بحث حول حجية الدليل
الالكتروني في الاثبات المدني
بسم الله والصلاة على رسول الله وبعد :
للاثبات اهمية وهي حماية الحق الموضوعي الذي يتجرد من قيمته مالم يقم
الدليل على الحادث المبدئ له قانونيا او مادي والواقع ان الدليل هو قوام حياة الحق
ومعقد الدفع منه ذلك انه اذا عجز المدعى عن اثبات ما يدعيه حكم برفض دعواه واذا
اثبته وعجز المدعى عليه عن دحضه قضى له به . (صـ 8 اصول الاثبات في المواد المدنية
والتجارية د / همام زهران ) .
وقد اثار استخدام وسائل الاتصال الحديثة ولا سيما الانترنت والاستعانة
بها في حياتنا المعاصرة مشكلة التعبير عن الارادة ومدى مصداقية الايجاب والقبول
المتبادل من خلالها واثباته , واذا كانت المشكلات المتعلقة بإبرام العقود واثباتها
تطرح نفسها في النازعات المتداولة امام القضاء بشكل شبه يومي في ضل استخدام
التقنيات الحديثة في ابرام العقود وفي ضل ما يثيره التعاقد الالكتروني من صعوبات
تتعلق بكيفية اثبات ذلك التعاقد غير الورقي وتحديد صلاحية الوسائط الالكترونية
بوصفها دعامات او وسائط مادية مقبولة في تدوين المحررات الكتابية وتحديد امكانية
الاعتراف بالتوقيع الالكتروني ومساواته باليدوي .
(415صـ التعبير عن الارادة عن طريق الانترنت واثبات
التعاقد الالكتروني وفقا لقواعد الفقه والقانون المدني د/ مندى عبدالله حجازي )
وقد نص
قانون الاثبات اليمني على تعدد طرق الاثبات في المادة (13) التي نصت على ان (طرق الإثبات هي:1- شهادة الشهود2- الإقرار.3- الكتابة.4-
اليمين وردها والنكول عنها.5- القرائن الشرعية والقضائية.6- المعاينة ((النظر)).7-
تقرير.8- استجواب الخصم. )
كما ان
الاثبات في المعاملات الالكترونية فضلا عما سبق قد يعتريه صعوبات من الناحية
القانونية لأنه كما يذكر البعض انه اذا كانت الوثائق الالكترونية الجديدة على
وسائط جديدة كالميكروفيلم (com) والدعامات بأنواعها كأحد مخرجات الكمبيوتر
والمخرجات عل الاشرطة والاسطوانات الممغنطة , وتتفق اكثر المستندات الورقية
التقليدية مع ادخال تقنيات المعلومات الحديثة في شتى المجالات الا انها لا تتكيف
بسهولة مع القواعد التقليدية في الاثبات خصوصا من حيث توافر عناصر الدليل الكتابي
, ومفهوم الصورة او النسخة وحجيتها فضلا عن اختلاف نظام وشكل تخزينها وحفظها
واسترجاعها ذلك ان الوسيلة الوحيدة المعترف بها حتى الان لإثبات التصرفات
القانونية في في المسائل المدنية والاعمال المختلطة هي الكتابة , فالنظام القانوني
للاثبات المدني يقوم اساسا في مصر وفرنسا على الكتابة على مستند ورقي موقع بخط
اليد ممن صدرت عنه الكتابة , فالكتابة من ناحية, والتوقيع الخطي من ناحية اخرى هما
عنصرا الدليل الكتابي في النظم التقليدية للاثبات والمشكلة هنا اساسا في المواد
المدنية في مدى اتفاق هذه الوسائل الفنية الجديدة في انجاز المعاملات مع المتطلبات
القانونية لإثبات التصرفات القانونية من ناحية ومدى قبول الوسائط الجديدة كدليل مقنع
في الاثبات من ناحية اخرى .
(صـ
179 الاثبات في العقود الالكترونية د/ عطا
السنباطي)
وبالاستقراء
فانه كما يرى البعض :
ان المفهوم
التقليدي للاثبات لم يعد ملائما للتطبيق على الوسائل الالكترونية الحديثة
المستخدمة في الاثبات وذلك لأنه أي المفهوم التقليدي وضع لتنظيم الاثبات الذي
يستخدم فيه المستندات الورقية وبالتالي لا يصح للاثبات الذي يستخدم فيه الوسائل
الالكترونية وذلك لوجود فوارق كثيرة نبينها على النحو التالي :
اولاً :
السند الالكتروني القابل للتلف والمحو :
حيث لا
يتمتع بصفة الثبات والاستقرار كما ان الطرق التي يمكن استخدامها لنقل السند
الكترونيا من اسطوانة الى اخرى لجل هذه المشكلة من شانها ان تفتح الباب للتلاعب
بمحتوى السند وهذا غير موجود في السند الورقي .
ثانيا : ان
السند الالكتروني القابل للتعديل والتغيير: دون اثر لذلك وهذا يصعب في السند
الورقي .
ثالثاً :
احتمال حدوث خطا فني عند استخدام السند الالكتروني : حيث يبدو اكبر بكثير منه في حالة
استخدام السند الورقي ومواجهة هذا الخطأ تتطلب استخدام وسائل اخرى في الاثبات غير
السند الالكتروني قد لا يقوم بنفسه دليلا كافيا للاثبات .
رابعاً :
ان فكرة التوقيع: والتي تعد عنصرا اساسيامن عناصر الدليل المعد للاثبات أيا
كانت صورته تختلف اختلافا جوهريا في كل من نوعي السند .
خامساً : استخدام
السند الالكتروني :قد يتعذر في الحالات التي يتطلب فيها القانون التقيد بشكليات
معينة مما يقف حجرا عائقا امام الاحتجاج بالمحررات الالكترونية او المعلوماتية ،
ولكن قد يخفف من ذلك ان القانون خرج على قاعدة الكتابة في مجال الاثبات في حالات
سته وهي حالات الاتفاق بين الاطراف على ذلك , والتصرفات القانونية التي لا تتجاوز
قيمة او مبلغا معينا , والاستحالة التي تعترض تقديم سند كتابي , وفقد السند
الكتابي , ومبدأ الثبوت بالكتابة , والاحتيال نحو القانون .
وبالتالي
فالاتفاق بين الافراد او المؤسسات والشركات صريحا كان او ضمنيا قد يكون للعرف دور
هام في التدليل على وجود مثل هذا الاتفاق يسمح بمنح حجية قانونية لسائر الوسائل
المستحدثة لكتابة ونسخ وحفظ المحررات وكذالك الاستحالة المادية او الادبية او وجود
مانع من الكتابة او من الحصول على مستند كتابي سواء كان ماديا او ويدخل فيه التعاقد
عن طريق التلفزيون او الفاكس او الانترنت او ادبيا ويدخل فيه العلاقات المالية بين
الاصول والفروع او الطبيب والمريض هذا مانع ايضا يسمح بإعطاء حجية قانونية
للمعاملات الالكترونية الحديثة .
ولهذا
اتجهت بعض القوانين الحديثة الى النص على التسوية صراحة بين الكتابة الالكترونية
والكتابة الورقية وغير ذلك مما يتطلبه القانون من شكل معين في الكتابة او التسجيل
او الحفظ الخ ومن هذه القوانين القانون الاماراتي في المادة 8/1 .
(صـ 185 د/
عطا السنباطي مرجع سابق )
المحررات
الالكترونية وحجيتها في الاثبات :
اولا : راي
الفقه الاسلامي :
الراي
الراجح في الفقه الاسلامي ان الكتابة تعد احد وسائل الاثبات بل انها اهم الوسائل
على الاطلاق لقوله تعالى((يأيها الذين ءامنوا اذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى
فاكتبوه ... )) اذ بها يمكن تحقيق منافع وتامين حقوق مهمة وهي ايضا ضمان لا يتوافر
في غيرها من سائر وسائل الاثبات وبخاصة في عصرنا الحاضر , واما القول بعدم حجية
الكتابة فقد كان في زمن غير هذا الزمن حيث كان الناس فيه متمسكين بدينهم حريصين
على قول الصدق واداء الشهادة بالحق , ولا
يعرفون للكذب سبيلا ولا لشهادة الزور طريقا فكانت المعاملات مأمونة والحقوق مكفولة
, اما الان فقد طغت المادة على عالمنا اكثر من ذي قبل وضعف الانتماء الى الدين
واجلاله فتفشى الكذب وشاعت شهادة الزور . لذا يتضح ان العمل بالكتابة لدى فقهاء
المسلمين قد اتخذ طريقا وسطا يدور بين اصلين هما :
الاول : لا يعتمد
على الكتابة التي فيها شائبة التزوير والتصنع ,فلا تتخذ تلك الكتابة مدارا للحكم
عند المنازعة لإمكان تزويرها وافتعالها .
الثاني : يعمل
بالكتابة البريئة من شائبة التزوير والتصنع لان اكثر معاملات الناس تحصل بلا شهود
فان لم يعمل بالكتابة ويعتمد عليها في اثبات تلك المعاملات استلزم ذلك ضياع اموال
الناس وحقوقهم .
( ص 466
د/مندى حجازي مرجع سابق )
وقد استثنى
مجمع الفقه الاسلامي من العقود و المعاملات التي يصح ابرامها بوسائل الاتصال
الحديثة استثنى عقد الزواج لاشتراط الاشهاد فيه وعقد الصرف لاشتراط التقابض فيه
وعقد السلم لاشتراط تعجيل راس المال .
(صـ 191 د/ عطا السنباطي مرجع سابق )
و يذهب بعض
الفقه الى ان المحرر الذي اعتبره القانون حجة لا يوجد مانع قانوني من اطلاقه على
المحرر الكتابي والالكتروني على حد سواء حيث ان القانون لم يشترط شكلا معينا في
المادة التي يكتب عليها او يكتب بها فيمكن الكتابة على الورق او الخشب او الجلد او
غير ذلك , فكل هذه الكتابات يعتد بها كذلك يمكن الكتابة بالمداد السائل او الجاف
او بقلم لرصاص او على الآلة الكاتبة او
غير ذلك من الوسائل المتقدمة للكتابة , فكل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد هو
ثبوت نسبة المحرر الى صاحبها .
ويذكر
البعض ان الكثير من الاتفاقيات الدولية تبنت هذا الراي من هذه الاتفاقيات :
اتفاقية
روما سنة 1985م : بشان الاعتراف بأحكام التحكيم الاجنبية وتنفيذها في المادة
11/2 .
اتفاقية
نيويورك : بشان
التقادم في البيوع الدولية للبضائع سنة 1972م وفيها ان مصطلح الكتابة ينصرف ايضا
الى المراسلات الموجهة في شكل برقية او تلكس .
وايضا
القانون لم يحصر التوقيع على المحرر للاعتداد به وهو- أي التوقيع عصب الاثبات في
الخط اليدوي او الختم وان كان قد نص على ذلك فانه نص عليه من باب تقنين ماهو معروف
ومعتاد ولأهمية التوقيع الالكتروني باعتباره العنصر الرئيسي للاثبات في المعاملات
الالكترونية الحديثة باعتباره مصدر القوة في أي ورقة من وجهة نظر القانون والركن
الاساسي الذي يعطيها قوة في الاثبات . حيث عرف كثير من الفقهاء معنى التوقيع
الالكتروني كما جاء في قاموس روبير الفرنسي بانه (علامه شخصية يضعها الموقع باسمه
بشكل خاص وثابت ليؤكد صحة مضمون الورقة وصدق ما كتب بها واقراره بتحمل المسئولية
عنه ).
ويشترط في
التوقيع ان يترك اثرا متميزا يبقى ولا يزول هذا التوقيع اذا تم على النحو السابق
فانه يؤدي دورا مهما في الاثبات لأنه حينئذ لا يتطرق اليه الشك في تحديد شخصية
الموقع ولانه يد تعبيرا واضحا عن ارادة الموقع في التزامه بمضمون الورقة واقراره
لها كما انه دليل على حضور اطراف التصرف وقت التوقيع او حضور من يمثلهم قانونا او
اتفاقا .
(ص 214ـ217
د/عطاء السنباطي مرجع سابق )
حجية
الدليل الالكتروني في القانون الوضعي :
اولا : حجية
الدليل الكتابي الالكتروني في القانون المصري :
فقد احال
المشرع المصري بشان صحة التوقيع الالكتروني والمحررات الالكترونية الرسمية
والعرفية والكتابة الالكترونية الى احكام قانون اثبات المواد المدنية والتجارية
رقم (25) لسنة 1968م وفقا لآخر تعديلاته وفقا للقانون الصادر في 1999م وذلك فيما
لم يرد بشأنه نص في قانون التوقيع الالكتروني رقم ( 15 ) لسنة 2004 م او في لائحته
التنفيذية وعلى ذلك فان من شروط صحة الدليل الكتابي حسب قانون الاثبات في
المعاملات المدنية والتجارية , ومن ثم فانه لا يمكن ادراك مدى حجية الدليل الكتابي
الالكتروني الا من خلال دراسة حجيته في ظل القواعد القانونية التقليدية وقانون
التوقيع الالكتروني والوقوف على شروط الاحتجاج به كالتالي :
اولا : حجية
الدليل الكتابي الالكتروني في ضل القواعد التقليدية :
إعلان منتصف المقال
للوقوف على
حجية الدليل الكتابي الالكتروني ومدى مساواته في الاثبات و الاثر القانوني للدليل
الكتابي التقليدي وفقا لقانون اثبات المواد المدنية لذا يتطلب منا الوقوف في نطاق
الاثبات بالدليل الكتابي الالكتروني في المواد المدنية .
نطاق
الاثبات بالدليل الكتابي الالكتروني في المواد المدنية :
يتفق قانون
الاثبات المصري مع اغلب القوانين العربية في اعتماده على قاعدة الاثبات بالدليل
الكتابي في المعاملات المدنية متى تجاوز التصرف حدا معينا بوصفها افضل وسائل
الاثبات وقد اورد هذا القانون عدة استثناءات على القاعدة يجوز بموجبها الاثبات
بغير الدليل الكتابي وبناء على ذلك فسنقسم النطاق الى فرعين هما :
1/ حجية
التعاقد طبقا لقاعدة الاثبات بالكتابة .
2/ حجية
التعاقد طبقا للاستثناءات الواردة على قاعدة الاثبات بالكتابة .
اولا :
حجية التعاقد طبقا لقاعدة الاثبات بالكتابة :
القاعدة في
اثبات التصرفات المدنية ان الاثبات بالكتابة يكون واجبا بالنسبة للتصرفات
القانونية المدنية متى تجاوزت قيمتها نصاب معين حددها المشرع بان تزيد قيمتها على
خمسمائة جنيه او كانت غير محددة القيمة مالم يوجد اتفاق او نص يقضي بغير ذلك م (60/1
) وبموجب هذه المادة فانه لا يجوز اثبات أي تصرف قانوني يخالف او يجاوز ما اشتمل
عليه دليل كتابي الا بالكتابة ولو لم تزد القيمة عن خمسمائة جنيه . وتطبيقا لقاعدة
وجوب الاثبات بالكتابة على التعاقدات المبرمة عبر الانترنت فانه ينبغي التميز بين العقد
الذي تزيد قيمته على خمسمائة جنية والعقد الذي تقل قيمته عن ذلك , في حين لو زادت
قيمة الصفقة عن ذلك المبلغ اوكانت غير محددة القيمة فلابد من الكتابة لإثبات العقد
بين الطرفين ولا سيما بعد اعتراف المشرع بالكتابة الالكترونية ومنحها الحجية
الكاملة في الاثبات تماما مثل الكتابة التقليدية . وكذا امكانية تطبيق وجوب
الاثبات بالكتابة فيما يخالف او يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي في مجال العقود
والتصرفات المبرمة من خلال الانترنت وذلك في ظل القانون قانون التوقيع الالكتروني
وفقا للشروط والضوابط الفنية والتقنية التي نص عليها هذا القانون والتي تم
بمقتضاها تطويع قواعد الاثبات التقليدية للتطبيق على العقود المبرمة عبر الانترنت
.
( صـ 473 د/ مندى حجازي مرجع سابق )
ثانياً : حجية
التعاقد طبقا للاستثناءات الواردة على قاعدة الاثبات بالكتابة :
على الرغم
من تطلب القانون للدليل الكتابي لاثبات لتصرفات التصرفات القانونية المدنية وتطلب
وجوب الكتابة فيما يخالف او يجاوز ماشتمل عليه دليل كتابي فقد ورد على هذه القاعدة
عدة استثناءات يمكن بموجبها الاستغناء عن الدليل الكتابي واثبات التصرفات بالبينة
او القرائن رغم توافر الشروط التي تجعل الكتابة واجبة لاثبات هذه التصرفات التي
تبررها الظروف وتقتضيها العدالة فأجاز الإثبات بغير الكتابة فيما كان يجب اثباته
بها وذلك في الحالات التالية :
1 ـ وجود
اتفاق بين الاطراف او نص قانوني يجيز الاثبات بغير الكتابة .
2ـ
التصرفات القانونية التي لا تتجاوز قيمتها حدا معينا .
3 ـ وجود مبدا
الثبوت بالكتابة .
4 ـ
استحالة الحصول على دليل كتابي .
5 ـ فقد
الدليل الكتابي . ( صـ 473 د / مندى حجازي مرجع سابق )
شروط
الاحتجاج بالدليل الكتابي الالكتروني :
اضفى
المشرع المصري على الكتابة والمحررات الالكترونية في المعاملات المدنية والتجارية
والادارية حجية مطلقة بموجب المادتين (14,15) من قانون التوقيع الالكتروني واحال
طبيعة هذه الحج وحقيقتها الى نفس حجية الكتابة والمحررات المقررة في احكام قانون
الاثبات في المواد المدنية والتجارية , اي لكي يعترف بحجية الدليل الكتابي
الالكتروني في المعاملات المذكورة فلا بد ان يستوفي شروط صحتهاالمنصوص عليها في
قانون اثبات المعاملات المدنية والتجارية , وذلك بموجب الاحالة , المنصوص عليها في
المادة (17) من قانون التوقيع وهو كالتالي :
شروط صحة
حجية الدليل الكتابي الالكتروني بموجب قانون الاثبات المصري :
ويقصد بهذه
الشروط تلك التي يجب توافرها في كل المحررات الرسمية والعرفية حتى تكتسب الحجية
القانونية في الاثبات فناتي الى شرح شروط المحررات الرسمية ثم العرفية كل على حدة
كالتالي :
أ ـ فشروط
صحة المحررات الرسمية : نصت عليها المادة (10/1) ق/ ث يجب ان تتوافر في المحرر الرسمي
ثلاثة شروط هي : اولا : صدور المحرر من موظف عام او شخص مكلف بخدمة عامة
يثبت فيه ما تم امامه وتلق من واقع . ثانيا : ان يكون الموظف العام او
المكلف بالخدمة العامة مختصا بتحريره نوعيا ومكانيا . ثالثا : ان تحرر
الورقة الرسمية من قبل الموظف العام وفقا للإجراءات والاوضاع التي نص عليها القانون
.
وهناك
تفصيلات اخرى فيما يتعلق بماهية الموظف العام او المكلف بالخدمة العامة ومسالة
الاختصاص ودور الموظف العام بتدخله بتحرير الورقة من عدمه , وكذلك تفصيلات
الاجراءات التي نص علها القانون في كتابة او تحري هذه الاوراق الرسمية , وهذه التفصيلات
مرهونة بشروط صحة يجب توافرها حتى يحكم بصحة الاجراء , حيث ان تمت تلك الاجراءات
بطريقة الكترونية يجب ان تتوافر شروط صحتها المنصوص عليها في قانون الاثبات او أي
قانون اخر , وان يبدو ذلك واضحا في المحرر الالكتروني وذلك اعمالا لما استقر عليه
المشرع من المساواة في الحجية وشروط الصحة بين كل من المحرر الالكتروني والمحرر
التقليدي والكتابة الخطية التقليدية .
ب ـ شروط
صحة المحررات العرفية : يتمثل جوهر المحررات العرفية وطبقا لما استق عليه الفقه
القانوني فيما يلي :
الكتابة : المحرر
العرفي المعد للاثبات ماهو الا دليل كتابي , ومن ثم فان الكتابة يجب ان تكون عنصرا
لازما لوجوده فبدون الكتابه لا يوجد محرر ولا يوجد ما يجري اثباته , والمقصود
باشتراط الكتابة في المحرر العرفي ان ينصب مضمونها على الواقعة المراد اثباتها
بالمحرر ولبست أي الكتابة , فاذا كانت الواقعة عقد بيع مثلا فان الكتابة تكون
متضمنة بنود اتفاق طرفيه على المبيع والثمن وسائر شروط البيع .
التوقيع : وهو شرط
جوهري للمحرر العرفي لانه هو الذي ينسب الكتابة الى صاحب التوقيع , ومعناه قبول
الموقع لما هو مدون فيه , ومن ثم فانه يمنح المحرر العرفي حجية الاثبات ويضفي على
الكتابة صفة المحرر العرفي الذي يعد دليلا
كاملا للاثبات , فاذا خلت الكتابة من التوقيع فلا تكون لها قيمة في الاثبات الا
اذا كانت بخط المدين فتعتبر عندئذ مبدا ثبوت بالكتابة . لذلك فان ما يسري على شروط
صحة المحرر العرفي التقليدي يسري كذلك على شروط صحت المحرر العرفي الالكتروني وهذا
هو مضمون الاحالة الواردة في م (17) من قانون التوقيع الالكتروني المصري .
ولذا فان
مستخرجات والتقنيات والوسائط الالكترونية التي يستخدمها الافراد في تعاملاتهم
والصفقات التي تتم من خلال شبكة نقل المعلومات لها من حجية ماللدليل الكتابي الكامل
وفقا لقواعد الاثبات ما دامت تحمل توقيعا غير معيب او غير مزور ومنسوبا الى صاحبه
اما اذا كانت غير صحيحة او انكراها من وقعها فلا تعد دليل للاثبات , وهو مرتبط
بالامان الذي توفر هذه المستخرجات عند استخدامها .
( صـ484 د
/ مندى حجازي مرجع سابق )
ثانيا :
الشروط التقنية والفنية لصحة الدليل الكتابي الالكتروني :
ان جميع
التشريعات التي اضفت الحجية القانونية على كل من التوقيع الالكتروني تتفق على
ضرورة توافر شروط تقنية وفنية معينة تعزز من هذا التوقيع وتوفر فيه الثقة حتى
يتمتع بالحجية , وحدد المشرع المصري ذلك في الماجدة (18) من قانون التوقيع
الالكتروني التي نصت على ( يتمتع التوقيع الالكتروني والمحررات الالكترونية
بالحجية في الاثبات اذا ما توافرت فيها الشروط الاتية : (أ) ارتباط التوقيع
الالكتروني بالموقع وحده دون غيره . (ب) سيطرة الموقع وحده دون غيره على الوسيط
الالكتروني .(ج) امكانية كشف أي تعديا او تبديل في بيانات المحرر الالكتروني او
التوقيع الالكتروني ) . ومدلول هذه المادة كما يبدو من خلال نصها يكمن وضعه ضمن ما
يسمى بالسند الالكتروني , وذلك نظرا لاشتماله على الكتابة والمحرر والتوقيع
الالكتروني , ولتماثل المستند الالكتروني والمحرر في ان فحوى كل منهما الحقيقة
التي يريد المشرع حمايتها فضلا عن ان كلا منهما ينطوي على مجموعة من الرموز التي
تعبر عن مجموعة مترابطة من الافكار والمعاني الانسانية . ( صـ 487 د/ مندى حجازي مرجع
سابق)
وهناك كيفية
التوقيع الالكتروني وانواعه وقابليته للتزوير يرجى العودة الى المرجع صـ(219-224)
راي المشرع
اليمني في حجية الدليل الالكتروني في الاثبات المدني :
بين المشرع
اليمني طرق الاثبات كبقية القوانين العربية في المادة (13) والتي نصت على ان طرق
الاثبات هي : ( ا- شهادة الشهود2- الإقرار.3- الكتابة.4- اليمين وردها والنكول
عنها.5- القرائن الشرعية والقضائية.6- المعاينة ((النظر)).7- تقرير.8- استجواب
الخصم ) ونصت المادة (111) اثبات في احكام
المحررات العرفية فقط وخص من المحررات العرفية الرسائل والبرقيات ولم يتطرق الى
المحررات الرسمية او الالكترونية حيث جاء نص المادة (تكون للرسائل الموقع عليها
قيمة المحرر العرفي من حيث الإثبات وتكون للبرقيات هذه القيمة أيضاً إذا كان أصلها
المودع في مكتب التصدير موقعا عليها من مرسلها وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتى
يقوم الدليل على عكس ذلك وإذا إنعدم أصل البرقية فلا يعتد بها إلاَّ لمجرد
الاستئناس).
فان النظر
في حجية الرسالة والبرقية في الاثبات فللمرسل اليه ان يحتج بها امام القضاء متى
كانت له مصلحة مشروعة كما لو تضمنت اتفاقا بينه وبين المرسل او التزاما او مخاصمة ,
وكذا للغير وورثته حجية الرسالة متى كانت لهم مصلحة مشروعة , بضرورة التوقيع عليها
وصورة من البرقية لمطابقتها فاذا تحقق التطابق كان للبرقية حجية الورقة العرفية .( صـ 230
الوجيز في شرح ق / ث اليمني د/ محمد حسين الشامي ) .
وبما ان
الرسالة الموقع عليها من مرسلها وان لم تستوفي الشرط الجوهري للمحرر العرفي وهو ان
تكون قد اعدت مسبقا للاثبات .فتكون في مرتبة المحرر العرفي المعد للاثبات من حيث
حجيتها فانها بهذا تكون لها قيمة الدليل الكامل وهي حجة على مرسلها من حيث صدورها
منه الى ان ينكر خطه او توقيعه عليها , كما تكون حجة عليه من حيث صحة ما جاء بها
الى ان يثبت عكس ذلك بالطرق المقررة قانونا . اما البرقيات فانه لكي تكون للبرقية
قيمة المحرر العرفي ينبغي ان تتوافر في البرقية شرطان هما :
أ ـ ان
يكون اصل البرقية المودع في مكتب تصديرها موقعا عليه من قبل المرسل .
2ـ ان لا
يكون هذا الاصل قد انعدم . (صـ 133 د/ صالح القعيطي )
الخلاصة :
لكن كما
اشرنا سابقا ان المشرع اليمني لم يشرعن قانون للاثبات الالكتروني او يحيل المسائل
الالكترونية الى للقواعد التقليدية لقانون الاثبات المدني لكن من القواعد العامة
لمصادر القانون هي التشريع ثم مبادئ الشريعة ثم العرف الجائز شرعا ثم مبادئ
العدالة ثم الفقه ثم القضاء , وهو ما جاء نصه في المادة (1) من القانون المدني
والتي نصت على : يسري هذا القانون المأخوذ
من أحكام الشريعة الإسلامية على جميع المعاملات والمسائل التي تتناولها نصوصه
لفظاً ومعنى ، فإذا لم يوجد نص في هذا القانون يمكن تطبيقه يرجع إلى مبادئ الشريعة
الإسلامية المأخوذ منها هذا القانون فإذا لم يوجد حكم القاضي بمقتضى العرف الجائز
شرعاً فإذا لم يوجد عرف فبمقتضى مبادئ العدالة الموافقة لأصول الشريعة الإسلامية
جملة ويستأنس برأي من سبق لهم اجتهاد من علماء فقه الشريعة الإسلامية ويشترط في
العرف أن يكون ثابتاً ولا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلاميــة والنظام العام
والآداب العامة). لذلك يرجع في المسائل الالكترونية الى التشريع فان لم نجد لها قواعد
تشريعية تنظمها نعود للشريعة الغراء فان لم نجد نعود للعرف الجائز شرعا وان لم نجد
فنأخذ بمبادئ العدالة فالم نجد فهناك مصادر فرعية هي الفقه والقضاء .ولعل الباحث
ان يرجع الى احد هذه المصادر التشريعية فنستأنس بأحدها ليرجع الحق الى نصابه .
المراجع :
ـ القران الكريم
ـ قانون الاثبات اليمني رقم (21) لسنة 1992م .
ـ قانون التوقيع الالكتروني المصري رقم (15) لسنة 2004م .
ـ قانون اثبات المعاملات المدنية والتجارية المصري رقم (25) لسنة 1968م .
ـ التعبير عن الارادة عن طريق الانترنت واثبات التعاقد الالكتروني وفقا
لقواعد الفقه الاسلامي والقانون المدني دراسة مقانة للدكتور / مندى عبدالله محمود
حجازي . طبعة دار الفكر الجامعي ـ الاسكندرية .
ـ الاثبات في العقود الالكترونية ـ دراسة فقهية مقارنة للدكتور / عطا عبد
العاطي السنباطي . طبعة دار النهضة العربية ـ القاهرة .
ـ الاثبات بالكتابة في المواد المدنية والتجارية في القانون اليمني
والقانون المقارن للدكتور / علي صالح القعيطي طبعة مكتبة الصادق ـ صنعاء .
ـ الوجيز في شرح قانون الاثبات اليمني مقارن للدكتور / محمد بن حسين
الشامي طبعة الجيل الجديد ناشرون صنعاء .
هذا ما بدا
لي والله ولي التوفيق والسداد والخطأ من النفس والشيطان //
اعداد
/ المحامي ابراهيم عبيد مؤمن
5/5/2014م