكب . ولأن أساس مسئولية المخدوم عن خطأ خادمه يرتكز على افتراض سوء الاختيار والنقص في المراقبة . ويكفي لقيام هذا الافتراض أن يرتكب الخادم خطأ أثناء تأدية عمله ، سواء كان هذا الخطأ ناشئاً عن باعث شخصي له أو عن الرغبة في خدمة المخدوم ( ) "
( 5 ) اعتدى سائق إحدى السيارات العامة على راكب بسبب ما أبداه الراكب من الاعتراض على السائق لعدم وقوفه عند محطة إجبارية ، فاعتبرت محكمة الاستئناف المختلطة أن الشركة التي يعمل السائق في خدمتها مسئولة عن خطأ هذا السائق ( ) .
والمتأمل في هذه الطائفة من الأحكام يستطيع أن يردها هي أيضاً إلى أصل وأحد ففي كل منها يرتكب التابع خطأ لم يكن ليفكر في ارتكابه لولا الوظيفة فالموظف الإداري في المثل الأول ما كان ليفكر في الاعتداء على الأشخاص الذين ينتمون إلى الحزب المعارض لولا وظيفته ، وما ولدته هذه الوظيفة في نفسه من الرغبة في تملق الحكومة القائمة . والخادم في المثل الثاني ما كان ليفكر في ضرب المعتدي على سيده لولا أنه خادم هذا السيد . وناظر الزراعة في المثل الثالث ما كان ليفكر في الاعتداء على العمال لولا أنه يعمل في خدمة الدائرة التي قصد حمايتها . ووكيل شيخ الخفر في المثل الرابع ما كان ليفكر في ضرب المتهم لو لم يكن من رجال الحفظ وقد رغب في إنهاء الحادث صلحاً . والسائق في المثل الخامس ما كان ليفكر في الاعتداء على الراكب لو لم يكن هو السائق للسيارة . ومن ثم فالمعيار الثاني الذي يستخلص من هذه الأمثلة هو أن التابع لم يكن ليفكر في ارتكاب الخطأ لولا الوظيفة .
فهناك إذن معياران للخطأ بسبب الوظيفة ، ويعتبر التابع قد ارتكب خطأ بسبب وظيفته إما لأنه لم يكن ليستطيع ارتكاب هذا الخطأ ، وإما لأنه لم يكن ليفكر في ارتكابه ، لولا الوظيفة ( ) .
685 - الخطأ بمناسبة الوظيفة :ويتبين مما تقدم أن المتبوع لا يكون مسئولاً إذا لم يكن خطأ التابع قد وقع بسبب الوظيفة على النحو الذي فصلناه ، بل كان هذا الخطأ قد وقع بمناسبة الوظيفة ، بأن اقتصرت الوظيفة على تيسير ارتكاب الخطأ أو المساعدة عليه أو تهيئة الفرصة لارتكابه ، ولكنها لم تكن ضرورية لإمكان وقوع الخطأ أو التفكير التابع فيه . وإذا كانت محكمة النقض عندنا تقرر غير ذلك فيما تتقدم به من الأسباب لأحكامها ، وتذكر في كثير من هذه الأسباب أنه يكفي لتحقق مسئولية المتبوع أن تكون الوظيفة قد سهلت ارتكاب الخطأ أو ساعدت عليه أو هيأت الفرصة لارتكابه ، فقد رأينا أنها كانت في غنى عن هذا التوسع ، وأن أحكامها تستقيم فيما عرض لها من الأفضلية لو أنها التزمت المبدأ الصحيح ، اشترطت أن يكون الخطأ قد وقع بسبب الوظيفة ، لا بمناسبة الوظيفة فحسب ، فأن الأحكام التي أصدرتها في هذا الموضوع كان منطوقها لا يتغير لو أقيمت أسبابها على هذا الأساس الدقيق . ولقد كان القانون المدني الجديد موفقاً كل التوفيق عندما جلا الغموض الذي يحيط بهذه المسألة ، فقد رأينا أنه نص صراحة في الفقرة الأولي من المادة 174على أن " يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها " . فذكر الخطأ في تأدية الوظيفة والخطأ بسبب الوظيفة ، وتجنب أن يذكر الخطأ بمناسبة الوظيفة أو الخطأ الذي تكون الوظيفة قد هيأت الفرصة لارتكابه ( ) .
ونأتي بأمثلة للخطأ الذي تهيئ الوظيفة لارتكابه وهو الخطأ بمناسبة الوظيفة ، لنتبين الفرق بينه وبين الخطأ بسبب الوظيفة .
لو أن سائق السيارة ، بدلا من أن يعتدي على الراكب معه مما يجعل الخطأ واقعاً بسبب الوظيفة فيما قدمناه ، كان يضمر الحقد لخصم له ، فقصد الانتقام منه ، وتعقبه في الطريق ، وانتهز فرصة قيادته للسيارة فدهسه بها ، لم يكن صاحب السيارة مسئولاً عن عمل السائق ، لأن السائق كان ينوي الإضرار بخصمه ، سواء كان ذلك بدهسه أو بأن يلحق به أي نوع آخر من أنوع الآذى . فلم تكن وظيفة السائق ضرورية لارتكاب الخطأ . بل اقتصرت على تيسيره وهيأت الفرصة لوقوعه . ويكون الخطأ في هذه الحالة قد وقع . لا بسبب الوظيفة بل بمناسبة الوظيفة .
ولو أن طاهياً أمسك بالسكين التي يستخدمها في عمله ، وطعن بها القصاب الذي يشتري منه اللحم لسيده لشجار بينهما نشب بسبب هذا التعامل ، كان هذا الخطأ بسبب الوظيفة ، لأن الطاهي لم يكن ليفكر في الاعتداء على القصاب لولا وظيفته . ولكن هذا الطاهي نفسه ، لو كان له خصم يريد إيذاءه . فذهب إليه حيث يسكن ، وأخذ السكين معه وطعنه بها ، لم يكن هذا الخطأ بسبب الوظيفة ، لأن الطاهي لو لم يجد هذه السكين لعثر على غيرها ، فوظيفته لم تكن ضرورية لارتكاب الخطأ ، بل اقتصرت على أن تسير له ارتكابه ، وان نهيئ له الفرصة في ذلك . فالخطأ هنا لم يقع بسبب الوظيفة ، بل بمناسبة الوظيفة ، ولذلك لا يكون السيد مسئولاً عن عمل الطاهي . ولو أن الخفير الذي أحب امرأة متزوجة فاستدرج زوجها إلى دركه ليلاً وقتله لتخلص له الزوجة ، فارتكب خطأ بسبب الوظيفة على النحو الذي قدمناه ، لم يتذرع بوظيفته في التضليل بالزوج بل ذهب إليه في مسكنه وفي غير وقت العمل ، وأطلق عليه عياراً نارياً فقتله ، لم يكن هذا العمل خطأ بسبب الوظيفة ، لأن الخفير كان يستطيع قتل الزوج بسلاح آخر غير السلاح الذي تسلمه من الحكومة ، وإنما يسر له سلاح الحكومة ارتكاب جريمته ، وهيأ له الفرصة في ذلك . فيكون الخطأ الذي وقع منه خطأ بمناسبة الوظيفة ، ولا تكون الحكومة مسئولة عنه . وقد سبق أن رأينا أن الخفير ، وهو يضبط المتهم ، فيطلق عياراً نارياً عن خطأ فيصيب مقتلاً منه ، يكون قد ارتكب خطأ في تأدية الوظيفة . فهذا عيار ناري يطلقه الخفير ، يكون خطأ : تارة في تأدية الوظيفة ، وطوراً بسبب الوظيفة ، وثالثة بمناسبة الوظيفة .
686 - الخطأ الأجنبي عن الوظيفة : وإذا كان الخطأ بمناسبة الوظيفة لا يجعل المتبوع مسئولاً عن عمل تابعه ، فأولي بالخطأ الأجنبي عن الوظيفة أن يكون له هذا الحكم .
ومن أمثلة الخطأ الأجنبي عن الوظيفة ما قضت به محكمة النقض من أنه إذا كان الثابت بالحكم أن حادث القتل المطلوب التعويض عنه قد وقع خارج المصنع الذي يعمل فيه القتيل وفي غير أوقات العمل ، وأن مرتكبيه من عمال المصنع قد دبروه فيما بينهم خارج المصنع أيضاً عشية وقوعه . فلا يصح اعتبار أنهم ارتكبوه أثناء تأدية وظيفتهم لدى صاحب المصنع ، وبالتالي لا يصح إلزامه بالتعويض عنه مهما كان سببه أو الدافع إليه ، ما دامت العلاقة الزمنية والمكانية منعدمة بينه وبين العمل الذي يؤديه الجناة لمصلحة صاحب المصنع ( ) . وقضت محكمة جنايات طنطا بأن الحكومة غير مسئولة عن جناية ارتكبها أحد رجال البوليس في وقت كان فيه متغيباً عن عمله في أجازة رسمية ( ) .
وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المصلحة لا تكون مسئولة عن الضرر الذي أصاب شخصاً من جراء حادث من حوادث الصيد وقع بخطأ من الحارس وهو يصطاد في غير ساعات العمل ( ) .
وقضت هذه المحكمة أيضاً بأن الذي يتدخل دون حق في عملية تسليم البضائع ، فيوجه مباشرة أوامر للحمالين ، ويخالف بذلك اللوائح ، ليس له أن يرجع على إدارة الجمارك بالضرر الذي يحدثه الحمالون وهم ينفذون أوامره ( ) . وهنا نرى أن التابع ، وهم الحاملون ، قد ارتكب الخطأ الأجنبي عن الوظيفة في المكان وفي الزمان الذين يؤدى فيهما الوظيفة . فليس من الضروري إذن ، حتى يكون الخطأ أجنبياً عن الوظيفة ، أن يكون منقطع الصلة بها في الزمان أو في المكان ( )
المطلب الثاني
الأساسي الذي تقوم عليه مسئولية المتبوع
687 - مسألتا :متى تحققت مسئولية المتبوع بتوافر الشرطين اللذين تقدم ذكرهما –علاقة التبعية وخطأ في تأدية الوظيفة أو بسببها - قامت هذه المسئولية على أساس ينبغي تحديده ، وهي على كل حال لا تجب مسئولية التابع ، بل تقوم إلى جانبها .
فتتكلم في مسألتين ( 1 ) تكييف مسئولية المتبوع . ( 2 ) قيام مسئولية التابع إلى جانب مسئولية المتبوع .
1 - تكييف مسئولية المتبوع
688 - أراء مختلفة :بعد أن بينا الشرطين الواجب توافرهما حتى تقوم مسئولية المتبوع عن التابع ، بقى أن نكيف هذه المسئولية التكييف الذي يتلاءم مع هذين الشرطين .
قد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن مسئولية المتبوع عن التابع تقوم على خطأ مفترض ( faute presumee ) في جانب المتبوع . وأخذ بهذا الرأي كثير من أحكام القضاء ولكن الرأي أصبح منتقداً . وكاد يصبح رأياً مرجوحاً . وقام إلى جانبه آراء أخرى مختلفة فهناك من يقول بأن مسئولية المتبوع تقوم على فكرة تحمل التبعة ( idee de risque ) وآخرون يقولون بل تقوم على فكرة الضمان ( idee de garantie ) وذهب بعض إلى أنها تقوم إما على فكرة النيابة ( idee de representation ) . وإما على فكرة الحلول ( idee de substitution ) والمتأمل في هذه الآراء الخمسة يستطيع أن يردها إلى أصلين . فإما أن تكون مسئولية المتبوع عن التابع مسئولية ذاتية ( responsabilite personnelle ) أو هي مسئولة عن الغير ( responsabilite pour autrui ) فإذا قدرنا أنها مسئولية ذاتية رددناها إلى اعتبار في شخص المتبوع :خطأ في جانبه وهذا هو الخطأ المفترض ، أو نفع بجنيه لنفسه وهذا هو تحمل التبعة وإذا قدرنا أنها مسئولية عن الغير رددناها إلى اعتبار في العلاقة ما بين المتبوع والتابع : فإما أن تعتبر المتبوع كفيلاً للتابع وهذا هو الضمان ، وإما أن نعتبر التابع نائباً عن المتبوع وهذه هي النيابة ، وإما أن نعتبر شخصية التابع امتداداً لشخصية المتبوع وهذا هو الحلول .
والصحيح في نظرنا أن مسئولية المتبوع عن التابع ليست مسئولية ذاتية ، بل هي مسئولية عن الغير ( ) . ولعلها هي المسئولية الوحيدة عن الغير فيما قرره القانون من مسئوليات مختلفة . فإن مسئولية متولي الرقابة مسئولية ذاتية كما رأينا ( ) وسنرى أن المسئولية عن الحيوان وعن البناء وعن الأشياء هي أيضاً مسئولية ذاتية تقوم على خطأ في جانب المسئول نفسه . فلا يبقى إلا مسئولية المتبوع عن التابع ، وهذه هي المسئولية عن الغير .
ومتى قررنا أن المسئولية المتبوع عن التابع هي مسئولية عن الغير ، يستوي عندنا بعد ذلك أن تقوم على فكرة الضمان أو على فكرة النيابة أو على فكرة الحلول ، فكلها تؤدي إلى نتيجة رئيسية واحدة ، وإن اختلفت في بعض التفصيلات .
ونستعرض الآن ، بعد هذا التمهيد ، الآراء الخمسة التي سبقت الإشارة إليها : الخطأ المفترض وتحمل التبعة والضمان والنيابة والحلول .
689 - الخطأ المفترض :هذا الرأي هو أقدم الآراء الخمسة ، وكان هو الرأي التقليدي السائد إلى عهد قريب . ويتخلص في أن المتبوع يقوم في جانبه خطأ مفترض :خطأ في الرقابة أو خطأ في التوجيه أو خطأ في الاختيار ، أو خطأ فيها جميعاً . وهذا الخطأ مفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس . فالتابع إذا ارتكب الخطأ مفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس . فالتابع إذا ارتكب خطأ كان المتبوع مسئولاً عنه بمقتضى خطأ آخر نفترضه قائماً في جانب المتبوع ، فإما أن يكون المتبوع قد قصر في اختيار تابعه ، أو قصر في الرقابة عليه ، أو قصر في توجيهه . وهذا التقصير نفترضه افتراضاً ، ولا نقبل من المتبوع أن يقيم الدليل على أنه لم يقصر . وقد قال بهذا الرأي ، كما قدمنا ، كثير من الفقهاء والمحاكم في مصر وفي فرنسا ( ) .
والذي يؤخذ على هذا الرأي أنه يؤدي إلى نتيجتين لا يصح التسليم بهما وهما :
( أولاً ) لو كانت مسئولية المتبوع مبنية على خطأ مفترض افتراضاً غير قابل لإثبات العكس ، لأمكن للمتبوع في القليل أن يتخلص من هذه المسئولية إذا هو أثبت أن الضرر كان لا بد واقعاً ولو قام بواجبه في الاختيار والرقابة والتوجيه بما ينبغي من العناية ، أي إذا نفى علاقة السببية بين الضرر الذي وقع والخطأ المفترض في جانبه ( ) . وهذا ما لا يستطيعه بإجماع الفقه والقضاء نعم هو يستطيع نفي علاقة السببية ما بين الضرر الذي وقع وخطأ التابع لا خطئه هو ، فيتخلص من المسئولية . ولكن لا عن طريق أنه غير مسئول عن تابعه ، بل عن طريق أن التابع نفسه غير مسئول ، ومسئولية المتبوع لا تقوم كما قدمنا إلا تبعاً لمسئولية التابع ( ) . ولكنه لا يستطيع التخلص من المسئولية بإثبات أنه كان يستحيل عليه أن يمنع العمل غير المشروع الذي سبب الضرر ( ) . ولو أنه أثبت ذلك . فنفى علاقة السببية بين الضرر وخطئه المزعوم ، ليبقى مع ذلك مسئولاً عن تابعه . وفي هذا الدليل قاطع على أن مسئولية المتبوع لا تقوم على خطأ مفترض ، بل لا تقوم على خطأ أصلاً ، إذ أن المسئولية التي تقوم على خطأ حتى لو كان هذا الخطأ مفترضاً وحتى لو كان الافتراض غير قابل لإثبات العكس ، ترتفع بنفي علاقة السببية . وقد رأينا هنا أن مسئولية المتبوع لا ترتفع بنفي هذه العلاقة ( ) .
( ثانياً ) لو كانت مسئولية المتبوع مبنية على خطأ مفترض لسقطت مسئولية المتبوع إذا كان غير مميز . فقد رأينا أن غير المميز لا يتصور ارتكابه للخطأ ، فكيف يتصور افتراض الخطأ في جانبه!وفي الحالات النادرة التي يكون فيها غير المميز مسئولاً ، تكون مسئوليته قائمة لا على الخطأ ، بل على تحمل التبعة كما رأينا . فإذا عرفنا أن المتبوع حتى لو كان غير مميز يكون مسئولاً عن تابعه ، أدركنا أن مسئولية المتبوع لا يمكن أن تكون مبنية على الخطأ . وقد رأينا فيما قدمناه ( ) أن المتبوع قد يكون صغيراً أو غير مميز ، فينوب عنه نائبه ، من ولي أو وصى أو قيم ، في القيام بالرقابة على التابع وفي توجيهه . وهذا ما قضت به محكمة النقض في مصر في حكمين معروفين ( ) . وفي ذلك دليل آخر على أن مسئولية المتبوع لا تقوم على الخطأ .
690 - تحمل التبعة :قال بهذا الرأي الفقهاء الذين يجعلون مسئولية المتبوع مسئولية ذاتية ، دون أن يقيموها على الخطأ ( ) فما دام المتبوع مسئولاً مسئولية ذاتية ، وما دام لا يفترض خطأ في جانبه ، فلا يبقى إلا أن يقال إن المتبوع ينتفع بنشاط تابعه ، فعليه أن يتحمل تبعة هذا النشاط ، والغرم بالغنم .
وهذا الرأي فيه مزيتان يتجنب بهما العيبين اللذين لاحظناهما على الرأي الذي يقول بالخطأ المفترض . فهو أولاً لا يجيز للمتبوع أن يتخلص من المسئولية حتى لو أثبت أنه كان يستحيل عليه أن يمنع العمل غير المشروع الذي سبب الضرر ، إذ المسئولية المبنية على تحمل التبعة لا ترتفع بهذه الاستحالة ، بل يبقى المتبوع مسئولاً لأنه يتحمل تبعة نشاط تابعه بعد أن انتفع بهذا النشاط . وهو ثانياً يجعل المتبوع مسئولاً حتى لو كان غير مميز ، فغير المميز إذا لم يجز قيام مسئوليته على الخطأ جاز قيامها على تحمل التبعة .
ولكن هذا الرأي يؤخذ عليه هو أيضاً أنه يؤدي إلى نتيجتين لا يصح التسليم بهما . وهما :
( أولاً ) لو صح أن مسئولية المتبوع تقوم على تحمل التبعة ، ففيم إذن اشتراط وقوع خطأ من التابع؟ أليس المتبوع يتحمل تبعة نشاط تابعه ، لا تبعة خطته!فكل نشاط من التابع يصيب الغير بالضرر ، سواء انطوى هذا النشاط على خطأ ا كان مجرداً من أي خطأ ، كان ينبغي أن يحقق مسئولية المتبوع تطبيقاً لمبدأ تحمل التبعة ، ما دامت هذه المسئولية تقوم على هذا المبدأ . بل إن نشاط التابع الذي لا ينطوي على خطأ هو النشاط المألوف الذي ينتفع به المتبوع ، فهو أولى بالتحمل . ونحن قد رأينا أن الأمر على النقيض من ذلك ، وأن مسئولية المتبوع لا تقوم إلا إذا وقع الخطأ من التابع .
( ثانياً ) لو صح أن مسئولية المتبوع تقوم على تحمل التبعة ، وتحققت هذه المسئولية فوق المتبوع المضرور ما يستحق من التعويض ، لما جاز للمتبوع أن يرجع على التابع ، فالمتبوع إنما يتحمل تبعة نشاط يفيد منه ، فيكون قد أخذ مقابلاً لما أعطى ، ففيم إذن رجوعه على التابع أمر قد انعقد عليه إجماع الفقه والقضاء .
ونرى من ذلك أن مبدأ تحمل التبعة لا يستقيم مع أحكام مسئولية المتبوع ، بما تقتضيه هذه المسئولية من خطأ يقع من التابع ، وبما ترتبه في العلاقة ما بين المتبوع والتابع من حق الرجوع .
والحق أن مسئولية المتبوع ليست مسئولية ذاتية كما سبق القول ، فهي لا تقوم على خطأ يفترض في جانب المتبوع ، ولا تستند إلى تبعة يجب عليه أن يتحملها وإنما هي مسئولية عن الغير ، المتبوع فيها لا خطأ في جانبه ، ولكنه يتحمل وإنما هي مسئولية عن الغير ، المتبوع فيها لا خطأ في جانبه ، ولكنه يتحمل جريرة تابعة لا تبعه نشاطه . وتنتقل الآن الآراء التي تتوخى هذا النظر .
691 - مسئولية عن الغير – الضمان والنيابة والحلول : فالمتبوع إذن مسئول عن التابع مسئولية الشخص عن غيره . ويبقى أن نحدد على أي أساس تقوم هذه المسئولية . يقيمها بعض الفقهاء على أساس الضمان ( ) . فالمتبوع يكفل التابع فيما يرتكب من خطأ يصيب الغير بالضرر ، ما دام للمتبوع حق الرقابة والتوجيه على التابع ، وما دام الخطأ الذي ارتكبه التابع قد وقع في تأدية الوظيفة أو بسببها ، . فهذه التي ترسم نطاق مسئولية المتبوع هي التي تفسر فكرة الضمان وتبررها . والمتبوع كفيل التابع دون أن يكون له حق التجريد ، فيجوز للمضرور أن يرجع على المتبوع قبل أن يرجع على التابع . والكفالة هنا مصدرها نص القانون لا الاتفاق .
ويقيمها فريق ثان على أساس النيابة ( ) . فالتابع نائب عن المتبوع . والنيابة قانونية وهنا نرى التوسع في فكرة النيابة الذي أشرنا إليه من قبل فكما يلزم النائب الأصيل بما يقوم به من تصرفات القانونية في حدود نيابته ، كذلك يلزم التابع المتبوع بما يقوم به من أعمال مادية - أي ما يرتكبه من خطأ - في حدود تبعيته . فالحدود التي ترسم نطاق مسئولية المتبوع تفسر هنا أيضاً فكرة النيابة وتبررها ، بشرط أن تتسع هذه الفكرة لتتناول التصرفات القانونية والأعمال المادية في وقت معاً .
ويقيمها فريق ثالث على أساس الحلول ( ) . فالتابع قد حل محل المتبوع ، وأصبح الشخصان شخصاً واحداً ، فإذا ارتكب التابع خطأ في الحدود المعروفة فكأنما المتبوع هو ارتكب هذا الخطأ . أو قل إن التابع هو امتداد لشخصية المتبوع ، فما يقترف التابع من خطأ يكون المتبوع هو الذي اقتراضه ( ) . ولا بد أن يضاف إلى هذا الرأي أن التابع يحل محل المتبوع في التمييز أيضاً لو ارتكب خطأ وهو مميز وكان المتبوع غير مميز ، انتقل تمييز التابع إلى المتبوع عن طريق الحلول ، فأصبح هذا مسئولاً كذاك .
واعتبر مسئولية المتبوع مسئولية عن الغير – على أي وجه فسرت هذه المسئولية وبخاصة إذا فسرت بفكرة الضمان - يجعل المتبوع مسئولاً عن تابعه ، ولا يستطيع التخلص من هذه المسئولية ولو أثبت أنه كان يستحيل عليه أن يمنع العمل غير المشروع الذي سبب الضرر ، فالتزامه التزام بتحقيق غاية لا التزام يبذل عناية . وهذا الاعتبار يجيز أيضاً استبقاء مسئولية المتبوع حتى لو كان غير مميز ، فمسئوليته عن التابع ليس مصدرها الاتفاق حتى يشترط التمييز ، بل مصدرها القانون سواء كانت ضماناً أو نيابة أو حلولاً . وبذلك نتجنب العيبين اللذين كانا السبب في نبذ فكرة الخطأ المفترض .
692 - الاقتصار على العلاقة فيما بين المتبوع والمضرور :ومزية أخرى لتكييف مسئولية المتبوع على أنها مسئولية عن الغير ، هي أن هذا التكييف يفسر وجوب الاقتصار على العلاقة فيما بين المتبوع والتابع.