recent
جديد المشاركات

استعراض موقف القانون اليمني من حبس المدين "المنفذ ضده" والحلول القانونية والشرعية للأفراج عنه




                               بسم الله الرحمن الرحيم

استعراض موقف القانون اليمني من حبس المدين "المنفذ ضده" 
والحلول القانونية والشرعية للأفراج عنه


أ: بيان أحكام الإيسار والإعسار والإفلاس في القانون المدني اليمني  رقم (14) لسنة 2002م:

عرفت المادة (359) بان : (الموسر هو من يفي ماله بديونه أو يزيد عليها والمعسر هو من لا يملك شيئاً غير ما استثنى لـه مما لا يجوز الحجز عليه أو بيعه وهو ما يحتاجه من مسكن وثياب صالحين لمثله وآلة حرفته إذا كان ذا حرفة وكتبه إذا كان ذا علم وقوته ومن تلزمه نفقته من الدخل إلى الدخل والمفلس هو من لا يفي ماله بديونه) .
أما المادة (360) من القانون المدني فقد نصت علي جواز حبس المدين الموسر وتقرأ :( إذا كان المدين موسراً فلدائنه طلب حبسه لإكراهه على الوفاء ثم طلب حجز أمواله ثم طلب بيعها طبقاً لما هو منصوص عليه في هذا القانون وقانون التنفيذ المدني .)
وهناك احكام تتعلق بالمعسر نصت عليها المادة (361)من القانون المدني اليمني بقولها : (إذا كان المدين معسراً فلا يجبر أن يستأجره الدائن بدينه ولكن عليه أن يسعى بأي طريقة لإبراء ذمته من الدين ، ويلزمه قبول الهبة عند تضييق الدائن عليه ، ولا يلزمه أخذ أرش جناية العمد الموجب للقصاص ولا يلزم المرأة المعسرة التزوج لقضاء دينها من المهر كما لا يلزمها التزوج بمهر مثلها ويجوز لها التزوج بأقل منه.)
وللفائدة ينبغي الاشارة الي النصوص القانونية المقررة في القانون المدني  اليمني المتعلقة بالإيسار والإعسار والإفلاس كالتالي:
مادة (362) : إذا كان المدين مفلساً فلدائنه حق طلب الحجر عليه طبقاً لما هو مبين في الكتاب الأول في المواد (71) وما بعدها .
مادة (363) : من كان ظاهر حاله الإعسار قبل قوله بيمينه ، ويحلف كلما أُدعىَ إيساره ومضت مدة يمكن فيها الإيسار عادة .
مادة (364) : إذا التبس الأمر بين إيسار الشخص وإعساره تسمع البينة على إيساره أو إعساره ويرجح الحاكم وتقدم البينة المثبتة على النافية .
ونخلص مما سبق الي ان المعسر بحاجة الي حكم قضائي للتقرير بإعساره وهذا الحكم هو الذي يحول بينه وبين دائنه او حبسه وفقا  للمادة (365) من القانون المدني وتقرأ : (إذا ثبت بحكم القضاء إعسار المدين حيل بينه وبين دائنه إلى أن يثبت إيساره.)

ب: وسائل التنفيذ الجبري للسندات التنفيذية المقررة في القانون رقم (40 ) لسنة 2002م  بشأن المرافعات والتنفيذ المدني وقانون الاجراءات الجزائية:
المقرر في قانون المرافعات والتنفيذ المدني ان حبس المدين من احدي الوسائل التنفيذ المباشر حيث نصت المادة (357)مرافعات بقولها: ( تتحدد وسائل الإجبار على التنفيذ المباشر في الغرامة التهديدية والحبس واستعمال القوة).
ويجوز للقاضي خلال فترة الامهال المقررة في المادة(358) مرافعات اذا لم يقم المنفذ ضده –المدين- بالتنفيذ أن يصدر قرارا بغرامة مالية للدولة  لا تقل عن عشرة الاف ريال ولا تزيد على ستين الف ريال وإمهاله مدة أخرى لا تزيد على ثلاثة أيام ويكون للقاضي سلطة إلغاء الغرامة أو الإبقاء عليها.
اما المادة (359) مرافعات فقد نصت صراحة بانه: (إذا لم يقم المنفذ ضده بالتنفيذ خلال الثلاثة الأيام المشار إليها في المادة السابقة وجب على القاضي أن يصدر قرارا بحبسه حتى يقوم بالتنفيذ ويجوز للقاضي استعمال وسيلة الحبس مباشرة دون الرجوع إلى وسيلة الغرامة).
وفي جميع الاحوال لا يستخدم الحبس كوسيلة لإجبار المدين على التنفيذ الا في حالات قررتها المادة(360) مرافعات وتقرأ:
(مع مراعاة  أحكام القانون المدني والتجاري لا يستخدم الحبس كوسيلة إجبار للمنفذ ضده على التنفيذ المباشر إلا في الحالات  الآتية:
1-  إذا كان محل التنفيذ قياما بعمل من قبل المنفذ ضده وتعذر تنفيذ ذلك العمل على حساب المدين، أو كان شخص المدين محل اعتبار في القيام بذلك العمل.
2-  إذا كان محل التنفيذ امتناعا عن عمل وتعذر إزالة العمل المخالف على حساب المنفذ ضده أو أصر على ارتكاب ذلك العمل.
3-  إذا كان محل التنفيذ إلزاما بتسليم شيء معين بذاته(أو بمقداره)وكان تسليمه ممكنا وامتنع المنفذ ضده عن التسليم.
4-  إذا كان  محل التنفيذ إلزاما بأداء دين في ذمة المنفذ ضده ولم تكن له أموال ظاهرة  يمكن الحجز عليها وظاهر حاله اليسار ولم يثبت إعساره أو إفلاسه بحكم قضائي.

والمقرر في المادة (362) مرافعات انه : (لا تسمع من المنفذ ضده عند التنفيذ دعوى الإعسار أو طلب الحكم بالإفلاس ويجب حبسـه حتى تتوفر في حقه إحدى الحـــــالات المنصوص عليها في المادة (363) أو يترجح لدى القاضي توافر حالة الإعسار أو الإفلاس بعد تحريه وفي هذه الحالة للقاضي أن يسمع دعوى الإعسار أو طلب الحكم بالإفلاس في حضور الخصوم وفقاً للقانون.)

وقررت المادة(363) من قانون المرافعات الحالات التي يجب معها انهاء اجراءات التنفيذ بوسيلة الحبس الافراج عن المدين المحبوس وبقوة القانون وتقرأ:
(يجب إنهاء إجراءات التنفيذ بوسيلة الحبس في أية مرحلة كانت عليها ويفرج عن المنفذ ضده بقوة القانون في الحالات الآتية:-
1-    إذا قام المنفذ  ضده بتنفيذ السند التنفيذي.
2-    إذا قام المنفذ ضده باستعمال وسيلة الإيداع مع التخصيص.
3-    إذا قام الغير بتنفيذ السند التنفيذي شريطة إلا تكون شخصية المدين محل اعتبار في التنفيذ.
4-    إذا تنازل طالب التنفيذ عن حقه الثابت في السند التنفيذي.
5-    إذا قام بتقديم كفيل مليء يلتزم بالتسليم أو الوفاء بالالتزام الثابت في السند التنفيذي خلال ثمانية أيام.
6-  إذا ثبت بحكم قضائي إعسار أو إفلاس المنفذ ضده وفي هذه الحالة يفرج عنه إلى أن يثبت  فيها إيساره أو تمضي مدة يمكن فيها الايسار عادة).

ولا يجوز الامر بحبس المنفذ ضده اذا توافرت الحالات المقررة في المادة (364) مرافعات وتقرأ:
(لا يجوز الأمر بحبس المنفذ ضده في الحالات الآتية:
1- من كان سنة اقل من خمسة عشر سنة أو أكثر من سبعين سنة عند التنفيذ باستثناء حالة الحبس من اجل تسليم صغير أو قاصر.
2- أصول الدائن لغير دين النفقة.
3- الحامل حتى انقضاء شهرين بعد الوضع.)

أما في القضايا المدنية التبعية للقضايا الجنائية فاذا كان المدين المنفذ ضده المحكوم عليه بعقوبة الحبس في الحق العام قد امضي عقوبة الحبس المحكوم بها وتم تنفيذ عقوبة الحبس في حقه وعليه ديون فان إجراءات التنفيذ المقررة قانونا لاستيفاء ما قضي به الحكم من غرامات وديون هي الإجراءات والوسائل القانونية المقررة في قانون المرافعات والتنفيذ المدني سالفة الذكر بما في ذلك استخدام وسيلة الحبس كوسيلة مباشرة لإكراهه على التنفيذ جبرا وفقا للمــادة:(470) من قانون الإجراءات الجزئية اليمني وتنص :
(فيما عدا حالات القصاص والدية والارش يكون تنفيذ الاحكام الجزائية فور صدورها بواسطة النيابة العامة مالم يوقف تنفيذها من المحكمة الاعلى درجة ويستثنى من ذلك احكام الاعدام والحدود فلا تنفذ الا وفق القواعد المنصوص عليها في الباب الخاص بها من هذا القانون . ويجب على النيابة العامة ان تبادر الى تنفيذ الاحكام الصادرة بالقصاص والدية والارش متى طلب المجني عليه وورثته ذلك بعد العرض على رئيس الجمهورية ليصدر الامر بالتنفيذ ولها في جميع الاحوال الاستعانة بالسلطات العامة و القوات المسلحة ويكون تنفيذ الاحكام الصادرة في الدعوى المدنية وفقا لما هو مقرر في قانون المرافعات ). 
والجدير بالذكر ان حبس المدين المعسر  لإكراهه على التنفيذ جبرا يتعار ض مع الاحكام المقررة في  العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و الذي  اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف(د-21)المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966م  تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة .49 والذي صادقت عليه الجمهورية اليمنية حيث نصت المادة( 11) من هذا العهد بقولها: (لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي ( مدني )).

د- والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيفية حل مشكلة المعسرين في أحكام الشريعة الإسلامية:
ج- إعطاء ( المعسرين من سهم (الغارمين ) من الزكاة لقوله تعالي:{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } صدق الله العظيم سورة التوبة الآية60
للغارِم حقّ في مال الزكاة ، لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ وَ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقَابِ وَ الْغَارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ و اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة الآية 60 .
والغارم الذي له حقّ في أموال الزكاة هو : من احترق بيته , أو يصيبه السيل فيذهب متاعه , و يُدان على عياله ، و من ركبته الديون في غير فساد و لا تبذير ، كما روى ذلك الطبري عن مجاهد في تفسير هذه الآية و روى أيضاً عن قتادة : أما الغارمون ؛ فقوم غرقتهم الديون , في غير إملاق و لا تبذير و لا فساد .
وحدَّ الإمام القرطبي في تفسيره الغارمين بالذين ركبهم الدَين و لا وفاء عندهم به ثمّ قال : و لا خلاف فيه . اللهم إلا من إدَّانَ في سفاهةٍ فإنه لا يُعطى منها ، و لا من غيرها إلا أن يتوب . و يعطى منها من له مال وعليه دين محيط به ما يقضي به دينه , فإن لم يكن له مال و عليه دين فهو فقير وغارم فيعطى بالوصفين .اهـ .
أمّا إذا كان الحال كما يُفهَم من كلام السائل أنّه استدان للتوسّع و ليس مضطراً و لا مُحتاجاً لذلك أصلاً ، و لديه مورد رزقٍ يكفيه حاجته و يفضُل منه بحسب حال المعيشة في بلده ، فليس له أن يأخُذَ من مال الزكاة ما يسدد به دينه ، بل يسدّده من كدِّ يده بحسب طاقَته ، فإن عجِز عن السداد من دَخله ( كما لو كان راتبه لا يكفيه و لا يُغنيه ) و اضطر للمَسكن الذي اشتراه ، فله عندئذٍ أن يأخذ من مال الزكاة بقدر حاجته ، و ليحذر من التوسّع في تقدير الضرورة ، و كلّ إنسانٍ على نفسه بصيرةٌ.
وكذلك الحال بالنسبة للتجّار الذين يستوردون البضائع بموجب قروض و ضماناتٍ مصرفيّة ضخمة ، لا يُعتَبرون غارِمين ، لأنّ تجارتهم إنّما هي للتوسّع في العمل ، و طلب الرزق ، و ليست للحاجة ، و لولا ذلك لشارك أصحاب الملايين الفقراءَ و المساكينَ نصيبَهم من الزكاة بدعوى أنّهم غارمون .

مع بالغ تقديري ؛؛؛؛
المحامي /عبدالرقيب محمد القاضي
                                                 محامي ومستشار قانوني  


author-img
مدونة المحامي اليمني عبدالرقيب محمد القاضي

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
google-playkhamsatmostaqltradent