بسم الله الرحمن الرحيم
( الانعدام)
أولا:-مفهوم الانعدام للعمل الإجرائي :
الانعدام جزاء يلحق العمل الإجرائي إلا انه
اشد جسامته من البطلان لأنه يمس كيان ووجود العمل القضائي .
ويعرف الانعدام بأنه :
(الانعدام وصف يلحق العمل القضائي ويجعله مجردا
من جميع أثاره الشرعية او القانونية) (الماده55مرافعات يمني) وهذا التعريف تعريف بالأثر
يتناسب مع طبيعة التشريع ويرى بعض الشراح إضافة عبارة بعد العمل القضائي (الذي
تجرد من أركان وجوده) (1)
معيار الانعدام:-
ثانيا:- لكي نحدد متى يكون العمل القضائي
منعدما هناك صورتان :
أ-الانعدام المادي أو الفعلي :-
وهو الذي يتحقق أما لعدم القيام بالعمل
القضائي كعدم كتابة الحكم حتى لو نطق به شفويا وعدم القيام بالإعلان وعدم وجود
منطوق الحكم وقد يكون العمل القضائي
موجودا لكنه فقد عنصرا أساسيا من عناصره المكونة له مثل إغفال التوقيع على الحكم
من القاضي الذي أصدره أو عدم توقيع الإعلان من المحضر ،وقد يكون العمل موجودا من
حيث الظاهر إلا انه نسب زورا إلى الشخص المكلف به .
ب-الانعدام القانوني :
(اختصارا) وهو الذي نص علية القانون كجزاء
على العمل القضائي الذي لم تتحقق فيه أركان وجوده القانونية مثل:
انتفا الولاية القضائية عن القائم بالعمل
القضائي سواء كان انتفا مطلقا مثل صدور حكم في نزاع على عقار خارج الوطن ،او صدور
حكم على أشخاص لا يخضعون للقضاء الوطني كأعضاء الهيئة الدبلوماسية.
وقد يكون انتفا الولاية القضائية انتفاء
نسبيا في حالة ما إذا اسند القانون الولاية القضائية لجة غير قضائية كما هو الحال
في اختصاص مجلس النواب في الفصل في صحة العضوية .
وقد يتحقق الانعدام للعمل القضائي بسب
الانتفا الشخصي للولاية القضائية وذلك عندما يصدر العمل القضائي من غير ذي ولاية
قضائية كصدور الحكم من أمين سر المحكمة ،ا وصدور حكم من قاض واحد في هيئة حكم مشكلة من ثلاثة قضاة .
ونفصل ذلك في الاتي:-
اولا :انعدام الإرادة :
إذا أنعدمه الإرادة فلا يكون للعمل القضائي أو
الإجرائي وجود ومن أسباب انعدام الإرادة .
1- الجنون-السكر-الإكراه الملجئ-لان العمل الإجرائي عمل من الأعمال القانونية
بمعناه الواسع ،ولا يوجد ذلك العمل إلا إذا كان صادرا من ذي إرادة ،وهذه القاعدة تؤكدها
القواعد العامة في القانون .
ثانيا: انتفاء الولاية:-
أ-الانتفا المطلق:ويتحقق في الحالات الآتية:-
إذا كان موضوع الدعوى عقارا موجودا في الخارج
:فالولاية القضائية للمحاكم اليمنية محصورة في حدود السيادة الإقليمية للدولة
،والعقار الموجود في الخارج يخضع لسيادة دولة أخرى ، ولا ولاية للقضاء اليمني خارج
حدود الدولة ،فيكون حكم اي محكمة يمنية
موضوع العقار منعدما.
2-إذا كانت الدعوى مرفوعة على أشخاص يتمتعون
بالحصانة القضائية أو الدبلوماسية أو على أموال تمتع بتلك الحصانة ،والحكم في تلك الدعوى
يكون منعدما استنادا إلى انتفا الولاية القضائية ،ومصدر هذا الانعدام المعاهدات
والاتفاقيات التي وقعت عليها اليمن والعرف الدولي مستقر على ذلك في مثل هذه الدعوى
3-إذا سلب القانون الولاية القضائية لسائر
المحاكم عن نضر بعض الدعاوى واسند الولاية القضائية لمحكمة بعينها وقصر ولايتها
على تلك الدعوى كما في الدعوى الدستورية ونتيجة لذلك فان انتفا ولاية سائر المحاكم
عن نضر تلك الدعوى يكون انتفا مطلقا كما أن انتفا الولاية القضائية للدائرة
الدستورية في الدعاوى الأخرى التي لا تدخل تحت ولايتها مطلقا .
4-وقد يكون انتفا الولاية مطلقا لان المحكمة
مختصة بفئة من الناس كما في المحاكم العسكرية
ب-الانتفاء النسبي:ويكون في الحالات التي اسند القانون الولاية
القضائية لغير جهات القضاء كما في اختصاص مجلس النواب في الفصل في صحة العضوية
ويتحقق في نظر الفقه بالنسبة للمحاكم المدنية
في نظر الدعوى التي اسند فيها القانوني الاختصاص لمحاكم ذات ولاية محدودة،كالمحاكم
العسكرية.
ج-الانتفاء الشخصي للولاية القضائية :ويكون
ذلك في الحالات التي يصدر فيها الحكم والأجراء القضائي من غير ذي ولاية قضائية
كصدور الحكم من غير قاضي مثلا من أمين
السر والكاتب أو بعد انتهاء ولاية القاضي بسبب عزله أو استقالته أو بعد انتهاء
فترة ندبه أو نقله إلى محكمة أخرى اوفي محكمة ليس معين فيها أو من قاضي في درجة لم
يشغلها بعد كذلك تنتفي الولاية إذا كان القاضي غير صالح لنظر الدعوى إذا تنتفي ولاية
القضائية فيها فيكون حكمه منعدما ويقتصر
ذلك على الحالات التي قرر القانون الانعدام فيها.
ثالثا:- انتقاص الولاية القضائية :ويتحقق الانتقاص إذا صدر الحكم من هيئة حكم
بغير التشكيل القانوني لان الولاية القضائية عندئذ تعتبر منتقصة والولاية القضائية
كل لا يتجزاء.
ثانيا:-الفرق بين البطلان والانعدام:-
1-يترتب الانعدام بقوة القانون فلا يحتاج في
تقريره إلى حكم العمل القضائي غير موجود في نظر القانون فهو معدوم ولو كان له شكل
مادي ،ولكي نزيل هذا الشكل المادي للعمل المنعدم نص القانون إجراءات خاصة للتخلص
منه أما العمل الباطل فهو صحيح إلى أن يحكم ببطلانه .
2-الانعدام لايقبل التصحيح فهو عدم اما
البطلان فقد يقبل التصحيح
3-تقضي المحكمة من تلقا نفسها بالانعدام
دائما ولا تقضي بالبطلان من تلاقا نفسها الا اذا كان متعلقا بالنظام العام .
4- لايحتاج العمل المنعدم الى نص تشريعي حتى
يحكم به القاضي لان المشرع ينضم الاعمال الموجوده لا المنعدمة الا ان المشرع قد
ينص احيانا على حالات يكون الجزاء فيها هو الانعدام لشيوعها وخطورتها وهذا مافعله
المشرع اليمني في قانون المرافعات الجديد كما طبقه المشرع المصري في محكمة النقض
المصرية التي تصدر من دائره احد اعضائها غير صالح لنظر القضيه.
ثالثا:- تنظيم الانعدام في القانون اليمني :-
نص قانون المرافعات على تطبيقات محدده لنظرية
الانعدام :
1-اذا صدر الحكم من غير قاض ، او كان القاضي
غير معين اوخالف حدود ولايته الزمانية الو المكانية كان يصدر حكما بعد انتها فترة
ندبه اوبعد احالته الى التقاعد .(م9)
2-اذا صدر حكم مخالف للتشكيل القانوني
للمحكمة كما لو كانت المحكمة مكونه من ثلاثة قضاة وانفرد احدهم باصدار الحكم (م11)
3-اذا حكم القاضي في نزاع سبق حسمه بحكم بات
او بحكم محكم (م12)
4-اذا كان القاضي غير صالح لنظر الدعوى كما
في بعض حالات التنحي الوجوبي (المنع الوجوبي )م (128/1-2-4-6-8-9)
5-ايضا حالت ادا الشهاده وحالت كون القاضي
وكيلا لاحد الخصوم في اعماله الخصومية
6اذا لم تتوافر الأركان اللازمة لوجود الحكم
القضائي طبقا للمادة (217)
رابعا:وسائل التخلص من العمل القضائي
المنعدم:-
1-دعوى تقريره بالانعدام ترفع أمام المحكمة
التي اصدرته (م75مرافعات)
2-الدفع بالانعدام في مرحلة المطالبة بتنفيذ
الحكم المنعدم (م51ب)
وتفصيل ذلك في الأتي:-
· تقرير الأنعدام :
يبدو تقرير الانعدام مهما بالنسبة للأحكام القضائية
المنعدمة لأن وجودها المادي يؤدي إلى ستر الحقيقة عنها ويجعلها مرتبة لأثارها فمن المصلحة
إزالة هذا المظهر المادي وقد وضع المشرع اليمني ثلاث وسائل لمواجهة الحكم المنعدم وربط
انعدام الحكم القضائي بتخلف أحد أركانه المتمثلة في الولاية والخصومة والكتابة لأنها
كثيرة الشيوع والوقوع في الحياة العملية .
·
أولاً : الدعوى التقريرية بالانعدام :
ذهب جمهور الفقه الإجرائي العربي المؤيد
لنظرية الأنعدام إلى جواز رفع دعوى تقرير سلبية لمواجهة الحكم المنعدم .
وهذا ما تبناه قانون المرافعات اليمني الجديد
في المادة (57) فقد أجاز رفع دعوى بإنعدام الحكم على النحو الأتي :
أ- إذا كان الحكم المنعدم صادرا من المحكمة الأبتدائية ترفع دعوى الأنعدام
أمامها ولا يتقيد الخصم في رفعها بميعاد الطعن ولا يقضي فيها القاضي الذي أصدر الحكم
المنعدم .
ب- إذا كان الحكم المنعدم صادرا من المحكمة الأستئنافية فيتقرر الأنعدام عن
طريق الدفع بالأنعدام ( وهو دعوى) ويقدم إلى رئيس المحكمة الأستشنافية الذي عليه أن
يحيله إلى شعبة أخرى غير الشعبة التي أصدرته ، ويفصل في الدعوى من جديد.
·
ثانياً : الدفع بالأنعدام في مرحلة التنفيذ :
أجاز قانون المرافعات الجديد لذي الشأن أن
يدفع بإنعدام الحكم أمام قاضي التنفيذ وأوجب على قاضي التنفيذ أن يحيل الدفع إلى
المحكمة المختصة أيا كانت درجته ، وأوجب على المحكمة التي تنظر الدفع أن تفصل فيه
على وجه السرعة وأجاز لها أن تأمر بوقف التنفيذ إن كان الدفع قائما على أساس سليم
م (51/ب) .
غير أن المشرع اليمني لم يعالج فكرة ما إذا
كان الحكم المطلوب تنفيذه منعدما ولم يتم الدفع بالأنعدام أمام قاضي التنفيذ ،
والواقع أن الدفع بالأنعدام يعتبر من النظام العام فإذا رأت محكمة التنفيذ أن الحكم
منعدم امتنعت عن التنفيذ وكلفت ذا الشأن أن يرفع دعوى بالأنعدام أمام المحكمة المختصة
، كما أن المشرع اليمني في المادة (58/ب) قد جعل الحكم الصادر في الأنعدام غير
قابل للطعن فيه أيا كانت لمحكمة التي أصدرته ، وإذا كان له ما يبرزه في الواقع العملي
حفاظا على استقرار الأحكام إلا أن هذا يفترض أن يكون القاضي الأبتدائي أو
الأستئنافي على درجة عالية من الثقافة القانونية حتى يكون ذلك مبررا لعدم الطعن في
حكمه في مسألة الانعدام وكنا نرى أن يخضع الطعن في ذلك الحكم للقواعد العامة حتى
يصل إلى مرحلة النقض في المحكمة العليا ، حيث إن تلك المحكمة تعتبر محكمة مبادئ قانونية
حتى لا يحصل عدم تناسق في أحكام الأنعدام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى أو
الثانية أو أحكام المحكمة العليا ، كما أن المشرع اليمني لم يعالج ثلاث مسائل على
قدر كبير من الأهمية قد تحصل كثيرا في الواقع العملي للمحاكم هي :
1.
مسألة ما إذا قرر قاضي التنفيذ عدم قبول الدفع
بالأنعدام لعدم توفر مقوماته ، ورأي في هذه الحالة أن على صاحب الشأن أن يطعن في
قرار قاضي التنفيذ أمام المحكمة الأستئنافية فإذا رأي قبول الدفع وكانت تلك المحكمة
هي التي أصدرت الحكم المطلوب تنفيذه فإنها تفصل في مسألة الأنعدام وفي الموضوع وإذا
كان الحكم صادرا من محكمة أخرى قررت قبول الدفع وإحالته إلى المحكمة المختصة لتفصل
في مسألة النعدام كما ان لذي الشأن أن يرفع دعوى بالأنعدام أمام المحكمة المختصة .
2.
مسألة ما إذا أثير الدفع بالأنعدام أمام محكمة
الطعن او أثارته محكمة الطعن من تلقاء نفسها باعتباره متعلقا بالنظام العام ففي هذه
الحالة عليها أن تفصل في مسألة الأنعدام وحدها أنها من مسائل النظام العام التي
تتوقف على طلب الخصوم ، وعليها أن تحيل الموضوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لأن
الحكم المنعدم (58) من قانون المرافعات .
3.
مسألة ما إذا تعلق الأنعدام بإجراء من
الأجراءات كأن صدر من غير ذي ولاية في هذه الحالة لم يعالج المشرع وسيلة الطعن فيه
وترى أن الطعن فيه يتقرر وفقا للقواعد العامة وتلك القواعد تقضي بأن العمل المنعدم
لا يرتب أي أثر ويجوز أن يواجه بدعوى تقرير سلبية ترفع أمام المحكمة هي محكمة الدرجة
الأولى ، ولا تسري على ذلك الأجراء قواعد الطعن في الحكم المنعدم وهذه مسلمة في
الفقه الأجرائي .
خامسا:الاانعدام امام المحاكم اليمنية:-
اثيرة مسالة الانعدام امام المحاكم اليمنيه
وبالتحديد امام المحكمة العليا ولكن دون استخدام مصطلح الانعدام وذلك في احكام
منها:
1-حكم الدئرة التجارية في المحكمة
العلياالصادر بتاريخ 16/5/1998محيث الغي الحكم الاستئنافي لخلوه من توقيع العضو
الثالث من تشكيل هيئة الحكم
2-حكم الدائرة العسكرية عام 2000محيث الغت
حكما استئنافيا صادر بتوقيع قاض فرد دون باقي اعضاء هيئة الحكم
3-حكم الدئرة الاداريه المنعقد بهيئة مدنية
الصادر 19/8/1999م حيث الغت فيه حكما ابتدائيا صادرا من مساعد قا ضي لا ولا ية له.
سادسا :النصوص القانونية:-
القانون المعدل مادة (11): إذا كانت هيئة
الحكم في المحكمة مشكلة من أكثر من قاضٍ وجب اجتماعهم لنظر الدعوى والحكم فيها،
وإذا اختلف القضاة فيكون الحكم بالأغلبية طبقاً لما هو منصوص عليه في هذا القانون.
مادة (15) :
يترتب على مخالفة المواد (9 ، 11 ، 12 ، 13) من هذا الفصل انعدام العمل
القضائي وكل ما يترتب عليه.
مادة (56) : إذا تعلق الانعدام
بحكم قضائي أياً كانت المحكمة أو الهيئة التي أصدرته فلا يكون لهذا الحكم أي أثر
شرعي وقانوني ، ويعتبر منعدماً إذا فقد أحد أركانه المنصوص عليها في المادة (217).
مادة (57) : تتم مواجهة الحكم المنعدم أياً كانت المحكمة
التي أصدرته بدفع أمام قاضي الموضوع أو التنفيذ أو بدعوى مبتدأه ترفع أمام المحكمة
التي أصدرته أياً كانت درجتها وإذا كانت المحكمة الابتدائية مشكلة من قاضي فرد
وكان الحكم صادراً منه فلذي الشأن رفع طلب إلى رئيس محكمة الإستئناف المختصة لتكليف قاض آخر لنظر الدعوى والفصل
فيها ، وتتم مواجهة الحكم المنعدم إستئنافياً كان أو حكم محكمة عليا بدفع يقدم إلى
رئيس المحكمة ليتولى إحالته إلى هيئة أخرى للنظر فيه ، فإذا ثبت لديها صحة الدفع
بالانعدام فعليها نظر الطعن من جديد.
مادة (58) : أ - يتم تقديم الدفع بالانعدام أو رفع الدعوى
به دون التقيد بمواعيد الطعون أو الدعاوى المنصوص عليها في هذا القانون أو غيره من
القوانين الأخرى، ويعتبر الحكم الصادر في الدفع أو الدعوى بالانعدام غير قابل
للطعن فيه بأي طريق أياً كانت المحكمة التي أصدرته.
ب- إذا قدم الدفع بالانعدام أمام قاضي التنفيذ فعليه
إحالته إلى المحكمة المختصة أياً كانت درجتها ، وعلى المحكمة التي تنظر الدعوى أو
الدفع بالانعدام أن تفصل فيه على وجه السرعة ، وإذا رأت أن الدفع بالانعدام قائم
على أساس فعليها أن تأمر بوقف إجراءات التنفيذ إن كانت قد بدأت.
المراجع:-
1-كتاب المفيد في شرح قانون المرافعات
الجديد- د/ إبراهيم الشرفي.
2-أصول قانون القضاء – د/سعيد خالد الشرعبي ص
(304).
2-
كتاب أصول قانون القضاء .