recent
جديد المشاركات

مسئولية حارس الأشياء.

تطورت المسئولية عن الأشياء غير الحية ( choses inanimese ) تطوراً سريعاً منذ بداية القرن العشرين . فقد كانت بادئ الأمر قائمة على أساس وجوب إثبات خطأ في جانب المسئول . ولم يفكر واضعو القانون المدني الفرنسي في تخصيص قاعدة لهذا النوع من المسئولية . بل أن المشروع الفرنسي عند ما قرر المسئولية عن الأشياء في الفقرة الأولي من المادة 1384 ، فنص على أن " الشخص مسئول . . عن الأشياء التي تكون في حراسته " ، لم يكن يقصد إلا الحالتين اللتين نص عليهما بعد ذلك ، وهما المسئولية عن الحيوان والمسئولية عن البناء ، بعد أن مهد لهما بهده العبارة العامة . أما سائر الأشياء غير الحيوان والبناء ، فما لا ريب فيه أن المشروع الفرنسي لم يرد أن يستثنيها من القاعدة العامة المقززة لمسئولية الإنسان عن فعله ، وهي القاعدة التي قررها في المادتين 1382و1383 ، فكل ضرر يصيب الغير من شيء يسأل عنه صاحب هذا الشيء إذا أثبت المضرور خطأ في جانبه ، ولا فر ق بين أن يصيب الإنسان غيره بالضرر بفعله المباشر أو بواسطة شيء في يده وقد سار الفقه والقضاء في فرنسا على هذا الرأي وقتاً طويلاً حتى أواخر القرن التاسع عشر . 
ولكن النظم الاقتصادية لم تبق على حالها ، بل أحدثت المخترعات الحديثة تطوراً عظيماً ، فقامت الصناعات الكبيرة ووسائل النقل السريعة ، وسخر الإنسان القوي الطبيعة لخدمته ورفاهته ، ولم يبال أن تكون قوى عمياء لا يسيطر عليها كل السيطرة ، فهي إذا ما أفلتت من يده –وكثيراً ما تفلت - لا يلبث أن يكون ضحيتها . وكان لذلك أكبر الأثر في تطور المسئولية عن الأشياء . فإن من يستخدم هذه المخترعات ، فيعرض الأرواح للخطر ، والأموال للتلف ، من الحق أن يكون خاضعاً في المسئولية عن الضرر الذي تحدثه هذه الأشياء لقاعدة اشد من القاعدة التي يخضع لها في مسئوليته عن فعله الشخصي . وإذا بقينا نشترط إثبات خطأ في جانب صاحب الشيء ، فإنه يتعذر على المضرور في أكثر الأحوال إثبات هذا الخطأ . لذلك تلمس الفقه والقضاء في فرنسا طريقاً يجعلان به عبء الإثبات على صاحب الشيء لا على المضرور ، فيتمشى القانون بذلك مع التطور الاقتصادي والحاجات الاجتماعية ، فأخذا يتوسعان في تفسير الفقرة الأولي من المادة 1384 من القانون المدني الفرنسي (   ) ، فيجعلاها تقرر المسئولية عن الأشياء على أساس خطأ مفترض في جانب من يوجد الشيء في حراسته (   ) . 
وعلى هذا الأساس الجديد الذي ينيت عليه المسئولية عن الأشياء - هو الخطأ المفترض في جانب الحارس - بقى في تطور مستمر منذ مستهل القرن العشرين إلى اليوم . فقد كان افتراض الخطأ بادئ الأمر قابلاً لإثبات العكس ، ثم أصبح غير قابل لذلك . وكان الخطأ المفترض مقصوراً على الأشياء المنقولة ، ثم جاوزها إلى العقار . وكان يستثني من دائرة الخطأ المفترض الأشياء التي يحركها عمل الإنسان كالسيارات ونحوها ، ثم عممت القاعدة فشملت جميع الأشياء . وكان هناك تفريق بين الشيء الخطر ، يكون الخطأ فيه مفترضاً والشيء غير الخطر يطلب فيه إثبات الخطأ ، ثم زالت هذه التفرقة . وهكذا أصبحت دائرة الخطأ المفترض تتسع لأي شيء ، منقولاً كان أو عقاراً ، متحركاً بقوته الذاتية أو محركاً بيد الإنسان ، خطراً أو غير خطر . ولم يستبق القضاء الفرنسي إلا معنى " الحراسة ( garde ) . فهو بيني المسئولية عن الشيء على " خطأ في حراسته ( faute dans la garde ) . وهذا الخطأ مفترض افتراضاً غير قابل لإثبات العكس . ولا يعرف بين النظريات القانونية نظرية تطورت بالسرعة والخطورة التي تطورت بهما نظرية المسئول عن الأشياء ، فقد انقلبت في بضع عشرات من السنين إلى النقيض مما قصد المشروع . ولا شك في أن المحاكم الفرنسية كان قضاؤها قضاء اجتهاد لا قضاء تفسير ، وهي قد تمشت في ذلك لا مع النصوص القانونية كما قصد إليه المشروع وقت وضع التشريع ، بل مع ما جد من الحاجات الاقتصادية . وأيد الفقه القضاء في ذلك ، وتضافر كلاهما على وضع أسس لنظرية جديدة تكون أكثر انطباقاً على مقتضيات المدنية بعد تطور الصناعة وتقدم المخترعات . 
أما في مصر فكانت الحالة في القانون المدني القديم تختلف عنها في فرنسا من حيث النصوص القانونية . فالقانون القديم لم يتضمن نصاً يقابل الفقرة الأولي من المادة 1384 ، وقد رأينا في القضاء الفرنسي قد استند إلى هذا النص في تأسيس نظريته الجديدة في المسئولية عن الأشياء . وقد تضمن القضاء المصري أحكاماً تذهب إلى جعل المسئولية عن الشيء مبينة على خطا مفترض في جانب الحارس (   ) . وبنت أحكام أخرى هذا المبدأ على أساس المسئولية العقدية (   ) ، وقاس بعض الأحكام المسئولية عن الشيء على المسئولية عن الحيوان (   ) . بل هناك من الأحكام المصرية ما ذهب إلى أبعد من هذا ، فقال بنظرية تحمل التبعة دون أن يستند في ذلك إلى نص معين (   ) . ولكن القضاء المصري في مجموعه كان لا يزال يرى أن المسئولية عن الشيء لا تتحقق إلا إذا ثبت خطأ في جانب الحارس (   ) . ولم يكن في الواقع من الأمر مستطيعاً –من حيث النصوص القانونية - أن يجد ما يساعده على دعم نظرية جديدة مثل النظرية التي أخذ بها القضاء الفرنسي (   ) . 
فجاء القانون المدني الجديد بالنص المطلوب . وراعي فيه حالة البلاد الاقتصادية ، وحاجات الصناعات الناشئة ، فلم يطلق المسئولية القائمة على خطأ مفترض لتشمل جميع الأشياء ، بل قصرها على الآلات الميكانيكية وعلى الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة . وهي مرحلة من مراحل التطور مر بها القضاء الفرنسي كما رأينا . فنصت المادة 178من هذا القانون على ما يأتي : 
 " كل من تولي حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه . هذه مع عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة (   ) " . 
وهذه الأحكام التي استحدثها القانون المدني الجديد ليس لها أثر رجعي فهي لا تسري إلا على الحوادث التي تقع ابتداء من 15من شهر أكتوبر سنة 1949 ، أي منذ نفاذ القانون الجديد . والعبرة هنا ، كما في قواعد المسئولية عن البناء ، بتاريخ وقوع الضرر الذي ينجم عن فعل الشيء ، فإذا وقع هذا الضرر في تاريخ سابق على هذا التاريخ فالقانون القديم هو الذي ينطبق ، وإلا فالقانون الجديد . 
ونبحث الآن –كما بحثنا في الحالات الأخرى - متى تتحقق مسئولية حارس الأشياء ، وعلى أي أساس تقوم هذه المسئولية ، تطبيقاً للأحكام التي استحدثها القانون المدني الجديد . 
 المطلب الأول
 متى تتحقق مسئولية حارس الأشياء
724 - شرطان لتحقق المسئولية :تتحقق المسئولية بتولي شخص حراسة شيء تقتضي حراسته عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية ووقوع الضرر بفعل الشيء . فعند ذلك يكون حارس الشيء مسئولاً عن هذا لضرر . 
فتحقق المسئولية يستلزم إذن توافر شرطين ( 1 ) أن يتولى شخص حراسة شيء تقتضي حراسته عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية ( 2 ) أن يقع الضرر بفعل الشيء . 
1 - حراسة شيء تقتضي حراسته عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية 
725 - تحليل هذا الشرط :لا تتحقق المسئولية إلا إذا تولي شخص حراسة شيء فنبين معنى الحراسة وما هو المقصود بالشيء . 
726 - حددنا لحراسة فيما تقدم . فهي ليست في يد مال الشيء ضرورة ، ولا في يد حائزه ، ولا في يد المنتفع به . إنما الحراسة هي السيطرة الفعلية علي الشيء قصداً واستقلالا ، سواء استندت هذه السيطرة إلى حق مشروع أو لم تستند . 
والمفروض أن المالك هو حارس الشيء ، وعليه هو ، إذا رفعت ضده دعوى المسئولية ، أن يثبت أن الحراسة خرجت من يده وقت وقوع الحادث ويبقى المالك حارساً حتى لو افلت الشيء من يده ما دام لم يتخل عنه ( abandon ) فإذا ما تخلى عنه وأصبح سائبة ( res nullius ) زالت حراسته ، ولم تنتقل الحراسة إلى أحد وإذا كان المالك قد ملك بعقد بيع ، فالبائع قبل التسليم هو الحارس ، ويصبح الحارس هو المشتري بتسليم الشيء إليه ولو كان عقد البيع باطلاً أو قابلاً للإبطال أو موقوفاً فيه نقل الملكية وتسلم المشتري الشيء فإنه يصبح حارسه ولو لم تنتقل إليه الملكية ، لأن العبرة ليست بالملكية بل بالسيطرة الفعلية . والمالك تحت شرط فاسخ أو واقف يعتبر حارساً ما دامت له السيطرة الفعلية على الشيء . 
وقد تنتقل الحراسة من المالك إلى غيره كالمنتفع ( usufruitier ) والمرتهن رهن حيازة والحائز بنية التملك سواء حاز بحسن نية أو بسوء نية ، ما دامت السيطرة الفعلية على الشيء قد انتقلت من المالك إلى وأحد من هؤلاء . فسارق الشيء يعتبر حارساً له ، أما مالك الشيء المسروق فيفقد الحراسة ولا يعتبر مسئولاً بمقتضى الخطأ المفترض ، ثم لا يكون مسئولاً إذا ثبت في جانبه إهمال أدى إلى سرقة الشيء لانقطاع علاقة السببية ما بين هذا الإهمال والضرر . أما المستأجر والمستعير والمودع عنده وأمين النقل فينتقل إليهم الحراسة إذا انتقلت إليهم السيطرة الفعلية على الشيء ، ويغلب أن يقع ذلك في المنقول (   ) . 
 والتابع لا يعتبر في العادة حارساً للشيء ، فحارس السيارة هو في الأصل مالكها حتى لو كان لها سائق ، وحتى لو قاد السائق السيارة من غير أن يكون فيها صاحبها فإذا ثبت خطأ في جانب السائق ، أمكنت مساءلة صاحب السيارة إما باعتباره متبوعاً ثبت خطأ في جانب السائق ، لم يبق إلا مساءلة صاحب السيارة باعتباره حارساً . وقد ينتقل المتبوع إلى التابع السيطرة الفعلية على السيارة ، فيصبح التابع في هذه الحالة هو الحارس وفي جميع الأحوال إذا خرج التابع عن تعليمات متبوعة ، وقاد السيارة الشخصية أو استولي عليها دون علم صاحبها ، فإنه يعتبر في هذه الحالة حارساً ويكون مسئولاً بمقتضى خطأ مفترض ، ويكون صاحب السيارة مسئولاً باعتباره متبوعاً . ، 
وإذا أودعت السيارة في " الجاراج " ، فإن كان صاحب " الجاراج " له السيطرة الفعلية عليها فإنه يصبح الحارس ، وإلا فتبقى الحراسة عند صاحب السيارة . وكذلك الأمر إذا ترك صاحب السيارة سيارته في مكان وقوف السيارات تحت رقابة مشرف ، ويغلب في هذه الحالة أن تبقى السيارة في حراسة صاحبها فيما يخرج عن عمل المشرف (   ) . والسيارة إذا سلمت إلى ميكانيكيي لإصلاحها تنتقل في الغالب حراستها إليه ، لأنه يصبح صاحب السيطرة الفعلية عليها . ولا يبقي صاحب السيارة حارساً في هذه الحالة ، إلا إذا أبقى السيارة تحت إشرافه وقت إصلاحها . 
ومن يتعلم القيادة لا يكون حارساً للسيارة ، والحارس هو المعلم . وإذا خالف المتعلم إرشادات معلمه وتوجيهاته ، كان هذا خطأ ثابتاً في جانبه . أما الممتحن لمن تعلم القيادة فلا يكون حارساً ، والمتعلم هو الذي يستبقي الحراسة . 
727 - الشيء : كل شيء مادي غير حي فيما عدا البناء يدخل في هذا النطاق ما دامت حراسته تقتضي عناية خاصة . 
فالأشياء غير المادية والحيوان والبناء لا تدخل في النطاق المتقدم الذكر . وقد سبق تحديد المسئولية عن الحيوان وعن البناء . والمسئولية عن الحيوان لا تختلف في أحكامها من حيث الخطأ المفترض عن أحكام المسئولية عن الأشياء . أما لمسئولية عن البناء فتختلف ، وقد قدمنا أن الخطأ فيه ذو شقين ، أحدهما مفترض افتراضاً قابلاً لإثبات العكس ، والآخر مفترض افتراضاً غير قابل لإثبات العكس . ومن ثم وجب التمييز في الشيء بين ما إذا كان بناء أو غير بناء . فإن كان بناء ، استبعدت أحكام المسئولية عن الأشياء ، وقام خطأ مفترض عناية خاصة ، طبقت أحكام المسئولية عن الأشياء ، وقام خطأ مفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس على النحو الذي سنبينه . 
ويعتبر شيئاً بالمعني المراد في المادة 178الآلات الميكانيكية إطلاقاً . ولم يشترط القانون في الآلات الميكانيكية أن تتطلب حراستها عناية خاصة كما اشترط ذلك في غيرها ، لأن هذه الآلات تتحرك بمحرك ذاتي ، فافترض القانون لذلك أن حراستها تتطلب دائماً عناية خاصة . 
أما غير الآلات الميكانيكية فلا يعتبر شيئاً بالمعنى المراد في المادة 178إلا إذا اقتضت حراسته عناية خاصة ، كما سنرى أن فكرة العناية الخاصة هي فكرة نسبية ، فالشيء الواحد قد تستدعي حراسته عناية خاصة أو لا تستدعي هذه العناية بحسب ما يختلف عليه من وضع . 
ويستوي أن يكون الشيء منقولاً أو عقاراً بطبيعته كالأشجار والأرض إذا انخسف والمباني إذا نجم الضرر لا عن تهدمها ، أو عقاراً بالتخصيص كالمصاعد والآلات الزراعية أو الصناعية المخصصة لخدمة مزرعة أو مصنع ولا يدخل الشيء المباح ( res nullius ) ، إذ ليس له حارس يكون مسئولاً عنه . 
 2 - وقوع الضرر بفعل الشيء 
728 - التدخل الإيجابي :يجب أن يكون الضرر ناشئاً عن فعل الشيء ( fait de la chose ) ولا يكفي في ذلك تدخل الشيء تدخلاً سلبياً . فإذا وقفت عربة في المكان المعتاد للوقوف واصطدمت بها عربة أخرى أو أحد العابرة ، أو كانت شجرة ثابتة في مكانها لم تقتلعها الريح فعثر فيها أحد المارة وأصيب بضرر من ذلك ، أو كانت آلة ميكانيكية ثابتة في مكانها الطبيعي لا تتحرك فاصطدم بها شخص فجرح ، كانت هذه كلها أوضاعاً سلبية للشيء ، ولا يمكن القول في مثل هذه الحالات إ ، الضرر الذي وقع هو من فعل الشيء ، لأن الشيء لم يدخل تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر ، بل كان تدخله سلبياً محضاً . 
أما إذا كانت العربة تسير أو كانت واقفة ولكن في غير وضعها الطبيعي ، أو كانت الشجرة قد اقتلعتها الريح فقذفت بها في عرض الطريق ، أو كانت الآلة الميكانيكية في غير مكانها الطبيعي أو كانت تتحرك ، فإن الضرر يكون في هذه الحالات من فعل الشيء ، وقد تدخل إيجابياً في إحداثه . 
ويمكن القول إن الشيء تدخل إيجابياً في إحداث الضرر ، إذا كان هذا الشيء في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر (   ) . 
والمفروض ، إذا أحدث الشيء ضرراً ، أن الشيء قد تدخل تدخلاً إيجابياً في إحداثه . والمسئول هو الذي عليه أن يثبت أن الشيء لم يتدخل في إحداث الضرر إلا تدخلاً سلبياً ، فينتقي بذلك افتراض الخطأ ، ولا تتحقق المسئولية إلا بإثبات خطأ في جانب المسئول . 
729 - عدم ضرورة الاتصال المادي المباشر :والتدخل الإيجابي لا يستلزم الاتصال المادي المباشر . فقد لا يتصل الشيء اتصالاً مادياً مباشراً بمن وقع عليه الضرر ، ومع ذلك يتدخل تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر . فإذا سارت عربة بسرعة تفوق السرعة المعتادة ففزع أحد المارة ووقع فأصيب بضرر دون أن تمسه العربة ، وإذا وقفت عربة وقوفاً فجائياً وكانت عربة تسير وراءها فاضطرت إلى تفادي الاصطدام بها بأن انحرفت عن الطريق فاصطدمت بشجرة ، وإذا سدت عربة منافذ الطريق على راكب " موتوسيكل " فختل توازن الراكب وسقط إلى الأرض ، ففي كل هذه الحالات تدخل الشيء تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر دون أن يمس الشخص أو الشيء المضرور أو يتصل به اتصالاً مادياً مباشراً . 
730 - فعل الشيء وفعل الإنسان :وتجب الدقة في التمييز بين فعل الشيء ( fait de la chose ) وفعل الإنسان ( fait de lnhomme ) . ذلك أن المسئولية عن فعل الشيء تقوم على خطأ مفترض ، أما المسئولية عن فعل الإنسان فتقوم على خطأ واجب الإثبات . ومن ثم كان الفرق كبيراً بين المسئوليتين ، ووجب البحث عن معيار للتمييز فيما بينهما . 
وقد سار القضاء الفرنسي مراحل متعاقبة في طريقه إلى هذا التمييز ففي المرحلة الأولي كان الضرر يعتبر من فعل الشيء إذا نجم عن فعل ذاتي للشيءfait autonome de la chose ) . ويتحقق ذلك في أحد فرضين : ( 1 ) إذا وقع الضرر من الشيء وهو غير محرك بيد الإنسان . ( 2 ) إذا وقع الضرر من الشيء وهو محرك بيد الإنسان ، ولكن الشيء انطوى على عيب ذاتي كان هو السبب في وقوع الضرر –ولكن هذا المعيار لم يكن مرضياً ، فهو يعتبر الضرر من فعل الإنسان ، ويقضي بوجوب إثبات الخطأ ، في حالة من أشد الحالات حاجة إلى افتراض الخطأ ، وهي حالة ما إذا أحدث سائق السيارة ضرراً وهو يقود السيارة ولم يكن بها عيب ذاتي . فهذه حالة لا تدخل في الحالتين اللتين يعتبر الضرر فيهما من فعل الشيء . فيجب فيها إثبات الخطأ في جانب السائق . وهو أمر متعذر في الكثرة الغالبة من الحوادث (   ) . وقد أخذ القضاء الفرنسي بتذبذب في الأخذ بهذا المعيار وفي تركه . حتى صدر حكم من محكمة النقض الفرنسية صريح في تركه وفي اعتبار الضرر من فعل الشيء حتى لو كان هذا الشيء محركاً بيد الإنسان ولم يكن به عيب ذاتي . فسائق السيارة إذا حدث ضرراً وهو يسوق السيارة يكون مسئولاً بمقتضى خطأ مفترض في جانبه ، لأن السيارة في حاجة إلى الحراسة لما ينجم عنها من الخطر (   ) . 
وعلى هذا النحو استبدلت محكمة النقض الفرنسية ، في المرحلة الثانية معياراً بمعيار . وجعلت معيارها الجديد في حكم لها مشهور صدر في 21 فبراير سنة 1927 (   ) ، أن يكون الشيء في ذاته خطراً بحيث يحتاج إلى الحراسة . وهذا المعيار قريب جداً من المعيار الذي أخذ به القانون المصري الجديد ، حيث يقول في المادة178 : " كل من تولي حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية… ( (   ) " وبقى معيار " الشيء الخطر " تتداوله الفقهاء والمحاكم لتأييده أو لتنفذه ، وظل الأمر كذلك مدة قصيرة ، حتى طلعت محكمة النقض الفرنسية في دوائرها المجتمعة بحكم مشهور صدر في 13 فبراير سنة 1930 (   ) ، قضت فيه على معيار " الشيء الخطر " فلم تردده أسباب حكمها ، بل ربطت المسئولية القائمة على خطأ مفترضة بفكرة الحراسة ( a la garde de la chose ) ، لا بالشيء ذاته خطراً كان أو غير خطر . 
فأخذ الفقهاء ، في مرحلة ثالثة ، يحللون فكرة الحراسة . وذهب الأستاذان مازو إلى التمييز بين الحراسة المادية ( garde materielle ) والحراسة القانونية ( gard juridique ) . فالحراسة المادية هي السيطرة الفعلية على الشيء ، أما الحراسة القانونية فتوجد حيث يوجد التزام قانوني بالمحافظة على الشيء وبمنعه من أن يكون مصدراً ضرر للناس . ومن ثم يكون السارق قد استولى على الحراسة المادية دون الحراسة القانونية ، ويستبقي صاحب الشيء المسروق الحراسة القانونية ، فيكون ، هو دون السارق ، المسئول عن الشيء المسروق . 
ثم عدل الأستاذان مازو عن هذا الرأي ، في المرحلة الرابعة وهي المرحلة الحالية ، بعد أن أصدرت محكمة النقض الفرنسية في دوائرها المجتمعة ، في 2ديسمبر سنة 1941 (   ) ، حكماً آخر لا يقل أهمية عن الحكم المتقدم ، قالت فيه أن السارق يعتبر حارساً للشيء المسروق ، ويكون مسئولاً عما يحدثه هذا الشيء من الضرر بنا على خطأ مفترض في جانبه . واعتبر الأستاذان مازو والجمهرة من الفقهاء أن حراسة الشيء ، كحراسة الحيوان ، هي السيطرة الفعلية على الشيء والقدرة على التصرف في أمره ، مشروعة كانت هذه السيطرة أو غير مشروعة . ومالك الشيء إذا كان حائز له يعتبر حارساً لأن له السيطرة الفعلية عليه ، وهي سيطرة مشروعة . ويرتب الأستاذان مازو على هذا التحليل أن الضرر يعتبر من فعل الشيء إذا كان الشيء قد أحدث الضرر وهو مفلت من زمام حارسه ذلك أن الحارس ما دام قابضاً على زمام الشيء ، فكل ضرر يحدث يعتبر من فعله لا من فعل الشيء ، ولا يكون مسئولاً في هذه الحالة إلا إذا اثبت خطأ في جانبه . أما إذا أفلت الشيء لا من فعل الحارس ويكون هذا مسئولاً بمقتضى خطأ مفترض (   ) . وعندما يطبق الأستاذان معيارهما الجديد ، " إفلات زمام الشيء من سيطرة الحارس " ، يذهبان إلى أن الشيء إذا أحدث ضرراً ، فالمفروض أن زمامه قد أفلت من يد الحارس وان الضرر قد حدث بفعل الشيء ، ما لم يكن الحارس قد وجه الشيء قصداً إلى إحداث الضرر ، فهنا يعتبر الضرر قد حدث بفعل الحارس (   ) . ومن ثم فكل ضرر يحدث بتدخل إيجابي من الشيء ، ولم يكن مقصوداً من حارسه . يعتبر أنه قد حدث " بفعل الشيء (   ) " . 
731 - القانون المدني الجديد :والقانون المدني الجديد ربط الخطأ المفترض بحراسة الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة ، وفرض أن الآلات الميكانيكية تتطلب حراستها عناية خاصة دائماً . 
لذلك لسنا في حاجة إلى إجهاد النصوص لتحديد الفكرة التي يقوم عليها الخطأ المفترض في المسئولية عن الأشياء في القانون الجديد . فهذا الخطأ المفترض يقوم على فكرة " العناية الخاصة " التي تتطلبها حراسة الشيء . ولا يجوز اعتبار أن الضرر قد حدث بفعل الشيء إلا في حالتين : ( الأولي ) أن يكون هذا الشيء آلة ميكانيكية تدخلت تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر ، أي كانت في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر . ( والثانية ) أن يكون هذا الشيء ليس آلة ميكانيكية ولكن حراسته تقتضي عناية خاصة . وهذا أقرب ما يكون إلى المعيار " الشيء الخطر " كما قدمنا . فإذا كان الشيء في حراسة شخص ، وكانت هذه الحراسة تقتضي عناية خاصة بالنسبة إلى طبيعة هذا الشيء أو بالنسبة إلى ظروفه وملابساته ، ثم أحدث الشيء ضرراً ، فإنه يقترض أن الحارس قد قصر في بذل هذه العناية الخاصة حتى أفلت زمام الشيء من يده ، فأحدث الضرر . أما إذا كانت الحراسة لا تقتضي عناية خاصة ، فلا يفرض أن الحارس قد قصر في بذل العناية الواجبة ، بل يجب على المضرور أن يقيم الدليل على هذا التقصير . 
يبقى بعد ذلك أن نعرف متى تحتاج حراسة الشيء إلى عناية خاصة؟ قدمنا أنه يجب في ذلك الرجوع إلى طبيعة الشيء ، ثم إلى ظروفه وملابساته . ويترتب على ذلك أنه متى كانت طبيعة الشيء تقتضي عناية خاصة قام الخطأ المفترض . على انه يلاحظ أن الآلات الميكانيكية ، كالسيارات والآلات الزراعية والصناعية والقاطرات البخارية والكهربائية والسفن البخارية والأسلحة النارية والمصاعد ، يفرض القانون بالنص أن حراستها تحتاج إلى عناية خاصة ، نظراً لطبيعتها ولما ركب فيها من محرك ذاتي ( dynamisme propre ) وليست الآلات الميكانيكية وحدها هي التي تحتاج حراستها إلى عناية خاصة نظراً لطبيعتها . بل توجد أشياء أخرى غير ميكانيكية تقتضي طبيعتها أن تكون في نفس الوضع . مثل ذلك الأسلحة غير الميكانيكية على اختلاف أنواعها والأسلاك الكهربائية والمواد الكيماوية والأدوية الطبية والزجاج والمصابيح والفؤوس والمناجل والمفرقعات وما إلى ذلك (   ) . 
على أن الشيء قد لا تقتضي حراسته عناية خاصة بالنظر على طبيعته ، ولكن الظروف والملابسات التي وجد فيها تجعل هذه الحراسة في حاجة إلى عناية خاصة فعربة الركوب والشجرة والسلم والحبل والرمال والصخر ، كل هذه ليست أشياء خطرة بطبيعتها ، ولكن قد تصبح خطرة في ظروف معينة فعربة الركوب بالنسبة إلى المشاة شيء خطر ، وهي ليست كذلك بالنسبة إلى السيارات والشجرة ليس ت خطرة ما دامت في وضعها الطبيعي ، فإذا اقتلعتها الريح ورمت بها في عرض الطريق أصبحت شيئاً خطراً . والسلم يصبح خطراً إذا دهن بمادة لزجة تجعل الانزلاق عليه أمراً محتملاً . والحبل قد يصبح خطراً إذا جعل في وضع بحيث ترتطم به الناس . وهذا هو الشأن في الرمال إذا انهالت ، وفي الصخر إذا انحدر (   ) . 
ومن ذلك نرى أن الشيء تقتضي حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بملابساته . وهو يصبح خطراً بملابساته إذا كان في وقع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر ، أي إذا تدخل تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر . وهنا يتلاقى القضاء الفرنسي مع نصوص القانون المصري الجديد (   ) . 
 المطلب الثاني 
 على أساس تقوم مسئولية حارس الأشياء
732 - مسألتان : متى تحققت مسئولية حارس الشيء على النحو الذي قدمناه ، قامت هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب الحارس فنبين الآن ما هو هذا الخطأ ، والى أي حد هو مقترض . 
 ما هو الخطأ
733 - خطأ في الحراسة : الخطأ المفترض في جانب الشيء ، كالخطأ المفترض في جانب حارس الحيوان ، هو خطأ في الحراسة ( faute dans la gar4de ) . فإذا ألحق الشيء ضرراً بالغير ، كان المفروض أن زمام هذا الشيء قد أفلت من يد حارسه ، وهذا هو الخطأ . 
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الخطأ في الحراسة بهذا التفسير هو خطأ اقرب إلى الصنعة منه إلى الحقيقة ، فهو خطأ موهوم ، اخترعه الصياغة القانونية ليخفي تحته الواقع ، إذ المسئول قد أقحم عليه الخطأ إقحاماً ، وفرض عليه فرضاً لا يستطيع التملص منه . والأولي أن يقال أن المسئولية هنا قد فرضها القانون ، وأقامها على أساس من تحمل التبعة . ذلك أن المسئول هو الذي القي إلى المجتمع بشيء يصح أن يكون مصدراً للضرر ، وانتفع به ، فإذا وقع الضرر فعلاً وجب أن يتحمل تبعته (   ) . والرد على نظرية تحمل التبعة هنا هو عين الرد على هذه النظرية في المسئولية عن الحيوان . فلا يمكن القول إن أساس المسئولية عن الشيء هو تحمل التبعة ، وإلا لكان المسئول هو المنتفع بالشيء لا الحارس ، ولما جاز دفع المسئولية بإثبات السبب الأجنبي . 
734 - ما الذي يثبته المضرور :والمضرور لا يكلف إثبات الخطأ لأنه مفترض ، ولكنه يكلف إثبات الشروط التي تتحقق بها مسئولية حارس الأشياء . فيجب عليه أن يثبت أولاً أن المدعي عليه هو حارس الشيء الذي أحدث الضرر ، والمفروض هنا أن الحارس هو المالك ، إلى أن يثبت المالك أن حراسة الشيء قد خرجت من يده إلى يد شخص آخر وقت وقوع الضرر ، وعندئذ يكون هذا الشخص هو المسئول . ويجب على المضرور أيضاً أن يثبت أن الضرر قد وقع بفعل شيء تقتضي حراسته عناية خاصة أو بفعل آلة ميكانيكية ، والمفروض كما قدمنا أن الشيء قد تدخل تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر ، إلى أن يقيم الحارس الدليل على أن التدخل لم يكن إلا سلبياً 
 2 - إلى أي حد هو مفترض
735 - الافتراض لا يقبل إثبات العكس : الخطأ هنا مفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ، كالخطأ المفترض في جانب حارس الحيوان . 
فلا يجوز إذن للحارس أن ينفي الخطأ عن نفسه بأن يثبت أنه لم يرتكب خطأ أو أنه قام بما ينبغي من العناية حتى لا يفلت زمام الشيء من يده وقد كان القضاء الفرنسي في أولي مراحل تدرجه يجعل الخطأ مفترضاً افتراضاً قابلاً لإثبات العكس ، ويجيز للحارس أن ينفي الخطأ . ثم تدرج إلى جعل افتراض الخطأ غير قابل لإثبات العكس ، فلم يعد الحارس يستطيع أن ينفي الخطأ عن نفسه (   ) . 
وقد كانت هذه المسألة هي الميدان الذي هاجم فيه أنصار نظرية تحمل التبعة نظرية الخطأ المفترض . فقد اعترضوا كما رأينا على فكرة الخطأ المفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ، وقالوا إن الخطأ إذا افترض وجب أن يكون الافتراض قابلاً لإثبات العكس . ذلك أن الحارس إذا استطاع أن يقيم الدليل على أنه لم يرتكب خطأ ، فإلصاق الخطأ به بالرغم من ذلك ليس إلا تحايلاً لإقامة المسئولية على أساس خطأ وهمي لا وجود له بعد أن أقام الدليل على نفيه . وهذا ما دعا محكمة النقض الفرنسية إلى أن تتحدث ، في حكمها الذي أصدرته في دوائرها المجتمعة في 13فبراير سنة 1930 ، عن " افتراض المسئولية " ( presomption de responsabilite ) ، لا عن " افتراض الخطأ ( presomption de faute ) ويرد الأستاذان مازو على هذا الاعتراض بأن الخطأ الذي قامت عليه مسئولية حارس الشيء هو خطأ في الحراسة . والأصل في ذلك أن كل حارس يلتزم قانوناً بألا يجعل زمام الشيء يفلت من يده حتى لا يصاب أحد بضرر . وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية ( obligation de resultat ) ، لا التزام ببذل عناية ( obligation de moyen ) فإذا افلت زمام الشيء من يد حارسه ، فقد وقع الخطأ ، ولا سبيل بعد ذلك إلى نفيه بإثبات العكس (   ) . 
ونقرر هنا ما قررناه في المسئولية عن الحيوان من أن افتراض الخطأ إنما يقوم في العلاقة ما بين الحارس والمضرور . وقد قدمنا أن المضرور هو الذي ينتفع بهذا الافتراض ولا يضار به ، فلا يجوز أن يحتج به عليه . كذلك لا يقوم افتراض الخطأ إذا أحدث الشيء الضرر لذاته (   ) . وقد تجتمع مسئولية حارس الشيء مع مسئولية المتبرع في شخص وأحد . فإذا كان مالك الشيء قد دفعه إلى تابعه واحتفظ بالحراسة ، وألحق الشيء ضرراً بالغير ، فإن المالك هنا يكون مسئولاً بأحد اعتبارين :إما باعتباره حارساً فيكون الخطأ مفترضاً في جانبه ، وإما باعتباره متبوعاً فيجب إثبات الخطأ في جانب التابع حتى يقوم الخطأ المفترض في جانب المتبوع والخطأ المفترض لا يقوم حيث توجد علاقة عقدية ما بين الحارس والمضرور . فأمين النقل وهو مسئول بالعقد عن سلامة الراكب ، والطبيب وهو ملتزم بالعقد أن يبذل العناية الواجبة في علاج المريض ، لا يكونان مسئولين مسئولية تقصيرية بمقتضى خطأ مفترض ، بل هما مسئولان بمقتضى العقد مسئولية عقدية ، وقد مر بيان ذلك وإذا قام عقد بين التابع والمتبوع يرتب التزاماً على المتبوع بضمان سلامة التابع ، وأصاب شيء في حراسة المتبوع التابع بالضرر ، كانت مسئولية المتبرع مسئولية عقدية ، لا مسئولية تقصيرية ، فإن كان العقد لا يرتب التزاماً بضمان سلامة التابع ، أو لم يوجد عقد أصلاً بين التابع والمتبوع ، كان المتبوع مسئولاً مسئولية تقصيرية تقوم على خطأ مفترض . 
وحارس الشيء كحارس الحيوان لا يجوز أن يكون عديم التمييز ، لأن مسئوليته تقوم على الخطأ ، وعديم التمييز لا يتصور الخطأ في جانبه . 
736 - جواز نفي المسئولية بنفي علاقة السببية :ولما كان حارس الشيء لا يستطيع أن يدفع المسئولية عن نفسه بنفي الخطأ على النحو الذي بيناه ، لم يبق أمامه لدفع المسئولية إلا أن ينفي علاقة السببية بين فعل الشيء والضرر الذي وقع . وهو لا يستطيع نفي العلاقة السببية هذه إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي : قوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو خطأ المصاب أو خطأ الغير . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 178إذ تقول : " …ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لايد له فيه " . ثم ينتهي النص بهذه العبارة : " هذا مع عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة " . ومن أهم هذه الأحكام الخاصة ما سبق أن ذكرناه من مسئولية رب العمل عن حوادث العمل ، فهي مسئولية لا تقوم على خطأ مفترض ، بل تقوم على أساس تحمل التبعة .
author-img
مدونة المحامي اليمني عبدالرقيب محمد القاضي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent