بعد التطور الحاصل في المعاملات الاقتصادية والتجارية وجب الاستعانة
بوسائل تسهل ممارسة هذه العلاقات وقد احتل الشيك صدارة هذه الوسائل باعتباره اكثر
الأوراق التجارية شيوعا في التعامل.
والشيك يفترض وجود ثلاثة اشخاص هم الساحب،
والمسحوب عليه، والمستفيد، ويتميز الشيك عن غيره من الأوراق التجارية من عدة
نواحي، منها أن الشيك لا يجوز سحبه إلا على بنك، وأن الشيك دائما مستحق الدفع لدى
الاطلاع، وايضا يجب أن يكون للشيك مقابل وفاء مقدم أو موجود وقت إصداره، كما أن
الشيك لا يجوز تقديمه للمسحوب عليه للقبول حيث لا قبول في الشيك وإذا كتبت عليه
صيغة القبول اعتبرت كأن لم تكن لأن الشيك واجب الدفع بمحرد الاطلاع وتقديمه
للمسحوب عليه البنك يعني الوفاء بقيمته.( دكتور
عصام حنفي، الأوراق
التجارية، ص 287).
ولكي ينشأ الشيك صحيحا باعتباره تصرفا
قانونيا يجب أن تتوفر فيه الأركان الموضوعية العامة في التصرف القانوني، ويشترط
لصحة انشاء الشيك شرط موضوعي خاص وهو وجود مقابل الوفاء (الرصيد) قابل للسحب وقت
إنشائه فضلا عن توفر الأركان الشكلية، بأن يحرر الشيك كتابة وفق شكل معين يتضمن
بيانات إلزامية أوجب القانون كتابتها فيه.
وسنحاول في هذه الورقة البحثية الإجابة عن
إشكال رئيسي مناطة: إلى أي حد استطاع المشرع اليمني حماية حامل الشيك صرفيا؟
النصوص القانونية الحاكمة للشيك:
اهتم المشرع اليمني
بتنظيم قواعد الشيك في المواد من 527- 569 من القانون التجاري اليمني، وقد عمل المشرع على
حماية الشيك كورقة تجارية والحرص على اعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في
التعامل، ووضع من النصوص ما يحقق ذلك وبما يتفق مع طبيعته التي استقر عليها العالم
أجمع.
وقد تضمن القانون
التجاري اليمني تنظيما شاملا لأحكام الشيك في الفصل الثالث من الكتاب الرابع وذلك
في 42 مادة ( المواد من 527- 569 ) بالإضافة للأحكام المشتركة للأوراق التجارية
كلها، كذلك أحكام الإحالة على الكمبيالة حيث نصت المادة 527 من القانون التجاري
على أنه" فيما عدا الأحكام المذكورة في هذا الباب تسري على الشيك أحكام
الكمبيالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته".
والجدير بالذكر في
هذا الشأن أن المشرع اليمني في تنظيمه لأحكام الشيك قد اخذ باحكام قانون جنيف
الموحد مواكبة للتشريعات في معظم الدول المتقدمة فيما يتعلق باعتبار الشيك اداة
وفاء من خلال تبنيه لأحكام تضفي الثقة على التعامل به حيث نصت المادة 528/1 من
القانون التجاري على ضرورة ذكر كلمة شيك في متن الصك وباللغة التي كتب بها.
ونصت المادة 549 منه
على أن يكون الشيك مستحق الوفاء ولا يعتد بالتاريخ اللاحق الذي يدون به، لأن الشيك
يعد مستحق الوفاء لدى الإطلاع أيا كان التاريخ الذي يحمله، فإذا ما قدم الشيك
للوفاء به قبل التاريخ المبين فيه لإصداره وجب الوفاء به في يوم يوم تقديمة بغض
النظر عن التاريخ المبين به، والهدف من ذلك هو التأكيد على الوظيفة القانونية
والاقتصادية للشيك باعتباره اداة وفاء.
تعريف الشيك
لم يتضمن القانون
التجاري اليمني تعريفا للشيك، مما يدل على أن المشرع اليمني أحجم كما هو الحال
بالنسبة للعديد من التشريعات المقارنة عن وضع تعريف محدد للشيك – تاركا ذلك للفقه
-، واكتفى فقط في إطار المادة 528 من القانون التجاري بذكر البيانات الإلزامية
التي ينبغي أن يشتمل عليها الشيك.
وعلى خلاف موقف
المشرع اليمني، فقد عرفه قانون التجارة الأردني في المادة 123 منه بما يلي:
" الشيك محرر
مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون ويتضمن أمرا صادرا من شخص هو الساحب إلى شخص
آخر، يكون مصرفا وهو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث أو لأمره أو لحامل الشيك –
وهو المستفيد – مبلغا معينا بمجرد الاطلاع على الشيك".
أما على مستوى
الفقه، فقد عرفه الدكتور علي جمال الدين عوض بأنه " محرر صرفي، قابل بطبيعته
للتداول كاف بذاته، يتضمن بالضرورة أمرا فوريا غير معلق على شرط، فضلا عن بيانات
معينة عددها القانون، يصدره شخص يسمى مصدر الشيك ( أو عرفا الساحب) إلى بنك ( هو
المسحوب عليه) بأن يدفع لدى الاطلاع عليه للمستفيد المعين فيه، أو لإذنه أو
لحامله، مبلغا نقديا معين". (عوض، الشيك في قانون التجارة وتشريعات البلاد
العربية، ص7).
كما عرفه الدكتور
أحمد شكري السباعي، بأنه" تصرف قانوني يحرر على ورقة او صك وفقا لإجراءات
وبيانات حددها القانون، ويتضمن أمرا يصدر عن شخص يسمى الساحب، يوجه إلى مؤسسة
بنكية لديها رصيد قابل للتصرف فيه، تدعى المسحوب عليه، بأن تفي بمجرد الاطلاع
بمبلغ معين من النقود لإذن شخص ثالث يطلق عليه اسم المستفيد أو الحامل". (
السباعي، الشيك بدون رصيد بين مشاكل الحاضر وآفاق المستقبل، ص 213).
ويمكن إجمال تعريفات
شراح القانون التجاري للشيك بأنه ورقة مستكملة للشروط القانونية تتضمن امرا من
الساحب للمسحوب عليه بدفع مبلغ من المال لحاملها، بمجرد الاطلاع.
طبيعة الشيك
ذهب الدكتور علي
جمال الدين عوض ، إلى أن طبيعة الشيك القانونية، محل مناقشة في الفقه، ولكنها تبقى
مناقشات لا تهم الباحث كثيرا لأن المشرع نظم الشيك بنصوص كثيرة ودقيقة، فمن قائل
إن الشيك وكالة من الآمر للمسحوب غير قابلة للرجوع فيها بالدفع، وقيل هو حوالة حق
من نوع خاص. ( محمد مسعودي، الحماية الصرفية لحامل الشيك، ص17).
في حين ذهب الدكتور
أحمد شكري السباعي إلى أن الشيك بعد تنظيمه تشريعيا من قبل المشرع يمكن تحديد
طبيعته القانونية في كونه" مجرد سند بنكي، يتميز بالذاتية والحرفية والتجريد
والاستقلال عن العلاقات السابقة". (السباعي، ص 36).
خصائص الشيك:
أولا: قابلية الشيك
للتداول بالطرق التجارية
إن من أهم خصائص
الشيك التي لا يقوم بدونها أنه قابل للانتقال، أو التحويل من شخص إلى آخر، من غير
إجراءات معقدة، بل يكفي في ذلك تسليمه للغير بالمناولة، أو تظهيره. وهو نقل الحق
الثابت به إلى حامله بالكتابة على ظهره بما يفيد الموافقة على ذلك، والتنازل عنه
لصالح الحامل. وتتميز طريقة نقل الحق
الثابت بالشيك عن طريق التداول بالبساطة، والسرعة بما يتوافق وحركة التجارة
العصرية التي أصبح من أهم عوامل نجاحها السرعة وعدم التكلف في الإجراءات.( عيسى
محمود، أحكام الشيك دراسة فقهية تأصيلية مقارنة بالقانون، ص 29).
ثانيا: استحقاق
الشيك للدفع بمجرد الاطلاع
امتاز الشيك عن غيره
من الاوراق التجارية كالكمبيالة، أو سند السحب، بأنه يستحق الدفع بمجرد الاطلاع،
ويستطيع حامله أن يحصل على قيمته فورا عن طريق خصمه في البنك المسحوب عليه، أو أن
يظهره إلى غيره تسديدا لثمن سلعه، أو وفاء في دين، ونصت المادة 549 من القانون
التجاري اليمني على أنه :" يكون الشيك مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع عليه وكل
بيان مخالف لذلك يعتبر كـأن لم يكن وإذا قدم الشيك للوفاء قبل اليوم المبين فيه
كتاريخ لإصداره وجب وفاؤه في يوم تقديمه".
الكفاية الذاتية للشيك
قرر المشرع اليمني
في المادة 528 من القانون التجاري أن يشتمل الشيك على بيانات الزامية حتى يكون
كافي بذاته لبيان الحق الثابت به وإثباته بدون الاعتماد أو الإحالة على أي مظاهر
خارجية، وهذه البيانات المحددة والإلزامية التي يتضمنها الشيك ليست مقصودة لذاتها،
وإنما هي تهدف إلى يكون الشيك كافي لذاته لتقرير الالتزام الثابت به وتحديده، بحيث
لا يحتاج إلى البحث في أي علاقة أخرى.
ونظرا لأن أخص خصائص
الشيك صلاحيته للتداول عن طريق التظهير، فإنه يلزم لذلك أن يكون الشيك مستقل بذاته
فيتحدد من بياناته وصف الحقوق الناشئة عنه ومداها ومضمون الالتزام الصرفي، ولا
يرجع في هذا الشأن إلى وقائع أو اتفاقات خارجية عنه، ولا يحتاج إلى البحث عن مضمون
الالتزام، وبذلك يكون الشيك أداة سريعة تتطلبها المعاملات التجارية لتسوية عدد
كبير من الديون. ( دكتور عصام حنفي، الأوراق التجارية، ص 11).
وينصرف مضمون مبدأ
الكفاية الذاتية للشيك إلى جعل الشيك كورقة تجارية كافيا في حد ذاته للدلالة على
مضمون الالتزام الصرفي المجسد فيه ومستقلا عن سائر الالتزامات السابقة، وهو الامر
الذي لن يتأتى إلا إذا افرغ الشيك وفقا للشكل الذي حدده له القانون، وكل ذلك
تيسيرا على الحامل من أجل تمكينه من اقتضاء قيمة الشيك يوم التقديم للوفاء، دون
الرجوع إلى وثائق اخرى تدل على الالتزام الصرفي المذكور أو البحث عن مدى صحة
الالتزامات السابقة للموقعين على الشيك.( محمد مسعودي، الحماية الصرفية لحامل
الشيك، ص 43).
وينتج عن الكفاية
الذاتية للشيك مبدأ هام وهو استقلال الالتزام الصرفي عن العلاقة الاصلية، فطالما
أن الشيك يجب أن يكون له الكفاية الذاتية لوجود الحق الثابت به وإثباته، فإنه ينتج
عن ذلك أن هذا الالتزام الناشئ عن الشيك مستقل في ذاته ولا يتوقف وجوده وتقريره
على مناقشة العلاقة الأصلية بين الساحب والمستفيد، فالشيك كافي بذاته لتقرير الحق
الثابت به بصرف النظر عن العلاقة الأصلية وما يشوبها من دفوع. ( دكتور عصام حنفي، الأوراق التجارية، ص 12).
وقد أكد القضاء
المقارن على الكفاية الذاتية للشيك، حيث ذهب قضاء محكمة التمييز الأردنية إلى
انعدام أي اثر للعلاقة الخفية بين الساحب وبين المستفيد، وان الاثبات يجب أن يكون
من ذات الشيك، وذلك من خلال البيانات المكتوبة فيه.( تمييز جزاء رقم 1987/90 في
11/9/1990، مجلة النقابة لعام 1993، ص 618). وهذا ما عليه قضاء محكمة النقض في
مصر، فقد استقر على أنه لا عبرة بالسبب الذي تم اصدار الشيك بصدده، وان الشيك
ينفصل عن سببه،...( نقض مصري، ورد عند الاستاذ حامد الشريف، شيك الضمان والوديعة
والائتمان بين النظرية والتطبيق، ص33).
وقد ورد في قرار
لمجلس القضاء الاعلى المغربي عدد 1740 ما يلي: " لما كان الشيك الحامل لجميع
البيانات الالزامية يعتبر وظيفيا أداة صرف ووفاء، فهو يستحق الاداء بمجرد الاطلاع عليه،
وأنه كسائر الأوراق التجارية الاخرى يتميز بخاصية التجريد أي أنه يتداول بعيدا عن
سببه. ولذلك فإن حامله يعتبر دائنا لساحبه بالمبلغ المقيد دون أن يكون ملزما بأن
يبين السبب الذي تسلم من أجله الشيك..."( مجلة قضاء المجلس الاعلى، العدد 65،
22 يوليو 2000، ص 347. كما قضى في قرار له عدد 172 وتاريخ 11/2/2004 في الملف
التجاري عدد 68" بأن الشيك بوصفه ورقة تجارية ووسيلة وفاء فإنه يتمتع بخاصية
التجريد ويتداول بعيدا عن سببه.(سلسلة القانون والممارسة القضائية، الاوراق
التجارية بين القانون والعمل القضائي، منشورات المجلة المغربية لقانون الاعمال
والمقاولات، 2004، ص 80-82.
البيانات الإلزامية في الشيك
انطلاقا من مبدأ
الكفاية الذاتية الذي يحكم الشيك كورقة تجارية نجد المشرع اليمني حرصا منه على تأمين
الثقة في الشيك وبالنتيجة حماية الحامل، اشترط لإنشاء الشيك تضمنه مجموعة من
البيانات القانونية وهي ما يصطلح عليه بالبيانات الإلزامية.
وقد تكفل المشرع
اليمني بصياغة البيانات الإلزامية في المادة 528 من القانون التجاري اليمني، معتبرا
إياها شروط صحة لإنشاء الشيك، حيث نصت على أنه يجب أن "يشتمل الشيك على
بيانات معينة وهي تماثل البيانات الإلزامية في الكمبيالة ما عدا ميعاد الاستحقاق
في الشيك لأنه مستحق الوفاء دائما منذ تاريخ سحبه ولدى الاطلاع، وعلى ذلك فيجب أن
يشتمل الشيك على البيانات الآتية:-
1 - لفظ شيك "
مكتوبا في متن الصك وباللغة التي كتب بها.
2 - تاريخ ورقم
الشيك ومكان إنشائه.
3 – اسم من يلزمه
الوفاء (المسحوب عليه).
4 – اسم من يجب
الوفاء له أول مره.
5 – أمر غير معلق
على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود.
6 – مكان الوفاء.
7 – توقيع من انشاء
الشيك ( الساحب)[1].
البيانات الاختيارية
في الشيك
إذا كان المشرع قد
اشترط لصحة الشيك من الناحية الصرفية تضمنه لمجموعة من البيانات الإلزامية، فإنه
بالمقابل ترك لأطراف الشيك حرية إدراج بعض البيانات الاختيارية وفقا لما يخدم
مصالحهم بشرط إلا تخالف نصا قانونيا وألا تتعارض مع طبيعة الشيك كأداة وفاء لدى
الاطلاع، أو تفقده كفايته الذاتية. وهكذا يمكن تقسيم البيانات الاختيارية كما درج
على ذلك الفقه ( عبدالرحمن شمسان، أحكام المعاملات التجارية، ص 290، إلى نوعين:
أولا: بيانات اختيارية
غير جائز ذكرها في الشيك كوضع موعد الاستحقاق في الشيك، وشرط القبول أو عدم القبول
وشرط الإخطار السابق لأنها شروط تتعارض مع طبيعة الشيك لأنه واجب الوفاء لدى
الاطلاع .
ثانيا: بيانات اختيارية
جائز ذكرها في الشيك كشرط وصول القيمة وشرط الوفاء في محل مختار ومنها ما يقصد به
تقوية ضمانات الحامل كشرط الرجوع بلا مصاريف أو بلا احتجاج.
أحكام الوفاء والامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك:
احكام الوفاء بالشيك:
يعد الشيك مستحق
الأداء بمجرد الاطلاع أي بمجرد أول تقديم وكل بيان أو شرط يغير هذه الوظيفة يعتبر
باطلا وكأن لم يكن، وقد أشارت إلى ذلك المادة 549 من القانون التجاري والتي تنص على
ما يلي:
"الشيك
مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع عليه.
يعتبر كل بيان مخالف لذلك كأن لم يكن.
الشيك المقدم للوفاء
قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لاصداره، يجب وفاؤه في يوم تقديمه".
ومما لا شك فيه أن
المشرع باشتراطه ذلك اكد على وظيفة الشيك التي خلق من أجلها وهي أنه اداة وفاء،
وبناء على ذلك يجب أن يكون أمر الدفع لدى الاطلاع غير معلق على شرط معين، لذلك لا
يلزم النص صراحة على أنه واجب الدفع لدى الاطلاع لأن هذا مستفاد من طبيعة الشيك.
وبالتالي فإن اية
اشتراطات مرفقة بالشيك تعلق الوفاء به لا قيمة لها من الناحية القانونية على صفة
الشيك، وتدفع قيمة الشيك بمجرد تقديمه إلى البنك.( سميحه القليوبي، القانون
التجاري، ص 313).
شروط صحة الوفاء:
حتى يعتبر الوفاء
صحيحا يجب توافر الشروط الآتية:
1 – أن يتم الوفاء
للحامل الشرعي للشيك أو لنائبه القانوني.
2 – يجب أن يتوافر
في الشيك الشروط الشكلية لصحته.
3 – إلا تحدث معارضة
في الوفاء لدى المسحوب عليه، وتطبيقا للمادة 552 من القانون التجاري اليمني، لا
تقبل هذه المعارضة إلا في حالة ضياع الشيك أو إفلاس الحامل.
المعارضة في الوفاء:
حدد القانون التجاري
اليمني في المادة 552 منه الحالات التي يجوز فيها للساحب المعارضة في الوفاء بقيمة
الشيك على سبيل الحصر والتي تنص على أنه:
لا يقبل الاعتراض في
وفاء الشيك إلا في حالة ضياعه أو افلاس حامله.
إذا حصل الاعتراض
على الرغم من هذا الحضر لأسباب أخرى تعين على القضاء بناء على طلب حامل الشيك أن يأمر
برفع المعارضة ولو في حالة قيام دعوى اصلية.
وحسنا فعل المشرع
ذلك في الفقرة الثانية منعا من التلاعب بين العميل والبنك المسحوب عليه حيث يستطيع
حامل الشيك في حالة إصدار الساحب أوامر للبنك المسحوب بعدم صرف الشيك في غير حالات
ضياع الشيك أو إفلاس الحامل عليه أن يتقدم بطلب إلى القاضي يطلب فيه شطب الاعتراض
على صرف الشيك، ويتعين على القاضي في هذه الحالة اجابة الحامل إلى طلبه ويقضي بشطب
الاعتراض على صرف الشيك، حتى ولو كانت هناك منازعة موضوعية منظورة أمام قاضي الموضوع
تتعلق بهذا الشيك. (دكتور عصام حنفي، الأوراق
التجارية، ص310).
جزاء الإخلال بمبدأ
الكفاية الذاتية للشيك:
إذا كان مبدأ
الكفاية الذاتية للشيك يستلزم أن يكون هذا الأخير كورقة تجارية مستجمعا لكافة
البيانات الإلزامية التي تطلبها المشرع لإنشائه، بشكل تكون معه هذه البيانات كافية
في حد ذاتها للدلالة على الالتزام الصرفي المجسد فيها دون الحاجة إلى عنصر خارجي،
فإنه بالرجوع إلى المادة 529 من القانون التجاري، نجد أن المشرع أمعن في تكريس
مبدأ الكفاية الذاتية المذكور، وذلك لما قرر أن الشيك غير المستجمع لسائر البيانات
القانونية المطلوبة غير صحيح، وغير منتج لآثاره الصرفية تجاه حامله.
غير أنه إذا كان
المبدأ في التشريع اليمني، هو بطلان الشيك الذي لا تتوفر فيه إحدى البيانات
الإلزامية، فإن لهذا المبدأ عدة استثناءات:
أولا: إذا خلا الشيك
من بيان مكان الإنشاء اعتبر منشأ في المكان المبين بجانب اسم الساحب.(مادة 529).
ثانيا: وإذا خلا من
بيان مكان وفائه فالمكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان وفائه فإذا
ذكرت عدة أمكنة بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الوفاء في أول مكان مبين
وإذا خلا الشيك من هذه البيانات أو من أي بيان آخر اعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي
يقع فيه المحل الرئيسي للمسحوب عليه.( مادة 529).
إذن فما عدا
الاستثناءات المشار إليها اعلاه، فإن إهمال أو تخلف بيان إلزامي من الشيك يؤدي
بالضرورة إلى بطلانه كورقة تجارية.
ويلاحظ أن المشرع
حاول التقليل من حالات البطلان لتخلف شكل الشيك، حماية لثقة الحامل في الشيك كأداة
وفاء، حاصرا هذه الحالات الاستثنائية في حالتين.
وأهمية التعرض
لنقصان البيانات الإلزامية في الشيك تتعلق بحكم إكمال البيانات الناقصة من قبل
الحامل قبل التقديم للوفاء، ما إذا كان هذا التصحيح قد تم على الوجه المتفق عليه
مع المدين الصرفي أم لا؟
يذهب في هذا الصدد
الدكتور طالب حسن موسى، إلى القول بشأن حكم الشيك الناقص" بإن قانون جنيف
أجاب بشأن السفتجة- المادة 10 منه- بقوله ( إذا كان السند ناقصا عند سحبه، ثم اكمل
خلافا لما هو متفق عليه، فلا يجوز الاحتجاج بعدم مراعاة هذا الاتفاق، ما لم يكن
هذا الحامل قد اكتسب هذا السند بسوء نية، أو ارتكب خطئا جسيما)[2].
1-
تجدر الإشارة إلى انه ليس من الضروري أن تكون البيانات الالزامية في الشيك محررة
بخط الساحب نفسه، طالما أنها واضحة وليس بها أي شذوذ ظاهر ومذيلة بتوقيع الساحب
الذي يعد مصدر الحياة بالنسبة للشيك، بدونه لا يمكن الحديث عن أي التزام صرفي
البته. وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في إحدى قراراتها بما يلي:
"
لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب، وفقط يتعين أن
يحمل الشيك توقيع الساحب لأنه إذا خلا من هذا التوقيع يكون ورقة لا قيمة لها ولا
يؤبه بها في التعامل". طعن رقم 121 لسنة 41 ق. جلسة 25/4/1971.س 22، ص 366.