recent
جديد المشاركات

الدولة ومسئوليتها عن حفظ النظام والأمن والجرائم المرتكبة من قبل تابعيها -اعداد المحامي والمستشار القانوني / عبدالرقيب القاضي



 الدولة ومسئوليتها القانونية عن حفظ النظام والأمن العام للمجتمع والجرائم المرتكبة 
من قبل تابعيها  اعداد المحامي/عبدالرقيب محمد القاضي
أولاً: القانون اليمني ومسئولية الدولة عن حفظ الأمن في المجتمع:
 إن توفير الأمن والطمأنينة للمجتمع مسئولية تقع على عاتق سلطة الدولة وقد ورد التأكيد على هذا الأمر في العديد من النصوص الدستورية والقانونية ومنها ما ورد في متن المادة(36) من الدستور اليمني التي نصت على ان: (الدولة تنشئ القوات المسلحة والشرطة والأمن وأي قوات أخرى وهي ملك الشعب كله ومهمتها حماية الجمهورية وسلامة أراضيها وأمنها....) كما نصت المادة(48)من الدستور صراحة بقولها : (تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وآمنهم ........)
و بالتالي فان مسئولية الحفاظ على أمن الجمهورية اليمنية يقع على عاتق  الدولة من خلال تفعيل المهمة الدستورية للقوات المسلحة والأمن والشرطة بتشكيلاتها المختلفة والتي أنشئت لهذا الغرض أصلا باعتبار أن السلطة التنفيذية هي المعنية في المقام الأول بتطبيق أحكام النصوص الدستورية المتعلقة بحفظ الأمن وقد خص دستور الجمهورية قوات الشرطة وأوكل إليها مهمة توفير الطمأنينة للشعب واوجب عليها العمل لأجل حفظ النظام والأمن العام وذلك بما أورده في المادة(39) م والتي نصت على أن: (الشرطة هيئة مدنية نظامية تؤدي واجبها لخدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتعمل على حفظ النظام والأمن العام والآداب العامة وتنفيذ ما تصدره  إليها السلطة القضائية من أوامر كما تتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات وذلك كله على الوجه المبين في القانون).
ومن خصوصيات رجال الشرطة أنهم دون غيرهم من سائر الموظفين العموميين يجمعون بين صفتي الضبطية القضائية والضبطية الإدارية وأنهم دون غيرهم منحهم المشرع حق استعمال الأسلحة النارية لأداء واجباتهم عند الاقتضاء.(1).
والتميز بين مأموري الضبط الإداري والقضائي يقوم على أساس النظر إلى الهدف من إجراءات الضبط فإذا كان الهدف من الضبط وضع إجراءات وقائية غايتها منع الإخلال بالنظام العام وتوقي حدوث الجرائم كان ذلك ضبطاً إدارياً أما إذا كان الهدف ملاحقة مرتكبي الجرائم والقبض والتحقيق معهم وجمع الأدلة ذات الصلة بالجريمة وإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة فإن ذلك الضبط يعتبر ضبطاً قضائياً وينبني على التفرقة بين إجراءات الضبط الإداري وإجراءات الضبط القضائي نتيجة هامة هي أن قرارات الضبط الإداري تعتبر قرارات إدارية وتخضع لما تخضع له القرارات الإدارية من حيث جواز الطعن فيها بالإلغاء والمطالبة بالتعويض أما إجراءات الضبط القضائي فلا تخضع لمثل هذا الطعن.(2)
لذلك فان أغراض الضبط الإداري يسعى إلى صيانة النظام العام في المجتمع ويتفرغ إلى شعب ثلاث هي الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة فالأمن العام  يعني ( توفير الحد الضروري من الطمأنينة لأفراد الجماعة على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم من خطر الاعتداء عليهم ويأتي ذلك باتخاذ الإدارة الضبطية الاجراءات اللازمة لمنع وقوع الجرائم أيا كان نوعها.(3)
ومن وسائل مامورى الضبط الإداري للقيام بالعمل المنوط بهم لوائح الضبط الإداري فرجال الضبط الإداري مقيدون بقواعد هذه اللوائح ومن ثم إذا خرجوا على هذه القواعد بما من شأنه الأضرار بالأفراد فإن من حق هؤلاء استخدام وسائل الطعن المتاحة في القرارات غير المشروعة إلغاء وتعويضا وقد لا تجد القواعد اللائحية والقرارات الفردية كوسيلتين للضبط الإداري وحينئذ لا بد أن تتاح للإدارة وسيلة تتمكن بها من أجبار الأفراد على احترام وتنفيذ القوانين واللوائح وحفظ الأمن العام وهى استخدام القوة الجبرية وفقا لنص المادة (10) من قانون هيئة الشرطة بأنه: ( لا يجوز للشرطة استعمال السلاح  أو إطلاق النار إلا إذا كان استعمال السلاح أو إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الغرض وبالقدر اللازم وشريطه أن يبذل رجل الشرطة جهده في أن لا يصيب أحداً إصابة قاتلة وذلك في الأحوال التالية:
ب) لإعاقة ارتكاب أفعال إجرامية أو مواصلة ارتكابها إذا كانت تلك الأفعال معاقب عليها بالإعدام أو الحبس لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
ج) عند ارتكاب جرائم  واقعة ضد الأمن العام بواسطة السلاح الناري أو المتفجرات.
و) عند القيام بأداء عمل تفرضه القوانين أو بناءً على تكليف من السلطة القضائية وتعرضه للمقاومة ومنعه من القيام بذلك عن طريق القوة)
وفي هذا السياق جاء القانون رقم(15) لسنة 2000 بشأن هيئة الشرطة مبيناً ومحدداً المهام الملقاة على عاتق هيئة الشرطة من ذلك ما ورد في المادة(7) والتي نصت على أن: (تعمل هيئة الشرطة على حفظ النظام والأمن العام والآداب العامة والسكينة العامة ولها على وجه الخصوص القيام بما يلي:
1-     العمل على الوقاية من الجريمة ومكافحتها والبحث عن مرتكبيها والقبض عليهم وفقاً للقانون.
2-     حماية الأرواح والأعراض والأموال.
3-     كفالة الأمن والطمأنينة للمواطنين والمقيمين.
4-     مكافحة أعمال الشغب ومظاهره والإخلال بالأمن
....................
10- تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح والقرارات من واجبات).

وبالتالي فان المسئولين التنفيذيين في الوحدات الإدارية  كذلك معنيين بالعمل من أجل حفظ الأمن والنظام في المجتمع وتوفير الطمأنينة والحفاظ على السكينة العامة فالفقرة (ب) من المادة(58) من قانون السلطة المحلية تقرر بأن المحافظ هو المسئول الأول في المحافظة باعتباره الممثل الاعلى للسلطة التنفيذية – ومن واجبات المحافظ وفقاً للمادة(61) من القانون المذكور- حماية الحقوق والحريات العامة  كون الحفاظ على الأمن والسكينة والعمل على استقرار المجتمع جزء من تلك الحقوق التي يجب على المحافظ توفيرها وحمايتها وهو ما تؤكده المادة(66) من نفس القانون وكذلك الحال يقال تجاه مدير عام المديرية وفقاً لأحكام المواد (70، 71، 61) من نفس القانون وقد بينت اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية بتفصيل أكثر مهام الأجهزة التنفيذية في المديريات والتي منها العمل على توفير الأمن والحفاظ عليه حيث نصت المادة(13) منها على أن: (تقوم الأجهزة التنفيذية في المديرية تحت إشراف وإدارة ورقابة المجلس المحلي في إطار السياسة العامة للدولة والقوانين والأنظمة النافذة بتنفيذ السياسات والخطط....وتتولى على وجه الخصوص مباشرة المهام الآتية:....
عاشراً: في مجال خدمات الشرطة:
1)   الوقاية من الجرائم والمخالفات قبل وقوعها والعمل على كشفها والقضاء على أسبابها المباشرة وظروف نشأتها.
حماية الأرواح وسلامة المواطنين والملكية العامة والخاصة................)
ويمكن القول بصفة عامه ان هيئة الشرطة هي الجهة المناط بها صيانة الأمن العام، وإن الجهات الإدارية ذات الصلة بالصحة العامة والسكينة العامة هي أيضاً من هيئات الضبط الإداري، فضلاً عن الجهات الإدارية التي تناط بها حق اتخاذ إجراءات الضبط الخاص.(9)
وإذا كانت الإدارة المركزية في العاصمة تتركز في يدها سلطات الضبط فإن ممثلي السلطة التنفيذية في الأقاليم كالمحافظين ومديري المديريات يختصون بالضبط وفقاً لقانون الإدارة المحلية حيث أوكل إليهم القانون حفظ النظام العام والأمن العام وهم يرأسون كل الموظفين الإداريين في أقاليمهم، وهو ما يعني مسئوليتهم الأولى عن صيانة النظام العام بشعبة الثلاث.(10)
وأساس مسئولية وزارة الداخلية عن أعمال رجالها "حفظة الأمن " في جميع الأحوال هو مظنة أو افتراض الخطأ من جانبها في اختيار رجالها ومستخدميها وعمالها أو في مراقبتهم وتوجيههم وهو افتراض غير قابل للعكس فمتى ثبت وقوع خطأ من رجل الشرطة أثناء تأدية وظيفته أو بسببها فإن وزارة الداخلية تصبح المسئولة عنه أو تثبت أنها أحسنت من جانبها الاختيار أو أنها لم تقصر في واجب التوجيه والرقابة وفقط يجوز لدرء المسئولية عن نفسها إثبات أن الضرر الذي أصاب الغير قد وقع قضاءً وقدراً أو بقوة قاهرة أو بفعل الغير أو بخطأ المضرور وحده وبذلك تنتفي المسئولية عن رجل الشرطة وبالتالي عن وزارة الداخلية ويكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعة بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببهاً.(11) ولكي تتحقق مسئولية وزارة الداخلية يلزم توافر شرطين هما:علاقة التبعية.وخطأ رجل الشرطة (التابع) حالة تأدية وظيفته أو بسببها.(12) والمضرور حر في أن يختار من يرجع عليه من المسئولين الثلاثة، رجل الشرطة، أو وزارة الداخلية، أو شريك رجل الشرطة.(13)
 ومع ذلك فقد ظلت الإدارة في الجمهورية اليمنية حتى فترة قريبة خصماً وحكماً في وقت واحد بسبب عدم إحاطة القاضي بفقه الإدارة وعدم معرفته بالتفريق بين مسئولية الموظف الشخصية عن الأعمال الإدارية التي يقوم بها وبين مسئولية الدولة عن أعمالها وقد يرجع السبب بحسب التقدير إلى قلة الوعي الشرعي والقانوني لدى الغالبية العظمي من أبناء المجتمع اليمني- أصحاب المصلحة – بشأن حقهم في رفع الدعاوى ولعدم استقلالية القضاء من الناحية العملية ولعدم وجود قضاء متخصص للنظر في المنازعات الإدارية (15)أو عدم وجود قضاء مشابه كقضاء المظالم الذي طبق في ظل النظام الإسلامي.(16) ناهيك عن تدني الظروف بأجملها لدى الشعب اليمني حيث تؤدي بهم هذه الظروف  إلى ندرة لجوئهم إلى القضاء للدفاع عن حرياتهم وحقوقهم.(17)
وعلى الرغم مما سبق ذكره فقد صدرت أحكام من قبل بعض المحاكم اليمنية العادية وذلك ضد الحكومة اليمنية أو بعض الوزارات المكونة لها نذكر منها على سبيل المثال الحكم الصادر بشأن دعوى حسبة ضد حكومة الجمهورية اليمنية آنذاك ممثلةٌ/ بحيدر أبو بكر العطاس وأهم ما تضمنه منطوق الحكم عدم دستورية موازنة المؤسسة الوطنية لصناعة الكحول....ورصد ميزانية هذا المصنع لوجه الإنفاق الحكومي المشروع وحكم محكمة صنعاء الجزائية الابتدائية رقم(226) لسنة1411هـ والحكم الصادر ضد وزارة المالية وأهم ما جاء فيه استحقاق الموظف المستأنف للمرتب الأصلي والبدلات حسب قانون السلطة القضائية .كما ان من أمثلة الأحكام القضائية التي تضمنت مسئولية الدولة عن أعمال تابعيها العاملين في مجال الضبط الإداري الحكم الصادر بشأن قضية قتل ضابط المرور في جولة الشراعي بصنعاء أثناء أداء واجبة الوظيفي على أثر نزاع حدث بين أحد جنود المرور الذي كان يؤدي الواجب نفسه بالمكان نفسه وضابط أخر يعمل بالقوات المسلحة بسبب مخالفة هذا الأخير للتعليمات المرورية واهم ما تضمنه منطوق الحكم هو تقرير المسئولية الشخصية على الضابط .... وكذا تقرير مسئولية وزارة الداخلية التعويض عن الضرر الذي أحدثه الجندي بضابط المرور، طبقاً لقاعدة تحمل المتبرع مسئولية تابعة وكذا حكم محكمة صنعاء الابتدائية الصادر بالجلسة المنعقدة في يوم 27أكتوبر 1994م بشأن القضية الإدارية رقم(7) لسنة1414هـ.
ونظراً للطابع القبلي السائد في المجتمع اليمني فإن للأحكام العرفية باعاً كبيراً بشأن تقرير مسئولية الدولة بصفة عامة ووزارة الداخلية بصفة خاصة لما تلقاه هذه الأحكام من تأييد من قبل هذه الوزارة حيث تعمل قيادتها المتعاقبة على استكمال إجراءات دفع التعويضات أو الديات المقررة على الوزارة أو على أحد منتسبيها وذلك للمجني عليهم من أفراد المجتمع أو ورثتهم وقد يتمثل التأييد النزول عند بعض الأحكام العرفية المتضمنة إدراج أسماء المجني عليهم من هؤلاء الأفراد ضمن قائمة شهداء الشرطة ومنها الحكم الصادر من الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وابنه صادق المؤرخ في 11/3/1995م والحكم الصادر من الأخ علي محسن صالح الأحمر قائد الفرقة الأولى  مدرع المؤرخ في 22فبراير 1995م(أرشيف الإدارة العامة للشئون القانونية بوزارة الداخلية).على الرغم  أن هذه الأحكام العرفية تسهم في معالجة بعض مشكلات المجتمع اليمني إلا أنها حسب تقديري تحد من تطبيق الشريعة الإسلامية والقوانين المستمدة منها مما تؤثر سلباً على سلطات الدولة من أن تقوم برسالتها.
 ثانياً: تأصيل حفظ الأمن في المجتمع لدى فقهاء الشريعة الإسلامية:
  من اختصاص رجال الشرطة الإدارية في العهد الإسلامي أمور منها :
1- حفظ النظام وذلك بمنع الفوضى أو التجمعات في الطرق والأماكن العامة والسهر على المراكب ومرافقة الأمير وصاحب السلطان في تنقلاته لإظهار هيبته ودفع الناس عنه وتلقى أمره. (18)
2- حفظ الأمن وذلك بمراقبتهم الأشرار والدعارة واللصوص وطلبهم في مظالمهم وأخذهم على يد كل من يرتكب عدواناً على غيره أو يقدم على عمل من شأنه إثارة الناس وتهييج الفتنة.
ولكن لا يقتصر دور الدولة الإسلامية على مجرد توفير وضمان الأمن والطمأنينة للأفراد وصيانة حياتهم وأموالهم ودفع العدوان الداخلي والخارجي عنهم والأشراف على إطاعة الأنظمة والأحكام وإنما على الدولة والأفراد أن يخطوا خطوة إيجابية بالتضامن والتكافل معاً نحو إيجاد باعث شخصي على احترام حقوق الآخرين، والإذعان للنظام المتبع وذلك بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليتحقق المقصد الأساسي للشريعة وهو إصلاح المجتمع أي الحياة الاجتماعية إصلاحاً جذريا يستقر فيه الأمن العام والعدل بين الناس وصيانة الحريات الأساسية.(19)
باعتبار ان السياسة العادلة لأي أمة هي تدبير شئونها الداخلية والخارجية بالقوانين والأنظمة التي تكفل لأفرادها وجماعتها الأمن والاستقرار والمساواة إذ تقدم على مبادئ رئيسية أرساها القرآن الكريم وفصلها ووضحها رسول الله(ص) وتلك الأحكام الشرعية التي تستقي من المصادر الشرعية المتفق عليها إنما توفر لكل فرد فيها الحياة الإنسانية الكريمة الآمنة و بالتالي فان الأمن الذي تتكفل به الدولة الإسلامية ذو أبعاد مختلفة أمن جماعي يضمن الاستقرار والمساواة والعدالة بين الناس قال تعالى: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"وأمن اقتصادي مرتكزا ته إباحة ما يقتضيه تبادل الحاجات بين الأفراد ودفع الضرورات فأحل البيع والإجازة والرهن وغيرها من العقود قال تعالى: (يا أيها الذي آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)النساء الآية(29)
ودعا الإسلام رعاية إلى المساهمة بقسط معين من أموالهم مقابل تمتعهم بحقين: أحدهما أمانهم على أنفسهم وأموالهم وثانيها: تمتعهم باستغلال مرافق الدولة.(20) في سبيل تزكية هذه الأموال وتنميتها والمحافظة عليها قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) صدق الله العظيم وحيث تلتزم الدولة بضمان الأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي بجوانبها المتعددة إنما تقيم نظاماً اجتماعياً متكاملاً يحقق العدالة الاجتماعية بين الناس تلك العدالة التي أشار إليها المفكرون في معرض الحديث عن اشتراكية الإسلام.(21)
ويتبين لنا مما سبق إيجازه عن بعض الوظائف الأساسية للدولة الإسلامية أن حدود التزام هذه الدولة وواجباتها تجاه الأفراد من ناحية أولى والدول الأخرى من ناحية ثانية لا يفسرها مذهب فردي أو اشتراكي وإنما الذي يفسرها طبيعة الإسلام ومبادئه وأهدافه على النحو الذي سبق بيانه.(22) ويقصد بحق الأمن حماية الإنسان في نفسه وماله وعرضه وكفالة سلامته ومنع الاعتداء عليه أو التحقير من شأنه أو تعذيبه واضطهاده سواء كان ذلك من الدولة أم من أفراد المجتمع.
وقد كفلت الشريعة الإسلامية للناس هذا الحق وحرمت الشريعة الاعتداء على أي شخص إلا إذا كان ظالماً قال تعالى:"فلا عدوان إلا على الظالمين".(23)
وقد أوجب الإسلام على الدولة حماية الفرد من الاعتداء والأذى وتوقيع العقوبات الزاجرة على كل من يقع منه ظلم أو تعد أو تجاوز حد في اقتضاء حق مشروع.(24)  
المسئولية المدنية للدولة عن جرائم تابعيها:
ان الدولة ليست شخصاً طبيعياً يمكن إسناد الخطأ إليه بل هي شخص معنوي يؤدي نشاطاته المرفقية أو الضبطية بواسطة أشخاص طبيعيين،لذا فإن مسئولية الدولة عما يرتكبه هؤلاء الأشخاص من أفعال غير مشروعة تقوم استناداً على ما يوجد من تلازم موضوعي في العلاقة بين الدولة وموظفيها.(25)
وبما أن إجراءات الضبط الإداري تهدف إلى منع وقوع الجرائم بغض النظر عن السلطة التي تتخذ هذه الإجراءات وتوفير الحد الضروري من الطمأنينة لأفراد الجماعة على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم من خطر الاعتداء عليهم ويأتي ذلك باتخاذ الإدارة الضبطية الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الجرائم أياً كان نوعها.(26)
لذلك ينبغي أن تكون إجراءات الإدارة مستندة إلى قواعد قانونية فإن تصرفت على غير مقتضى هذه القواعد  بما من شأنه تقييد الحريات وإلحاق الأضرار بالأفراد فإن العمل سيكون عرضه للطعن بالإلغاء أمام القضاء وذلك من قبل صاحب المصلحة ناهيك عن طلب التعويض عن الأضرار الناجمة عنه.(27)
كما تسأل الدولة مدنياً عن الجرائم الواقعة ضد الأفراد في حالة عدم قيام مأموري الضبط الإداري بالحفاظ على الأمن العام والمتمثل بمنع الاعتداء على الأفراد.
فالمسلم به أن التعويض يجب أن يغطي كل الضرر الذي تحمله المضرور ولا ينظر القاضي إلى درجة الخطأ الذي ارتكبته الإدارة فيما يتعلق بتقدير التعويض ويقدر حسب جسامة الضرر طبقاً لنص المادة(313) من القانون المدني مراعاة لما فات المضرور من كسب وما لحقه من خسارة هذا على الأقل بالنسبة للأضرار المادية.
تم بحمد الله؛؛
اعداد المحامي/عبدالرقيب محمد  القاضي







(1)  صــ32ــ الحماية الجنائية للموظف العام د/عوض يعيش
(2) صــ103ــ الوجيز في القانون الإداري د/عبد الرحمن شرف الدين.
(3) مرجع سابق صـ104م.

(9) صـ114ــ المرجع السابق – د/عبد الرحمن شرف الدين.
(10) صـ114ـ الوجيز في القانون الإداري اليمني. د/عبد الرحمن شرف الدين.
(11) صـ167ـ جرائم السلطة الشرطية .فدري الشهاري
(12) صـ168ـ جرائم السلطة الشرطية.
(13) صـ180ـ جرائم السلطة الشرطية
(15) دستور ج-ع-ي مادة(154) لسنة 1997م
(16)   قضاء المظالم أ.أحمد عبد الملك صــ495ـــ
(17) سعاد الشرقاوي- النظم السياسية في العالم المعاصر صــ329ـ
(18)  ج9 صــ887ـ الفقه الإسلامي وأدلته د/هبة الزحيلي
(19) صـ887ـ الفقه الإسلامي ج9 صـ887ــ د/وهبه.

(20) الوسيط في النظم السياسية والقانون والدستور صـ171ـ د/نعمان أحمد الخطيب
(21) المصدر السابق صـ172ـ
(22) المصدر السابق صـ172ـ
(23) أصول نظام الحكم في الإسلام د/فؤاد عبد المنعم أحمد صــ263ــ
(24) المصدر السابق صـ264ــ
(25) صــ17ــ المسئولية  المدنية للدولة عن أخطاء موظفيها د/عادل الطائي
(26) صـ104ــ الوجيز في القانون الإداري د/عبد الرحمن شرف الدين.
(27) السلطات الإدارية للشرطة عميد د/علي علي المصري صــ28ــ

author-img
مدونة المحامي اليمني عبدالرقيب محمد القاضي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent