الدكتور عبدالرزاق السنهوري في كتابه الوسيط
السببية ركن مستقل : علاقة السببية ما بين الخطأ والضرر معناها أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ الذي ارتكبه المسئول والضرر الذي أصاب المضرور . والسببية هي الركن الثالث من أركان المسئولية ، وهي ركن مستقل عن ركن الخطأ . وآية ذلك أنها قد توجد ولا يوجد الخطأ ، كما إذا أحدث شخص ضرراً بفعل صدر منه لا يعتبر خطأ وتتحقق مسئوليته على أساس تحمل التبعة ، فالسببية هنا موجودة والخطأ غير موجود . وقد يوجد الخطأ ولا توجد السببية . ويسوق أحد الفقهاء ( ) لذلك مثلاً : يدس شخص لآخر سما . وقبل أن يسري السم في جسم المسموم يأتي شخص ثالث فيقتله بمسدس . فهنا خطأ هو دس السم ، وضرر هو موت المصاب ، ولكن لا سببية بينهما إذ الموت سببه إطلاق المسدس لا دس السم ، فوجد الخطأ ولم توجد السببية . ونورد مثلين آخرين يوجد فيهما الخطأ ولا توجد السببية . بعد أن يتم البيع يكشف المشتري عما عسى أن يثقل العقار الذي اشتراه من رهون ، فيبين من الكشف أن العقار غير مرهون ، ثم يتضح أن هذا الكشف غير صحيح وأن العقار مثقل برهن . وينزع الدائن المرتهن ملكية العقار فهنا خطأ وهو الكشف غير الصحيح ، وضرر وهو نزع ملكية العقار ، ولكن السببية غير موجودة فإن الكشف غير الصحيح لم يظهر إلا بعد تمام البيع فلم يكن هو السبب في وقوع الضرر شخص يقود سيارة دون رخصة ، ثم يصيب أحد المارة وتكون الإصابة بخطأ يقع من هذا المصاب . فهنا خطأ وهو قيادة السيارة دون رخصة ، وضرر وهو إصابة أحد المارة ، ولكن الخطأ ليس هو السبب في الضرر بل هناك سبب أجنبي هو خطأ المصاب ، فوجد الخطأ دون أن توجد السببية .
582 - اتصال السببية بالضرر : وفي الأمثلة الثلاثة المتقدمة يمكن القول إن السببية قد انفصلت عن الخطأ كما رأينا . ولكن يراعى ما يأتي :
أولاً – الضرر في هذه الأمثلة له سبب آخر غير الخطأ الأول . فالموت في المثل الأول سببه إطلاق المسدس لا دس السم ، ونزع ملكية العقار في المثل الثاني سببه الرهن لا الكشف غير الصحيح . وإصابة المار في المثل الثالث فيه خطأه هو لا انعدام الرخصة . فالسببية إذا هي انفصلت عن الخطأ . فإنها تتصل بالضرر .
ثانياً – إذا كان الخطأ الأول الذي أنعزل عن الضرر لا يحقق أية مسئولية ، فذلك لا لأن السببية منعدمة فحسب ، بل أيضاً لأن هذا الخطأ لم ينجم عنه أي ضرر . فحيث تنعدم السببية ينعدم في الوقت ذاته الضرر . ومن هذا الوجه يكون الضرر والسببية متلازمين .
ثالثاً – إذا قام السبب الأجنبي فإنه لا يعدم علاقة السببية وحدها ، بل هو أيضاً ينهي الالتزام القانوني الذي يقضي بعدم الإضرار بالغير والذي يعد الإخلال به هو الخطأ . ذلك أن الوفاء بهذا الالتزام قد أصبح مستحيلاً لسبب أجنبي ( م 373 ) . فالسبب الأجنبي إذن لا يعدم علاقة السببية وحدها بل يعدم معها الخطأ ( ) .
583 – استقلال السببية عن الخطأ لا يظهر بوضوح إلا حيث يكون الخطأ مفترضاً : وإذا كانت السببية مستقلة عن الخطأ ، إلا أن هذا الاستقلال لا يظهر في جلاء عند ما يكون الخطأ واجب الإثبات . ذلك أن المضرور عندما يكلف بإثبات الخطأ ، يلجأ في العادة إلى إثبات خطأ يكون هو السبب في إحداث الضرر . ومن ثم فإثبات الطأ يكون في الغالب إثباتاً لعلاقة السببية . فتستتر السببية وراء الخطأ ولا يتبين في وضوح أنها ركن مستقل . وإنما يتضح استقلالها في الأحوال التي تقوم فيها المسئولية على خطأ مفترض أو خطأ مفروغ من إثباته ، كمسئولية الحارس عن الحيوان . ففي هذه الحالة الخطأ مفروغ منه ولا يكلف المضرور بإثباته . أما السببية فيمكن نفيها بإثبات السبب الأجنبي . ففيها إذن يتركز النضال ما بين المسئول والمصاب . ومن ثم تبرز هي ، ويدور الإثبات حولها وحدها دون الخطأ .
584 – خطة البحث : قدمنا أن الخطأ يجب أن يكون هو السبب في الضرر فإذا رجع الضرر إلى سبب أجنبي انعدمت السببية . وتنعدم السببية أيضاً حتى لو كان الخطأ هو السبب ولكنه لم يكن السبب المنتج ، أو كان السبب المنتج ولكنه لم يكن السبب المباشر .
فنبحث إذن أمرين : ( 1 ) انعدام السببية لقيام السبب الأجنبي ( 2 ) ثم انعدامها لأن السبب غير منتج أو غير مباشر .
المطلب الأول
انعدام السببية لقيام السبب الأجنبي
585 - النصوص القانونية : تنص المادة 165 من القانون المدني الجديد على ما يأتي :
" إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه ، كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير ، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ، ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ( ) " .
فالسبب الأجنبي الذي يعدم رابطة السببية هو كما يقول النص :
( 1 ) القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ ( force majeure ou cas fortuit ) .
( 2 ) خطأ المضرور ( faute de la victime ) ( 3 ) خطأ الغير ( faute d'un tiers ) ( ) ونستعرض كلاً من هذه الأسباب الثلاثة ( ) .
$ 1 - القوة القاهرة أو الحادث الفجائي
586 - القوة القاهرة والحادث الفجائي شيء واحد : قال بعض الفقهاء إنهما شيئان مختلفان ، ولكن هؤلاء لا يتفقون على فيصل التفرقة فيما بينهما .
فمنهم من يقول إن القوة القاهرة هي الحادث الذي يستحيل دفعه ، أما الحادث الفجائي فهو الحادث الذي لا يمكن توقعه . فتتوزع بينهما الخصيصتان اللتان سنفصلهما فيما يلي ، وهما استحالة الدفع وعدم إمكان التوقع . ويكفي في نظر هؤلاء أن يكون الحادث مستحيل الدفع أو أن يكون غير ممكن التوقع ، فلا يلزم اجتماع الخصيصتين .
ولا يجوز الأخذ بهذا الرأي ، لأن القوة القاهرة يجب أن تكون حادثاً لا مستحيل الدفع فحسب بل أيضاً غير ممكن التوقع ، ولأن الحادث الفجائي يجب أن يكون حادثاً لا غير ممكن التوقع فحسب بل أيضاً مستحيل الدفع ، ولا يكفي وجود إحدى هاتين الحصيصتين لانعدام رابطة السببية ( ) .
ومن الفقهاء من يسلم بوجوب اجتماع الخصيصتين . ولكن يميز في خصيصة استحالة الدفع بين ما إذا كانت هذه الاستحالة مطلقة فتوجد القوة القاهرة ، أو نسبية فيوجد الحادث الفجائي ( ) . وسنرى أن هذا التمييز لا يقوم على أساس صحيح ، إذ الاستحالة ، في كل من القوة القاهرة والحادث الفجائي ، يجب أن تكون استحالة مطلقة .
ومن الفقهاء من يقيم التمييز على أساس آخر . فيجعل كلاً من القوة القاهرة والحادث الفجائي حادثاً مستحيل الدفع غير ممكن التوقع ، ولكن القوة القاهرة تكون حادثاً خارجياً عن الشيء الذي تتحقق به المسئولية كعاصفة أو زلزال ، والحادث الفجائي حادث داخلي ينجم عن الشيء ذاته كانفجار آلة أو انكسار عجلة . ثم يجعل القوة القاهرة وحدها هي التي تمنع من تحقق المسئولية ، أما الحادث الفجائي فلا يمنع منت حققها بل يتحمل المدين تبعته ( ) . وهذا الرأي لا يجوز التسليم به أيضاً إلا عند من يقولون بنظرية تحمل التبعة ، إذ يصح عند هؤلاء أن يكون الشخص مسئولاً عن الحادث الفجائي دون القوة القاهرة .
ونرى من ذلك أن التمييز بين القوة القاهرة والحادث الفجائي لا يقوم على أساس صحيح لذلك تقول جمهرة الفقهاء بعدم التمييز بينهما ، وعلى هذا أيضاً إجماع القضا ( ) .
587 – الشروط الواجب توافرها في القوة القاهرة والحادث الفجائي : ويبقى أن نفصل الشروط التي يجب توافرها حتى يكون الحادث قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً . ونص القانون يصف القوة القاهرة والحادث الفجائي بأنهما سبب أجنبي ( CAUSE ETRANGERE ) لا يد للشخص فيه ( non - imputable ) . ولكن هذا الوصف في حاجة إلى التحديد . وقد رأينا فيما قدمناه أن القوة القاهرة أو الحادث الفجائي يجب أن يكون حادثاً غير ممكن التوقع ومستحيل الدفع ( ) . فعدم إمكان التوقع ( imprevisibilite ) واستحالة الدفع ( irresistibilite ) هما الشرطان الواجب توافرهما في القوة القاهرة أو الحادث الفجائي ، وإذا ما توافرا كان الحادث أجنبياً عن الشخص لا بد له فيه . أما العكس فغير صحيح . فقد يكون الحادث أجنبياً عن الشخص لا يد له فيه ، ومع ذلك يستطيع توقعه قبل أن يقع ، أو يستطيع دفعه بعد أن وقع .
ونستعرض الآن كلا من الشرطين ، ثم نورد بعض التطبيقات العملية .
588 - عدم إمكان التوقع : يجب أن تكون القوة القاهرة أو الحادث الفجائي غير ممكن التوقع . فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه ، لم يكن قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً . ويجب أن يكون الحادث غير مستطاع التوقع لا من جانب المدعى عليه فحسب ، بل من جانب أشد الناس يقظة وبصراً بالأمور ، فالمعيار هنا موضوعي لا ذاتي ، بل هو معيار لا يكتفي فيه بالشخص العادي ، ويتطلب أن يكون عدم الإمكان مطلقاً لا نسبياً .
ولا يكون الحادث ممكن التوقع لمجرد أنه سبق وقوعه فيما مضى . فقد يقع حادث في الماضي ،ويبقى مع ذلك غير متوقع في المستقبل ، إذا كان من الندرة بحيث لا يقوم سبب خاص لتوقع حدوثه .
وعدم إمكان التوقع ، في المسئولية العقدية ، يكون وقت إبرام العقد . فمتى كان الحادث غير ممكن التوقع وقت التعاقد ، كان هذا كافياً حتى لو أمكن توقعه بعد التعاقد وقبل التنفيذ . أما في المسئولية التقصيرية فيكون عدم إمكان التوقع وقت وقوع الحادث ذاته ( ) .
589 – استحالة الدفع : ويجب أيضاً أن تكون القوة القاهرة أو الحادث الفجائي مستحيل الدفع . فإذا أمكن دفع الحادث حتى لو استحال توقعه ، لم يكن قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً . كذلك يجب أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً ، وأن تكون الاستحالة مطلقة ، فلا تكون استحالة بالنسبة إلى المدين وحده ، بل استحالة بالنسبة إلى أي شخص يكون في موقف المدين ( ) . وهذا هو الذي يميز بين نظرية القوة القاهرة ونظرية الحوادث الطارئة ، فقد رأينا في نظرية الحوادث الطارئة أن تنفيذ الالتزام يصبح مرهقاً لا مستحيلاً .
ويستوي أن تكون استحالة التنفيذ مادية أو أن تكون معنوية . فإذا استحال على المدين معنوياً تنفيذ الالتزام ، كما لو كان مغنياً وتعهد بإحياء حفلة غنائية فمات عزيز عنده يوم الحفلة وكان لذلك في نفسه أثر بالغ يستحيل معه أن يقبل على الغناء . كان الحادث قوة قاهرة . والقاضي هو الذي يقدر ما إذا كانت هناك استحالة معنوية . وعليه أن يحتاط في تقدير ذلك ( ) .
590 - تطبيقات عملية : ونورد هنا بعض تطبيقات عملية لحوادث تجمع بين الشرطين المتقدمين فيصح وصفها بأنها قوة قاهرة أو حادث فجائي .
فالحرب قد تكون قوة قاهرة بما ينجم عنها من أحداث مادية ومن أزمات اقتصادية ، ما دامت مستحيلة الدفع غير متوقعة . والذي يجب أن يستحيل توقعه ودفعه ليس هو الحرب ذاتها . بل ما خلفته من أحداث واضطرابات فإذا هاجم العدو بلداً ، ودخلها فاتحاً ، وطرد منها سكانها ، كان هذا الحادث قوة قاهرة تعفى المستأجر من التزاماته المترتبة على عقد الإيجار ، والوديع من التزامه بالمحافظة على الوديعة ، والمقاول من التزامات المقاولة ، وهكذا وشرط ذلك كما قدمنا أن يكون المدين لمي توقع هذا الغزو ولم يستطع دفعه . أما إذا كانت الظروف التي تحيط بالمدين تمكنه من اتخاذ احتياطات معقولة ولم يتخذها ، كان هذا خطأ في جانبه يحقق مسئوليته إذا تسبب عنه ضرر . وقد تكون الحرب سبباً في تقلب سعر العملة وانقطاع المواصلات وغلاء الحاجيات والمواد الأولية ، فتكون قوة قاهرة ترفع المسئولية عن المدين في هذه الأحوال .
وكالحرب صدور تشريع أو أمر إداري واجب التنفيذ ( fait du prince ) أو وقوع زلزال ، أو حريق ، أو غرق ، أو هبوب عاصفة ، أو حدوث مرض طارئ ، أو إضراب غير متوقع ، أو سرقة . أو تلف ، أو نحو ذلك من الحوادث ما دام شرطاً استحالة التوقع واستحالة الدفع قد توافر ( ) .
وقد تنطوي حوادث السيارات على قوة قاهرة أو حادث فجائي ، كما إذا انفجرت آلة . أو انكسرت عجلة ، أو انزلقت السيارة في أرض زلجة ، أو اعترضتها عقبة مفاجئة ، أو بهر بصر السائق نور خاطف . والمهم أن يتوافر شرطا استحالة التوقع واستحالة الدفع ( ) .
وذعر حيوان على أثر وقوع صاعقة ، وانسعار الكلب ، كل هذا قد يكون قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً إذا كان غير ممكن التوقع مستحيل الدفع ( ) .
591 – أثر القوة القاهرة أو الحادث الفجائي هو السبب الوحيد في وقوع الضرر ، انعدمت علاقة السببية ، ولا تتحقق المسئولية كما قدمنا .
وقد يكون من أثر القوة القاهرة أو الحادث الفجائي لا الإعفاء من تنفيذ الالتزام ، بل وقف تنفيذه حتى يزول الحادث . فيبقى الالتزام موقوفاً على أن يعود واجب التنفيذ بعد زوال الحادث .
هذا ويجوز للطرفين أن يعدلا باتفاقهما من أثر القوة القاهرة أو الحادث الفجائي ، ويترتب على ذلك أنه يجوز لهما أن يتفقا على أن القوة القاهرة أو الحادث الفجائي لا يخلى المدين من التزامه ، أو أن يتفقا على عدم إخلاء المدين من التزامه عند وقوع حادث معين كالإضراب أو الحرب ( ) .
$ 2 - خطأ المضرور
592 – وضع المسألة : نستبعد صورة لا محل للكلام فيها لوضوح حكمها : ألا يقع من المدعى عليه خطأ ما ، ثابت أو مفروض ، ويقع الضرر بفعل المضرور نفسه . فقد خرجنا هنا عن نطاق المسئولية التقصيرية . إذ لا يوجد أمامنا مسئول . فالمضرور هو الذي ألحق بنفسه الضرر ، وكان هذا بفعله ، سواء كان هذا الفعل خطأ أو غير خطأ .
وإنما يكون الكلام في خطأ المضرور إذا وقع من المدعى عليه خطأ ثابت أو مفروض ووقع في الوقت ذاته خطأ من المضرور ، ويراد أن نعرف أثر خطأ المضرور في مسئولية المدعى عليه . ويشترط في هذه الحالة أن يكون ما وقع من المضرور يعتبر خطأ وأن يكون له شأن في إحداث الضرر .
أما أن يكون ما وقع من المضرور يعتبر خطأ . فذلك لأن مجرد الفعل الذي يصدر من المضرور ولا يكون خطأ لا يصح أن يكون من شأنه أن يمحو أو يخفف من مسئولية المدعى عليه . وإلا لتعذر على المضرور أن يرجع بتعويض كامل عما أصابه من الضرر . فهو إذا دهسه القطار أو السيارة قد شارك بفعله في إحداث هذا الضرر : ألم يمش في الطريق فدهمته السيارة! ألم يحاول إدراك القطار فدهسه! وقل أن يصاب شخص بضرر دون أن يكون لفعل صدر منه دخل فيه ، وإنما يصح أن يؤثر الفعل الصادر من المضرور في مسئولية المدعى عليه إذا كان هذا الفعل خطأ . ويقاس الخطأ هما بمعياره المعروف : انحراف المضرور في سلوكه عن المألوف من سلوك الرجل المعتاد . وكل ما قيل هناك في خطأ المسئول يقال هنا في خطأ المضرور ( ) .
وأما أن يكون خطأ المضرور له شأن في إحداث الضرر ، فذلك لأن المدعى عليه إنما يحتج به لأن له علاقة بالضرر الذي وقع ، فلو لم يكن لهذا الخطأ شأن في إحداث الضرر لما كان للمدعى عليه أن يحتج به ( ) .
فإذا تحقق أن وقع من المدعى عليه خطأ ومن المضرور خطأ آخر ، وكان لكل من الخطأين شأن في إحداث الضرر ( ) ، وجب أن نعرف إلى أي حد يؤثر خطأ المضرور في المسئولية التي نجمت عن خطأ المدعى عليه . وهنا يجب أن نميز بين ما إذاك أن أحد الخطأين قد استغرق الخطأ الآخر ، أو بقى كل من الخطأين مستقلاً عن الخطأ الآخر فتكوَّن منهما خطأ مشترك .
593 – استغراق أحد الخطأين للخطأ الآخر : إذا استغرق أحد الخطأين الخطأ الآخر ، لم يكن للخطأ المستغرق من أثر . فإذا كان خطأ المدعى عليه هو الذي استغرق خطأ المضرور ، كانت مسئولية المدعى عليه كاملة لا يخفف منها خطأ المضرور . أما إذا كان خطأ المضرور هو الذي استغرق خطأ المدعى عليه ، فإن مسئولية المدعى عليه ترتفع لانعدام رابطة السببية .
ويستغرق أحد الخطأين الخطأ الآخر في حالتين : الحالة الأولى إذا كان أحد الخطأين يفوق كثيراً في جسامته الخطأ الآخر . والحالة الثانية إذا كان أحد الخطأين هو نتيجة الخطأ الآخر .
594 – الحالة الأولى – أحد الخطأين يفوق كثيراً في جسامة الخطأ الآخر : مهما كان أحد الخطأين يفوق في جسامته الخطأ الآخر . فإنه لا يتصور أن الخطأ الأشد يستغرق الخطأ الأخف إلا في صورتين : الصورة الأولى هي صورة ما إذا كان أحد الخطأين هو خطأ عمدي ، والصورة الثانية هي صورة ما إذا كان أحد الخطأين هو رضاء المضرور بما وقع عليه من الضرر وذلك في بعض الأحوال وهي قليلة .
ففي الصورة الأولى يكون أحد الطرفين ، المدعى عليه أو المضرور ، أراد إحداث الضرر متعمداً ، أما الآخر ف صدر منه خطأ غير متعمد . فإذا كان المدعى عليه هو الذي أراد إحداث الضرر متعمداً ، كانت مسئوليته متحققة ، ووجب عليه تعويض كامل لما أحدثه من الضرر حتى لو كان خطأ المضرور غير المتعمد له دخل في إحداث الضرر . ذلك أن تعمد المدعى عليه إحداث الضرر هو وحده الذي نقف عنده سبباً لوقوع الضرر ، أما خطأ المضرور فلم يكن إلا ظرفاً استغله المدعى عليه لإتمام قصده من إحداث الضرر . فإذا تعمد سائق السيارة أن يدهس رجلاً مكفوف البصر يسير في الطريق دون قائد ، لم يجز له أن يحتج بخطأ المضرور لتخفيف مسئوليته ، ولا يسمع منه في معرض الدفاع عن نفسه أن المضرور سار في الطريق دون قائد وهو مكفوف البصر فيكون قد أخطأ ، ذلك أن السائق تعمد دهس المضرور ولم يكن خطأ المضرور إلا ظرفاً استغله السائق في إنفاذ نيته . أما إذا كان المضرور هو الذي تعمد إلحاق الضرر بنفسه ، استغرق خطؤه خطأ المدعى عليه ، وارتفعت مسئولية المدعى عليه لانعدام رابطة السببية كما قدمنا ، فلو أن شخصاً أراد الانتحار فانتهز فرصة أن سائقاً يسير بسرعة تجاوز الحد المفروض ، فألقى بنفسه أمام السيارة ، فهو وحده الجاني على نفسه ، ولا يجوز أن يحتج –هو لو نجا أو ورثته لو مات – بأن السائق كان يسير بسرعة فائقة وكان ذلك خطأ ، فإن تعمده الانتحار هو وحده الذي نقف عنده سبباً لوقوع الضرر ، أما خطأ المدعى عليه فلم يكن إلا ظرفاً استغله المضرور لتنفيذ قصده ( ) .
وفي الصورة الثانية يكون المضرور قد رضى بما وقع عليه من الضرر . ويجب بادئ الأمر أن نرسم الدائرة التي يعتبر المضرور فين طاقها راضياً بالضرر . فرضاء المضرور بالضرر منزلة وسطى بين إرادته إلحاق الضرر بنفسه ومجرد علمه بالضرر . فقد يرضى المضرور بالضرر ولكنه لا يريده .
كما يقع ذلك في المبارزة ، فكل من المتبارزين قد رضى أن يموت أو أن يجرح ولكنه لا يريده لنفسه هذا الضرر . وقد يعلم المضرور بالضرر ولكنه لا يرضى به ، فمن اشترك في إحدى الألعاب الرياضية يعلم بما عسى أن ينجم من ضرر عن هذه اللعبة ولكن لا يمكن القول بأنه رضى بهذا الضرر إلا بقدر ما تنطوي عليه اللعبة في العادة من أخطار . فلعب الكرة أو " التنس " لا ينطوي عادة على خطر . فمن اشترك فيه يمكن أن يقال عنه إنه يعلم بالضرر ولكنه لم يرض به . " والبوكس " والمصارعة تنطوي عادة على خطر ، فمن اشترك فيهما يمكن أن يقال عنه إنه يعلم بالضرر وقد رضى به . وصيد البط يعلم الصائد فيه بالضرر ولكنه لم يرض به ، أما صيد الوحوش المفترسة فقد علم فيه الصائد بالضرر ورضى به . والذي يعنينا هنا هو أن يكون المضرور قد رضى بالضرر ، فلا يرتفع إلى حد أن يريده ، ولا ينزل إلى مجرد العلم به . والقاعدة أن رضاء المضرور بالضرر ليس من شأنه أن يزيل عن فعل المدعى عليه صفة الخطأ ، ولا يزال المدعى عليه خطئاً حتى لو رضى المضرور بما وقع عليه من الضرر . فالطبيب إذا أجرى لمريض عملية جراحية خطرة في غير ما ضرورة يكون مخطئاً حتى لو رضى المريض بإجراء هذه العملية . والمهندس إذا نفذ تصميماً معيباً يكون مخطئاً حتى لو رضى عمليه بهذا التصميم . فرضاء المضرور بالضرر لا يمنع إذن من أن يكون فعل المدعى عليه خطأ . ولكن هل يستغرق رضاء المضرور هذا الخطأ كما استغرقه إرادة المضرور للضرر فيما سبق لنا أن بيناه؟ واضح أن هناك فرقاً ظاهراً بين أن يريد المضرور الضرر وبين أن يرضى به . وإذا كان معقولاً في الحالة الأولى أن يستغرق خطأ المضرور خطأ المدعى عليه ، فليس من المعقول أن يكون مجرد رضاء المضرور بالضرر من شأنه أن يستغرق خطأ المدعى عليه . فالأصل إذن أن رضاء المضرور يترك فعل المدعى عليه كما هو ، فال يزيل عنه صفة الخطأ ولا يستغرقه . ويكون المدعى عليه مسئولاً عما أحدثه بخطئه من الضرر مسئولية كاملة . ولكن قد يكون رضاء المضرور بالضرر يعد خطأ منه . ففي هذه الحالة يخفف هذا الخطأ من مسئولية المدعى عليه كما هو الشأن في الخطأ المشترك . فينظر في كل حالة هل كان المضرور مخطئاً عندما رضى بالضرر ( ) . ويكون في أكثر الأحوال مخطئاً . فمن رضى أن يركب سيارة غير سليمة وهو عالم بذلك ، أو ترك سائق السيارة يسوقها وهو في حالة سكر بين ، أو دفع السائق أن يسير بسرعة فائقة . يكون قد رضى بالضرر ويعد رضاؤه هذا وخطأ من شأنه أن يخفف من مسئولية السائق . ومن رضى بإجراء عملية تجميل خطرة بالغرم من نصح الطبيب له بعدم إجرائها يكون قد رضى بالضرر رضاؤه خطأ يخفف من مسئولية الطبيب . ولكن إذا رضى بإجراء العملية مع علمه بخطرها وكان رضاؤه بناء على إشارة الطبيب . لم يكن هذا الرضاء خطأ ولم يكن من شأنه أن يخفف من مسئولية الطبيب . وكذلك الحكم إذا أقدم المهندس على تشييد بناء معيب وكان ذلك برضاء العميل . فإن كان الرضاء قد وقع بالرغم من نصح المهندس كان خطأ يخفف من مسئوليته ، وإن كان قد وقع بناء على إشارة المهندس لم يكن خطأ وبقيت مسئولية المهندس كاملة . هذا وفي بعض الأحوال القليلة قد يصل خطأ المضرور في رضائه بالضرر حداً من الجسامة يجعل من شأنه أن يستغرق خطأ المدعى عليه ، فتنتفي المسئولية عن هذا لانعدام رابطة السببية . فصاحب السفينة الذي يرضى عن بينة بنقل مهربات حربية فتصادر سفينته ، لا يرجع بشيء على صاحب المهربات ( ) . والمرأة البالغة سن الرشد غير الغرة إذا انقادت عن شهوة إلى معاشرة خليلها لا ترجع عليه بالتعويض ( ) . وإذا اتفق أهالي بلدين على المضاربة معاً ، ومات أحدهم في أثناء المضاربة ، فلا حق لورثته في التعويض لأنه هو الذي عرض نفسه باختياره إلى القتل ( ) . وهذه الأحوال القليلة هي التي أشرنا إليها وفيها يستغرق رضاء المضرور بالضرر خطأ المدعى عليه .
595 – الحالة الثانية – أحد الخطأين هو نتيجة الخطأ الآخر : إذا كان خطأ المضرور هو نتيجة خطأ المدعى عليه ، استغرق الخطأ الثاني الخطأ الأول . واعتبر خطأ المدعى عليه هو وحده الذي أحدث الضرر ، وتكون مسئولية المدعى عليه مسئولية كاملة . فإذا ركب شخص مع صديق له في سيارة يقودها هذا الصديق مسرعاً في سيره بها . فنجم عن هذا السير السريع خطر دفع الراكب تحت تأثير الفزع إلى أن يأتي بحركة خاطئة التماساً للنجاة . ناضر بنفسه . كان خطأ المضرور هنا هو نتيجة لخطأ المدعى عليه ، فاستغرق خطا الصديق خطأ الراكب . وتحققت مسئولية الصديق كاملة ( ) . وكذلك يكون الحكم إذا ارتكب المريض خطأ في علاج نفسه . وكان ذلك بناء على إشارة خاطئة من الطبيب . فإن خطأ الطبيب يستغرق خطأ المريض إذ الخطأ الثاني ليس إلا نتيجة للخطأ الأول . فيكون الطبيب مسئولاً عن التعيض كاملاً . وهذا هو شأن الموكل يخطئ إتباعا لنصيحة خاطئة من محاميه ، فيستغرق خطأ المحامي خطأ الموكل لأن الخطأ الثاني هو نتيجة الخطأ الأول .
أما إذا كان خطأ المدعى عليه هو نتيجة خطأ المضرور . فإن خطأ المضرور هو الذي يستغرق خطأ المدعى عليه . ولا نقف إلا عند خطأ المضرور سبباً للضرر الذي وقع . فلا تتحقق مسئولية المدعى عليه لانعدام رابطة السببية . فإذا دهس سائق السيارة أحد العابرة . وأثبت أن المضرور تحول فجأة من جانب الطريق إلى الجانب الآخر دون أي احتياط وكان هذا الخطأ هو السبب الوحيد للإصابة . فقد أثبت أن الخطأ المفروض في جانبه – وهو الخطأ في الحراسة – ليس إلا نتيجة خطأ المضرور . واستغرق خطأ العاب خطأ السائق ، وانعدمت علاقة السببية ما بين خطأ السائق والضرر . فانتفت مسئولية السائق إذ اعتبر خطأ المضرور هو وحده السبب وفي وقوع الضرر ( ) .
596 – الخطأ المشترك : فإذا لم يستغرق أحد الخطأين الخطأ الآخر ، بل بقيا تميزين كل منهما اشترك في إحداث الضرر مستقلاً ، كان للضرر سببان : خطأ المدعى عليه وخطأ المضرور . وهذا ما يسمى بالخطأ المشترك ( faute commune ) ( ) .
والأصل أن كلا من الخطأين يعتبر سبباً في إحداث الضرر . إذ لولاه لما وقع هذا الضرر . ولما كان كل من المدعى عليه والمضرور مسئولاً بقدر ما أحدث من ضرر . وكان خطأ كل منهما سبباً لوقوع الضرر كله كما قدمنا ، فإن المسئولية تكون بالتساوي بينهما . ويكون المدعى عليه مسئولاً عن نصف الضرر .ويتحمل المضرور النصف الآخر فلا يرجع على المدعى عليه إلا بنصف الضرر ( ) . ولو أن المدعى عليه شخصان لا شخص واحد ، وكانا هما والمضرور مسئولين بالتساوي ، فغن المضرور يرجع على أي منهما بثلثي الضرر لأنه تحمل الثلث الباقي ولأن المدعى عليهما المتضامنان في الثلثين . وهكذا توزع المسئولية على المدعى عليهم والمضرور على عدد الرؤوس ( par part virite ) . وفي هذا تطبيق خاص لقاعدة تعدد المسئولين . فقد نصت المادة 169 من القانون المدني الجديد على أنه " إذا تعدد المسئولين عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر . وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض " . ووجه أن التطبيق خاص هنا هو أنه يوجد بين المسئولين المتعددين المضرور نفسه ، فيجب أن يدخل في الحساب عند توزيع المسئولية . فيتحمل نصيباً منها بالتساوي مع المسئولين المتعددين .
على أن القانون المدني الجديد لم يترك هذه المسألة الهامة دون أن يفرد لها نصاً خاصاً . فقضى في المادة 216 بأنه " يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض ، أو ألا يحكم بتعويض ما ، إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه ( ) " . فالمضرور ، طبقاً لهذا النص . لا يتقاضى تعويضاً كاملاً ، بل يتحمل نصيبه في المسئولية . ونبادل إلى ملاحظة أمرين في شأن النص : أولهما أن يقول " يجوز للقاضى أن ينقص مقدار التعويض " ومعنى الجواز في الإنقاص احتمالاً لا ينقص القاضي من التعويض شيئاً ، ويكون ذلك في حالة ما إذا كان خطأ المضرور قد استغرقه خطأ المدعى عليه على النحو الذي بيناه . والأمر الثاني أن النص يقول " أو لا يحكم بتعويض ما " ، ويكون ذلك في حالة ما إذا كان خطأ المدعى عليه قد استغرقه خطأ المضرور في الصور التي أسلفنا ذكرها ( ) .
بقى أن كلاً من النصين – المادة 169 والمادة 216 – يدع مجالاً للقاضي أن يوزع التعويض على المسئولين المتعددين ، ومن بينهم المضرور نفسه ، لا على عدد الرؤوس أي بالتساوي فيما بينهم ، بل على أساس آخر . والظاهر أن هذا الأساس الآخر هو جسامة الخطأ الذي صدر من كل من المسئولين وفي هذا يتمشى القانون المدني الجديد مع القضاء المصري ( ) ، والقضاء الفرنسي ( ) . ونصوص التقنينات الحديثة ( ) . ولا يلجأ القاضي إلى التوزيع على عدد الرؤوس إلا إذا لم يستطع أن يحدد جسامة كل خطأ ، فعندئذ يفرض التكافؤ فيها جميعاً ، ويجري التوزيع بالتساوي على المسئولين ومنهم المضرور نفسه ( ) .
هذا ويمكن تطبيق القاعدة المتقدمة في حالة ما إذا كان كل من الطرفين مسئولاً ومضروراً في الوقت ذاته . كما إذا تصادمت سيارتان . فأصاب السيارة الأولى ضرر قدر بمبلغ خمسين جنيهاً, وأصاب السيارة الثانية ضرر قدر بمبلغ عشرين جنيهاً . وثبت الخطأ في جانب كل من السائقين . أما الضرر الذي أصاب السيارة الأولى وقدره خمسون جنيهاً فيقسم بين السائقين بحسب جسامة الخطأ . فإذا فرض أن القاضي لم يستطع أن يتبين هذه الجسامة قسم بالتساوي ، فيكون السائق الثاني مسئولاً قبل السائق الأول بمبلغ خمسة وعشرين جنيهاً . وأما الضرر الذي أصاب السيارة الثانية وقدره عشرون جنيهاً فإنه يقسم أيضاً بالتساوي بين السائقين . فيكون السائق الأول مسئولاً قبل السائق الثاني بمبلغ عشرة جنيهات . وبعد أن تجري المقاصة يدفع السائق الثاني إلى السائق الأول في النهاية خمسة عشر جنيهاً ( ) .
$ 3 – خطأ الغير
597 – وضع المسألة : نستبعد هنا أيضاً ، كما فعلنا عند بحث خطأ المضرور ، حالة ما إذا لمي قع من المدعى عليه خطأ ما ، ثابت أو مفروض ، ووقع الضرر بفعل الغير وحده . فإن فعل الغير إذا كان هو السبب الوحيد في إحداث الضرر ، فإن كان خطأ كان الغير وحده هو المسئول ، وإن لم يكن خطأ كان من قبيل القوة القاهرة أو الحادث الفجائي فلا يكون أحد مسئولاً .
أما إذا وقع خطأ من المدعى عليه ، واشترك في إحداث الضرر مع هذا الخطأ فعل الغير ، كان هناك محل للتساؤل عن أثر فعل الغير في مسئولية المدعى عليه . ويشترط هنا أيضاً كما اشترط في فعل المضرور أن يكون فعل الغير خطأ له شأن في إحداث الضرر .
فإذا لم يكن فعل الغير خطأ فليس له أثر في مسئولية المدعى عليه . ويشترط هنا أيضاً كما اشترط في فعل المضرور أن يكون فعل الغير خطأ له شأن في إحداث الضرر .
فإذا لم يكن فعل الغير خطأ فليس له أثر في مسئولية المدعى عليه ، وكان هذا وحده هو المسئول ، وكانت مسئوليته كاملة . فلا بد إذن أن يكون فعل الغير خطأ . ويقاس الخطأ بمعياره المعروف : الانحراف عن السلوك المألوف للرجل المعتاد . ولابد كذلك أن يكون خطأ الغير له شأن في إحداث الضرر ، وإلا لما جاز للمدعى عليه أن يحتج به إذ لا علاقة له بالضرر ( ) .
ويجب ألا يكون الغير الذي ارتكب الخطأ من بين الأشخاص الذي يعتبر المدعى عليه مسئولاً عنهم . فلو كان هذا الغير ولداً للمدعى عليه أو تلميذاً أو تابعاً ، فلا يكون للخطأ الصادر منه أثر في مسئولية المدعى عليه نحو المضرور ( ) .
وليس من الضروري أن يكون الغير معروفاً ، فقد يقوم الدليل على أن الحادث كان من بين أسبابه خطأ صدر من شخص ثالث وقد هرب دون أن يعرف ، ويبقى مع ذلك خطأ هذا الغير مؤثراً في مسئولية المدعى عليه ( ) .
598 – أثر خطأ الغير في خطأ المدعى عليه – استغراق أحد الخطأين للآخر : إذا كان لكل من خطأ المدعى عليه وخطأ الغير شأن في إحداث الضرر ، وكان أحد الخطأين يستغرق الخطأ الآخر ، اعتبر الخطأ المستغرق هو وحده السبب في إحداث الضرر . فإذا استغرق خطأ المدعى عليه خطأ الغير ، كان المدعى عليه وحده هو المسئول مسئولية كاملة ، ولا أثر لخطأ الغير في هذه المسئولية . أما إذا استغرق خطأ الغير خطأ المدعى عليه ، فالغير وحده هو المسئول مسئولية كاملة ، ولا أثر لخطأ المدعى عليه في هذه المسئولية .
ويستغرق أحد الخطأين الآخر – كما بينا في صدد الكلام في خطأ المضرور – إذا كان خطأ متعمداً أو كان هو الذي دفع إلى ارتكاب الخطأ الآخر . ولا يرد هنا ما رأيناه في خطأ المضرور من أن رضاءه قد يستغرق خطأ المدعى عليه ، فإنه إذا أمكن أن يتصور استغراق رضاء المضرور لخطأ المدعى عليه ، فلا يتصور أن خطأ المدعى عليه يستغرقه رضاء الغير .
599 – تعدد المسئولين : فإذا لم يستغرق أحد الخطأين الخطأ الآخر ، بقيا قائمين ، واعتبر أن كلاً منهما سبب في إحداث الضرر . وهذه هي حالة تعدد المسئولين ، فقد اشترك مع المدعى عليه شخص آخر في إحداث الضرر ، فأصبح المسئول أكثر من شخص واحد .
وقد نصت المادة 169 من القانون المدني الجديد ، السابق ذكرها ، على هذه الحالة . فقضت بما يأتي :
" إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر ، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي ، إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض ( ) " .
ويلاحظ أن النص قرر التضامن فيما بين المسئولين ، فيجوز إذن للمضرور أن يرجع على أي من المدعى عليه أو الغير بالتعويض كاملاً ( ) . ثم يتقاسم المسئولان الغرم فيما بينهما : والأصل بحسب النص أن تكون القسمة بالتساوي على عدد الرؤوس ، إلا إذا استطاع القاضي أن يحدد جسامة كل من الخطأين فيجوز له أن يجعل القسمة بحسب جسامة الخطأ . وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام في خطأ المضرور ( ) .
600 – اشتراك خطأ المدعى عليه وخطأ الغير وخطأ المضرور في إحداث الضرر : وقد يساهم في إحداث الضرر خطأ أول يثبت في جانب المدعى عليه ، وخطأ ثان يثبت في جانب الغير ، وخطأ ثالث يثبت في جانب المضرور . ففي هذه الحالة يتحمل المضرور ، وقد ثبت خطأ في جانبه ، ثلث الضرر ، ويتحمل المدعى عليه والغير متضامنين بالثلثين الباقين . فيرجع المضرور بثلثي التعويض على المدعى عليه أو على الغير ، ويرجع من دفع الثلثين على المسئول الآخر بالثلث . هذا ما لم ير القاضي أن يكون التوزيع لا على عدد الرؤوس بل بحسب جسامة خطأ كل من الثلاثة ( ) .
المطلب الثاني
انعدام السببية لأن السبب غير منتج أو غير مباشر
601 – حالتان : قد تتعدد أسباب الضر ويكون خطأ المدعى عليه أحد هذه الأسباب ، ولكن يؤدي هذا التعدد إلى انقطاع الصلة ما بين الخطأ والضرر فتنعدم علاقة السببية . وقد يكون للضرر بسبب واحد هو خطأ المدعى عليه . ولكن الضرر ذاته هو الذي يتعدد . إذ تتعاقب الأضرار ، فتنقطع الصلة ما بين بعضها وبين خطأ المدعى عليه من جراء تسلسل النتائج . فتنعدم علاقة السببية فيما انقطعت فيه الصلة .
ويستعرض كلا من الحالتين : ( 1 ) تعدد الأسباب ( 2 ) تسلسل النتائج ( أو تعاقب الأضرار ) .
1 – تعدد الأسباب
602 – تعدد الأسباب مع الاستغراق أو دون استغراق : كثيراً ما تتعدد الأسباب التي تتدخل في إحداث الضرر . وعند ذلك يعنينا أن نعرف هل نأخذ بهذه الأسباب جميعاً ، القريب منها والبعي ، ونعتبرها كلها أسباباً أحدثت الضرر ، أو نقف من هذه الأسباب عند المؤثر المنتج دون غيره .
ويحسن في هذا الصدد أن نميز بين حالتين في تعدد الأسباب الحالة الأولى إذا تعددت الأسباب مع استغراق سبب منها للأسباب الأخرى ، والحالة الثانية إذا تعددت الأسباب دون استغراق .
1 - تعدد الأسباب مع استغراق سبب منها للأسباب الأخرى :
603 - بقاء السبب المستغرق وحده مرتبا للمسئولية : رأينا في بحث السبب الأجنبي أنه يجوز أن يكون للضرر سببان ، ولكن أحدهما يستغرق الآخر . ويبقى هو السبب الوحيد الذي أحدث الضرر ، فتتحقق مسئولية صاحبه كاملة . ورأينا أن هذا يتحقق في فرضين :
1 – أن يكون أحد السببين خطأ عمداً والآخر غير عمد . فيستغرق الخطأ العمد الخطأ غير العمد . ويصبح هو السبب الوحيد الذي نقف عنده . فإذا تعمد شخص إحداث ضرر بأخر . وساعده على إحداث هذا الضرر خطأ ارتكبه المضرور أو ارتكبه الغير ، كما لو انتهز شخص فرصة سير غريمه في الطريق غير ملق بالا لما حوله فدهسه بسيارته ، أو رأى حفرة في الطريق حفرها الغير خطأ فأوقع غريمه فيها ، اجتمع سببان تدخلا في إحداث الضرر : تعمد الجاني وخطا المجني عليه أو خطأ الغير . ولا شك في أن تعمد الجاني قد استغرق خطأ المجني عليه أو خطأ الغير ، فالتعمد وحده هو الذي نقف عنده ، ويعتبر السبب الوحيد في إحداث الضرر ، ويكون المدعى عليه مسئولا وحده مسئولية كاملة .
2 - أن يكون أحد السببين نتيجة للسبب الآخر . مثل ذلك أن يخطئ الطبيب في نصيحة المريض أو المحامي في توجيه الموكل أو المهندس في المشورة على العميل ، فيخطئ المريض أو الموكل أو العميل في إتباع النصيحة أو التوجيه أو المشورة فيصاب بالضرر . ومن ثم وجد سببان متواليان تدخلا في إحداث الضرر : المشورة الخاطئة وتنفيذ هذه المشورة . ولكن أحد السببين هو الذي ساق إلى السبب الآخر ، فكان هذا نتيجة له ، إذ المشورة هي التي ساقت إلى التنفيذ فكان التنفيذ نتيجة للمشورة . ويترتب على ذلك أن المشورة تستغرق التنفيذ ، وتصبح هي وحدها السبب الذي نقف عنده ، وتتحقق مسئولية الطبيب أو المحامي أو المهندس وحده مسئولية كاملة .
ب – تعدد الأسباب دون استغراق
604 – نظريتان : أما إذا تعددت الأسباب ولم يستغرق سبب منها الأسباب الخرى ، جاز عندئذ التساؤل هل نأخذ بهذه الأسباب جميعاً وهذه هي نظرية تكافؤ الأسباب que non theorie de l’equivalence des conditions - la condition sine أو تقف منها عند الأسباب المؤثرة المنتجة وهذه هي نظرية السبب المنتج ( theorie de la causalite adequate ) . وقد كان فقهاء الالمان – وتبعهم في ذلك فقهاء البلاد الأخرى – يقولون بنظرية تكافؤ الأسباب ، ثم هجروها – وتبعهم في ذلك أيضاً غيرهم – إلى نظرية السبب المنتج . ونستعرض الآن كلا من النظريتين .
605 – نظرية تكافؤ الأسباب : قال بهذه النظرية الفقهية الألماني فون بيري ( von Buri ) ( ) ومؤداها أن كل سبب له دخل في إحداث الضرر – مهما كان بعيداً – يعتبر من الأسباب التي أحدثت الضرر . فجميع الأسباب التي تدخلت في إحداث الضرر متكافئة ، وكل واحد منها يعتبر سبباً في إحداثه . ويكون للسبب . دخل في إحداث الضرر إذا كان لولاه لما وقع الضرر . فلو أن ثملا سار في عرض الطريق فدهسته سيارة مسرعة ، وكان من اليسير على سائق السيارة أن يتفادى الحادث لو أنه كان يسير بسرعة معتدلة ، كما كان يمكن للثمل أن يتفادى الحادث لو أنه كان مالكاً لتوازنه ، كان هناك سببان في إحداث الضرر : خطأ السائق في السير بسرعة كبيرة وخطأ المصاب في السير في الطريق العام وهو ثمل . ذلك أن الضرر ما كان ليقع لو لم يكن السائق مسرعاً . وما كان أيضاً ليقع لو لم يكن المصاب ثملا . فالسببان متكافئان في إحداث الضرر ، ويعتبر كل منهما سبباً فيه ، ويكون صاحبة مسئولا . فتتحقق المسئوليتان معاً . كذلك لو كان لشخص سيارة ولم يتخذ الاحتياطات المعقولة للمحافظة عليها فسرقت منه ، وساقها السارق بسرعة كبيرة فدهس أحد العبارة ، كان هنا أيضاً سببان في إحداث الضرر : سرعة السائق وتقصير صاحب السيارة في المحافظة عليها . فالضرر ما كان ليقع لو لم يكن السارق مسرعاً ، وما كان أيضاً ليقع لو لم يهمل صاحب السيارة فتسرق منه فالسببان متكافئان في إحداث الضرر ، وكلاهما يعتبر سبباً في إحداثه .
606 – نظرية السبب المنتج : قال بهذه النظرية الفقيه الألماني فون كريس ( Von Kries ) ( ) ، فانحاز لها الكثرة من الفقهاء في ألمانيا وفي غيرها من البلاد . وساعد على هجر نظرية تكافؤ الأسباب إلى نظرية السبب المنتج أن القرائن القانونية على الخطأ المفترض كثرت . فأصبح من اليسير استظهار خطأ مفترض ف يجانب المدعى عليه ينضم إلى أخطاء أخرى أكثر وضوحاً وبروزا . فلو قلنا بنظرية تكافؤ الأسباب لوجب اعتبار جميع هذه الأخطاء ، وفيها الخطأ المفترض ، أسباباً متكافئة . ومن ثم اثر الفقهاء نظرية السبب المنتج ، فيستعرضون الأسباب المتعددة التي كان لها دخل في إحداث الضرر ، ويميزون بين الأسباب العارضة ( fortuites ) والأسباب المنتجة ( adequates ) ، ويقفون عند الثانية دون الأولى ويعتبرونها وحدها السبب في إحداث الضرر . وإذا قيل إن كلا من السبب المنتج والسبب العارض كان له دخل في إحداث الضرر ، ولولاه لما وقع ، إلا أن السببية بهذا المعنى هي السببية الطبيعية . ونحن إنما نريد السببية القانونية ، فنبحث أي الأسباب التي يقف عندها القانون من بين الأسباب الطبيعية المتعددة ليعتبرها وحدها هي الأسباب التي أحدثت الضرر . والسبب العارض غير السبب المنتج . وإذا كان كلاهما تدخل في إحداث الضرر ، ولولاه لما وقع ، إلا أن السبب المنتج هو السبب المألوف الذي يحدث الضرر في العادة ( ) ، والسبب العارض هو السبب غير المألوف الذي لا يحدث عادة هذا الضرر ولكن أحدثه عرضاً . أرأيت لو أهمل صاحب السيارة في المحافظة عليها فسرقت منه ، وعدا بها السائق في سرعة كبيرة فدهس أحد العابرة ، فاجتمع سببان في إحداث الضرر هما خطأ صاحب السيارة وخطأ السارق ، ماذا كان من هذين السببين هو السبب المألوف ؟ اليس هو خطأ السارق في أن يسير بسرعة كبيرة إذ هو الذي يحدث هذا الضرر في العادة ، وأليس خطأ صاحب السيارة في إهماله في المحافظة عليها حتى سرقت منه وإن كان له دخل في إحداث الضرر إلا أنه سبب غير مألوف لا يحدث عادة هذا الضرر ؟ فخطأ السارق وحده هو السبب المنتج ، أما خطأ صاحب السيارة فسبب عارض . ويجب الوقوف عند السبب المنتج دون السبب العارض ، واعتبار صاحب السبب المنتج هو وحده المسئول . وفي مثل الثمل الذي دهسته السيارة المسرعة اجتمع سببان في إحداث الضرر : خطأ الثمل وخطأ السائق . وكلاهما سبب مألوف يحدث هذا الضرر عادة ، فهما سببان منتجات ، وصاحباهما مسئولان معاً . ومن ثم يكون السببان في هذا المثل منتجين وفقاً لنظرية السبب المنتج ، ومتكافئتين وفقاً لنظرية تكافؤ الأسباب .
ويتضح مما تقدم أن نظرية السبب المنتج هي النظرية الأحرى بالاتباع ( ) .
607 – الأثر الذي يترتب على تعدد الأسباب التي أحدثت الضرر : فإذا نحن عرفنا الأسباب التي أحدثت الضرر – سواء اهتدينا إلى هذه الأسباب عن طريق نظرية السبب المنتج أو عن طريق نظرية تكافؤ الأسباب – ووجدنا هذه الأسباب متعددة ، فقد رأينا فيما قدمناه عند الكلام في السبب الأجنبي أن هذا التعدد له اثر كبير في المسئولية . ونستعرض في إيجاز الفروض المختلفة ملخصين ما قدمناه في هذا الصدد .
فقد يجتمع سببان في إحداث الضرر : خطأ المدعى عليه وقوة قاهرة أو خطأ المدعى عليه وخطا المضرور أو خطأ المدعى عليه وخطا الغير . أو تجتمع أسباب ثلاثة : خطأ كل من المدعى عليه والمضرور والغير .
فإذا اجتمع خطأ المدعى عليه وقيام قوة قاهرة ، كان المدعى عليه مسئولا عن التعويض الكامل ، لأن خطأه كان سبباً في إحداث الضرر . ولا يستطيع الرجوع على أحد ، لأن الحادث الذي اشترك مع خطئه في إحداث الضرر كان قوة قاهرة ، يتحمل وحده المسئولية كاملة . فلو أن شخصا لكم شخصاً آخر في صدره لكمة بسيطة ، وتصادف أن المصاب كان مريضا بالقلب لوم يكن المدعى عليه يعلم ذلك ، فمات المصاب من جراء هذه اللكمة . كان المدعى عليه مسئولا مسئولية كاملة عن موت المصاب ( ) . ولو سار سائق السيارة مسرعاً أكثر مما يجب ، فإذا بريح عاصف اقتلع شجرة ورماها في عرض الطريق أمام السيارة ، فانقلبت السيارة على أحد العابرة فأصابته ، كان المدعى عليه مسئولا عن التعويض الكامل ، ولا يستطيع الرجوع على أحد كما هو الأمر في المثل السابق .
وإذا اجتمع خطأ المدعى عليه وخطا المضرور ، كما إذا أسرع سائق السيارة في سيره فاعترض طريقه شخص ثمل فدهسه ، كان هناك خطأ مشترك ( faute commune ) كما قدمنا ، ورجع المضرور على المسئول بنصف التعويض على النحو الذي سبق أن بيناه .
وإذا اجتمع خطأ المدعى عليه وخطا الغير ، كما إذا سار السائق في سرعة كبيرة واعترضته حفرة في الطريق أحدثها الغير خطأ فانقلبت السيارة وأصابت أحد العابرة ، فإن كلا من الخطأين يعتبر سبباً في إحداث الضرر ، ويكون المدعى عليه مسئولا نحو المضرور عن تعويض كامل ، ويرجع بنصف التعويض على الغير الذي أحدث الحفرة خطأ في الطريق .
وإذا اجتمع خطأ كل من المدعى عليه والمضرور والغير ، كما إذا سار السائق بسرعة كبيرة فعثر بحفرة أحدثها الغير خطأ في الطريق فانقلبت السيارة وأصابت شخصاً ثملا كان يعبر الطريق ، كان السائق مسئولا نحو المضرور عن ثلثي التعويض ، ويرجع بالثلث على الغير .
2 - تسلسل النتائج
( أو تعاقب الأضرار والضرر غير المباشر )
608 – التمييز بين تعدد الأسباب وتسلسل النتائج : ينبغي أن نميز تمييزاً دقيقاً بين حالة تعدد الأسباب التي عالجناها فيما تقدم وحالة تسلسل النتائج أو تعاقب الأضرار التي نعالجها الآن . ففي الحالة الأولى الضرر واحد لم يتعاقب ، والأسباب هي التي تعاقبت فتعددت . وفي الحالة الثانية السبب واحد لم يتعدد ، والأضرار هي التي تعاقبت عن هذا السبب الواحد فصارت إضراراً متعددة . ففي إحدى الحالتين إذن السبب هو المتعدد ، أما الضرر فيبقى واحداً . وفي الحالة الأخرى الضرر هو المتعدد ، أما السبب فيبقى واحداً وقد تمتزج الحالتان فتتعدد الأسباب وتتعاقب الأضرار ، فيعطي لتعدد الأسباب حكمه الذي قدمناه ، ويعطي لتعاقب الأضرار الحكم الذي سنبسطه فيما يلي .
609 – أمثلة عملية لتسلسل النتائج أو تعاقب الأضرار : يوجد مثل تقليدي أورده بوتييه في الأضرار التي تتعاقب ، وهو مثل في المسئولية العقدية ولكنه ينطبق أيضاً على المسئولية التقصيرية : تاجر مواش يبيع بقرة . موبوءة ( ) ، فتعدى مواشي المشتري ، وتموت ويموت معها سائر المواشي ، فلا يتمكن المشتري من زراعة أرضه ، فيعوزه المال ، فلا يستطيع الوفاء بديونه.