الاستملاك
للمنفعة العامة
الاستملاك
لإنشاء الطرق العامة
إن حق الملكية حق مصون كفلت حمايته الشرائع السماوية وقوانين ودساتير
العالم الحر وذلك باعتبار الملكية الخاصة من ركائز الاقتصاد الوطني , من هذه القوانين الدستور اليمني حيث نصت المادة (7) الفقرة
(ج) "حماية واحترام الملكية الخاصة فلا تمس إلا للضرورة ولمصلحة عامة وبتعويض
عادل وفقا للقانون " .كما نصت المادة (1159) مدني يمني على انه "لا يجوز
لأحد أن يحرم احد من ملكة إلا في الأحوال التي يقرها القانون الشرعي وبالطرق
المنصوص عليه فيه وفي مقابل تعويض عادل
".
مع التشديد على حرمة الملكية الخاصة إلا إن الواقع يفرض عدة قيود عليها
وذلك مراعاة لمصالح هي أولى بالرعاية سواء كانت هذه المصالح عامة أم خاصة.
فهناك قيود ترد على حق الملكية الخاصة للمصلحة الخاصة"1"
لمالك آخر حتى يتمكن من الاستفادة بملكة على أكمل وجه وترجع هذه القيود إلى
واقعه الجوار بين الملاك.
من هذه القيود الالتزام بعدم الأضرار بالجار أضرارا غير مألوفة وأيضا تقرير حق الري و الصرف و المجرى على عقار
لمصلحة عقار آخر وكذلك القيود المتعلقة بفتح مطلات و مناور.
بالإضافة للقيود المقررة للمصلحة الخاصة هناك قيود أخرى ترد على حق الملكية الخاصة للمصلحة العامة"2"
ومنها التأميم وكذلك نزع الملكية للمنفعة العامة , وهذا الأخير هو موضوع بحثنا وهو
ما نصت علية مختلف قوانين العالم ومنها القانون اليمني .حيث أجاز نزع الملكية
للمنفعة العامة نص المادة (7) من الدستور و المادة (1159) مدني و المادة (5) من
قانون أراضي وعقارات الدولة و المادة (1) من قانون الاستملاك , وقد نظمت إجراءات الاستملاك وفقا لقانون
الاستملاك للمنفعة العامة .
في هذا البحث سأتطرق إلى المطلبين التاليين :
المطلب الأول / يجيب عن التساؤل
التالي , متى تعد الطريق من المشاريع ذات النفع العام ؟
المطلب الثاني/ يتكلم بشكل
عام عن نزع الملكية ومنها نزع الملكية الخاصة لشق الطريق ذات النفع العام. وسوف اقسم هذا المطلب إلى عدة فروع , لفرع الأول
يتكلم عن تعريف نزع الملكية, الفرع الثاني يتكلم عن خصائص نزع الملكية والفرع
الثالث عن طرق الاستملاك.
المطلب الأول
متى تعد الطريق من المشاريع ذات النفع
العام؟
تنص المادة (59 )الفقرة (أ) من قانون أراضي وعقارات الدولة على انه
"....ويعتبر من الأملاك العامة كل ما هو مخصص بطبيعته أو تم تخصيصه للمنفعة
العامة بعد تعويض من له ملك خاص فيه
تعويضا عادلا وفقا لقانون الاستملاك للمنفعة العامة ". من هذا النص يتضح أن
الطريق نعد ذات نفع عام إذا كانت مخصصة للمنفعة العامة ,وبالتالي لا تعتبر طريقا
عاما الطريق التي ينشاها مالك العقار للاستفادة من ملكة.
ولكن نص المادة (118) مدني
يقول "ينقسم المال إلى قسمين عام و خاص : فالمال العام هو كل مال تملكه
الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ويكون مخصصا للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى
قانون أو قرار وهذا المال لا يجوز
التصرف فيه و الحجز علية ولا تملك الأشخاص
له بأي وسيلة مهما بقي عاما ويحوز للأشخاص الانتفاع بة فيما اعد له طبقا للقانون
وما عدا ذلك من المال فهو مال خاص سواء تملكه الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة
أو تملكه آحاد الناس "
فلا يكفي إذا لاعتبار الطريق من الأموال العامة مجرد تخصيصها
للمنفعة العامة ولكن لابد من أن تكون مملوكة للدولة أو لأشخاص اعتبارية عامة ونشير
إلى هاذين الشرطين على النحو التالي"3" .
أولا : أن يكون
المال مملوك للدولة أو لأحد أشخاص القانون العام فلا تعتبر أموال عامة الأموال
المملوكة لأشخاص القانون الخاص حتى لو كانت مخصصة لمنفعة عامة مثل أموال الجمعيات
و المؤسسات الخاصة, ومثل طريق خاص مملوكة لأحد أو بعض الأفراد و المفتوح لمرور
المشاة والسيارات.
ثانيا :[1] أن يكون الطريق مخصصا للمنفعة العامة والتخصيص للمنفعة العامة يكون
باحدا طريقتين وفقا للمادة (118) مدني . الطريقة الأولى يكون فيها التخصيص بالفعل
وبحكم الواقع دون حاجة نص أو قرار مثل طريق يستعملها الجمهور منذ زمن طويل.
والطريقة الثانية : أن
يتم التخصيص بمقتضى نص في القانون أو قرار سواء كان القرار جمهوري أو من رئيس مجلس
الوزراء أو من الوزير المختص وتطبيقا لهذا الشرط لا يعتبر الطريق من المشاريع ذات
النفع العام إذا لم يتم تخصيصها للمنفعة العامة ولو كان مملوكة للدولة أو لغيرها
من الأشخاص الاعتبارية العامة
وهناك صورتين للتخصيص للمنفعة العامة "4" الأولى ىالتخصيص
لمنفعة الجمهور بشكل مباشر مثل الطرق و الشوارع العامة و الصورة الثانية أن يكون
التخصيص لمرفق عام مثل الوزارات ولمستشفيات و الجامعات و المدارس .
إن الطريق والمال بصورة عامة في صورتي التخصيص السابقتين يعتبر مالا
عاما تحكمه قواعد القانون العام والقانون الإداري بالذات.
المطلب
الثاني
الفرع الأول
تعريف نزع الملكية
يقصد
بنزع الملكية للمنفعة العامة حرمان مالك العقار من ملكة جبرا للمنفعة العامة نظير
تعويض عما يناله من ضرر"5" .
نظرا لازدياد نشاط الدولة في مجال الإنشاءات ومنها
فتح الطرقات فقد أعطى القانون الإدارة الحق في اختيار المواقع المناسبة لمشاريعها
بما يحقق المصلحة العامة لأفراد المجتمع وأعطاها الحق في نزع الملكية الخاصة تحقيقا
لهذا الغرض ولكن وفق لشروط تقيد الإدارة من التعسف بهذا الحق حماية لحرمة الملكية
الخاصة , وعدم مراعاة هذه القيود يجعل الدولة غاصبة للحق الخاص "6".
الفرع الثاني
خصائص نزع الملكية
أولا: نزع الملكية لا يكون إلا في العقارات: يقتصر نزع الملكية على
العقارات دون المنقولات والمقصود بالعقارات هي العقارات المملوكة ملكية خاصة فلا
تلجا الدولة إلى إجراءات نزع الملكية لعقار مملوك لمحافظة أو مديرية أو جهة إدارية
أخرى ولكن يتم الاستملاك عن طريق الاتفاق بين الطرفين وفقا لما جاء في المادة (4) من قانون الاستملاك .
ونزع الملكية العقار تشمل الأرض و البناء المقام عليها فلا يقتصر
النزع على المباني و حدها دون الأرض "7" .
ثانيا : نزع الملكية لا يكون إلا لضرورة و لتحقيق مصلحة عامة : كما أسلفنا فان حق الملكية حق مصون لا يجوز المساس به إلا لضرورة
وفقا للمادة (7) من الدستور والمادة (1) من قانون الاستملاك للمنفعة العامة , وهذه الضرورة لابد إن تقدر بقدرها ولابد إن تكون تحقيقا لمصلحة عامة أولى
بالرعاية .
إعلان منتصف المقال
و الإدارة تتمتع بحرية في تقرير المنفعة العامة التي تبرر لالتجاء إلى
نزع الملكية وكذلك بحق تقدير المساحة
اللازمة "8".
ويترتب على هذه الخاصية أنة إذا
لم تكن هناك ضرورة لنزع الملكية كان ترغب جهة الإدارة بإقامة طريق عام ونزعت ملكية
خاصة لمواطن بينما كان يوجد هناك عقار مملوك للدولة صالح لإقامة هذا الطريق فيجوز
منازعة الإدارة بسبب هذا النزع لعدم الضرورة
"9".
كذلك إذا تم الاستملاك من قبل موظف عام لإقامة طريق خاصة بة يستفيد
منها دون إن يكون الغرض هو المصلحة العامة فيكون هذا الموظف غاصب يجب رفعة لاستيلائه على مال الغير دون سبب
شرعي وفقا للمادة (1119) مدني يمني .
ثالثا: التعويض : كما أسلفنا
فان القوانين المختلفة تقرر حرمة الملك الخاص وتحيطه بضمانات واسعة باعتباره ركيزة
من ركائز الاقتصاد الوطني ونزع الملكية لا يكون إلا استثناء للضرورة وبتعويض عادل
. وقد نصت القوانين على وجوب هذا التعويض
وعلى أن يكون تعويضا عادلا ومن هذه القوانين
القانون اليمني حيث نصت علية المادة (7) من الدستور, والمادة (1) من قانون
الاستملاك , والمادة (1159) من القانون المدني , و المادة (5) من قانون أراضي
وعقارات الدولة . كما نصت المادة (22) من قانون الاستملاك على التعويض عن الضرر
الناجم عن الاستملاك الجزئي إذا أدى إلى أضرار مادية بما تبقى من العقار كما يستحق
, التعويض كل مالك عقار لم يمسه الاستملاك وتضرر من تنفيذ المشرع .
و بالنسبة لتقدير التعويض فيكون
بالاتفاق في حالة الاستملاك الرضائي أو بتقدير لجنة التقدير المشكلة وفق قانون
الاستملاك, ويصح إن يكون التعويض نقدا أو عينا , ويكون التعويض خلال ثلاثين يوما
من تاريخ الاتفاق كتابة على قرار لجنة التقدير أو بمضي عشرين يوما دون اعتراض على
القدير ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك. وفي حالة الاستملاك القضائي تكلف المحكمة
لجنة التقدير بتقدير قيمة التعويض العادل خلال مدة لا تتجاوز شهر من تاريخ الإحالة
ويدفع المستملك التعويض خلال شهرين من صدور قرار اللجنة وفقا للمادة (10) من قانون
الاستملاك.
الفرع الثالث
طرق الاستملاك
أولا : الاستملاك الإداري : يكون في حالة استملاك العقارات العائدة لجهات حكومية أو للهيئات
والمصالح و المؤسسات و الشركات العامة وهذا
النوع من الاستملاك منصوص علية في المادة (4) من قانون الاستملاك.
ثانيا : الاستملاك الرضائي : ويكون بالاتفاق بين مالك العقار و الجهة الحكومية التي تريد الاستملاك ويتم الاتفاق على عوض نقدي يتفق علية
الطرفان أو حسبما تقدره لجنة التقدير المشكلة بموجب المادة (18) من قانون
الاستملاك ويجوزان يتم الاتفاق على عوض عيني
و إذا اتفق على إن يكون العوض عقار و كان العقار مملوكا على الشيوع لزم
الموافقة من جميع الشركاء أو من يمثلهم . وقرار لجنة التقدير يجوز الاعتراض علية
خلال عشرين يوم من تاريخ التبليغ بة . فإذا
تم الموافقة على قرار اللجنة في التعويض أو مضت مدة العشرين يوم دون اعتراض كان
القرار نهائيا ويتم التسجيل في السجل العقاري بعد التأكد من تسلم المستملك منة
مبلغ التعويض. فإذا لم يسلم المستملك المستملك منة مبلغ التعويض او لم يقم بتسجيل
العقار المستبدل بة باسم المستملك منة في حالة التعويض العيني خلال ثلاثين يوم من
الاتفاق كتابة على قرار لجنة التقدير أو بمضي عشرين يوما دون اعتراض احد الطرفين
على قرار اللجنة - ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك - جاز للمستملك منة إشعار المستملك
ودائرة السجل العقاري بعدم موافقته على الاستملاك واعتبرت الإجراءات المتخذة بشان
الاستملاك ملغاة . اما في حالة الاعتراض على التقدير من لجنة التقدير خلال العشرين
اليوم فان إجراءات الاستملاك الرضائية تعتبر ملغاة.
ثالثا : الاستملاك القضائي : يكون الاستملاك قضائيا إذا تم عبر جهاز السلطة القضائية , حيث يجوز
للجهة التي تريد استملاك العقار تقديم طلب استملاك إلى محكمة استئناف المحافظة
التي يقع العقار في دائرتها متضمنا تحديد المشروع ذي النفع العام المطلوب استملاك
العقار لمصلحتة وبيان بأسماء مالكي العقار أو حائزيه الحقيقيين وعناوينهم وموقع
العقار وخارطة تبين المساحة المطلوب استملاكها وبيان تحقق حالة الاضطرار للاستملاك
وكافة البيانات الأخرى الأزمة.
تنظر المحكمة في الطلب
خلال مدة لا تزيد عن خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه وفقا للمادة (8) من قانون
الاستملاك و تقوم في أول جلسة بالتحقق من توافر الشروط اللازمة للاستملاك وخاصة خلو طلب الاستملاك من التعسف فإذا
توافرت هذه الشروط تكلف المحكمة لجنة التقدير بتقدير قيمة التعويض العادل خلال مدة
لا تتجاوز شهر من تاريخ الإحالة وتفصل المحكمة في طلب الاستملاك على وجه الاستعجال
متحرية العدل والحق إن لم تتمكن من الوفاق بين الطرفين . إما في الحالة إذا لم تتوافر شروط الاستملاك فترد
المحكمة الطلب مع الحكم على الجهة المعنية طالبة الاستملاك بتعويض صاحب العقار عن
ما لحقه من مصاريف و اتعاب المحاماة وهذا ما نصت علية المادة (9) من قانون الاستملاك .
إذا قررت المحكمة استملاك
الجهة للعقار فعلى المستملك دفع التعويض خلال شهرين نقدا ولو بواسطة المحكمة أو
عينا إن طلب المستملك منة ذلك ان كان ممكنا. وتقوم المحكمة بإشعار السجل العقاري
بتسجيل العقار باسم المستملك بعد التأكد
من دفع التعويض أو تسجيل العقار المستبدل بة باسم المستملك منة . و إذا كان العقار
المستملك لا يملك صاحبة سواه وهو مأواه أو مصدر رزقه فيجب معالجة وضعة عند التعويض
بما يضمن إعادة حالة على الأقل إلى مثل ما كان علية وهو ما نصت علية المادة (10) من
قانون الاستملاك .
وفي حالة استملاك جزء من عقار
وكان الجزء المتبقي منة غير قابل للانتفاع بة فللمستملك منة أن يطلب من المحكمة
استملاك العقار من قبل المستملك إن امتنع وفي هذه الحالة يجب ان يقدم طلب
الاستملاك خلال سنتين من تاريخ وضع الجهة المستملكة يدها على الجزء المستملك .
تم بحمد الله
تعالى ...
المراجع
(1) الوسيط في شرح القانون المدني الجديد –
السنهوري – الجزء الثامن ص 682 - 683
(2)
المرجع السابق ص 644
(3)
الوجيز في أحكام القانون الإداري اليمني – احمد عبد الرحمن شرف الدين – مكتبة
الصادق ص 278 - 279
(4)
المرجع السابق ص 281 - 283
(5)
الموسوعة الشاملة في شرح الفانون الإداري – علي الدين زيدان و محمد السيد احمد
الجزء الثالث ص 1301
(6)
المرجع السابق ص 1301
(7)
المرجع السابق ص 1304
(8)
المرجع السابق ص 1306
(9)
المادة (3) من قانون الاستملاك