recent
جديد المشاركات

حكم في الحرابة-المحكمة العليا السودان

حكم : في الحرابة -السودان 
________________________________________
المبادئ:
القانون الجنائي 1991م – الحرابة – تكييف جريمة القتل التي تقع داخل جريمة الحرابة – المادة 168 من القانون. قانون الإثبات لسنة 1993م - بينة الرفقة (المقطوع عليهم) جواز قبولها لإثبات حد الحرابة.
1- جريمة القتل التي تقع داخل جريمة الحرابة هي جريمة حدية وبالتالي فإن عقوبة الإعدام الحدية بموجب المادة 168 من القانون الجنائي لا تتطلب معرفة أولياء الدم ، لأنه لا يجوز لهم العفو في هذه الحالة.

2- أجاز الفقهاء قبول شهادة المقطوع عليهم الطريق لإثبات جريمة الحرابة.

الحكم:
المحكمة العليا

القضاة:
سعادة السيد / محمد حمـد أبو سن
قاضي المحكمة العليا
رئيساً
سعادة السيد / محمد إبراهيم محمـد
قاضي المحكمة العليا
عضواً
سعادة السيد / محمد أبو بكر محمود
قاضي المحكمة العليا
عضواً
سعادة السيد / عبد الله العوض محمد
قاضي المحكمة العليا
عضواً
سعادة السيد / محمد مصطفى حمـد
قاضي المحكمة العليا
عضواً

محاكمة: عيسى عثمان محمد
م ع/ غ إ/إعدام/50 /2000م
الحكــم

القاضي: محمد إبراهيم محمد
التاريخ : 2/4/2000م

أدانت محكمة الفاشر الخاصة المذكور أعلاه بتاريخ 25/1/1999م تحت المادة 25 و26 و130 و168 قانون جنائي لعام 1991م وعاقبته بالإعدام شنقاً حتى الموت قصاصاً تحت المادة 130 بشرط حضور أولياء الدم وبالإعدام شنقاً حتى الموت مع الصلب تحت المادة 167/2 القانون الجنائي.
بتاريخ 19/2/2000 أصدر مولانا طلحة حسن طلحة قاضي المحكمة العليا المفوض بنظر قضايا الاستئناف المحاكم الخاصة – الفاشر – حكمه بالآتي:-
1- تأييد الإدانة تحت المواد 25/1 – 26/130/1 و167/2 من القانون الجنائي لعام 1991م.
2- تأييد الحكم بالإعدام شنقاً قصاصاً تحت المادة 130/1 القانون الجنائي لعام 1991م ولا ينفذ الحكم إلا بعد حضور أولياء الدم أو رفع الأمر لرئيس الجمهورية.
3- تأييد الإعدام شنقاً حتى الموت مع الصلب حداً تحت المادة 168/1/أ القانون الجنائي 1991م.

ومن ثم رفعت لنا هذه الأوراق إعمالاً لنص المادة 181 قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991م.
تتلخص الوقائع الجوهرية في أن قوة من الشرطة تحركت للقبض على المنتظرين والمحكوم عليهم من سجناء سجن مليط الذين هربوا . وحين رجوع القوة مرة أخرى إلى مليط تعرضت هذه القوة إلى كمين في منطقة جبلية بتاريخ 4/9/98 وتعرضت لوابل من الرصاص وتبادلت القوة إطلاق النار مع الجناة وقد توفي ثلاثة من هذه القوة.
وقد تم القبض على ثلاثة من المتهمين وحكــم على أثنين منهم وهم عبد الرحمن أنصاري وإبراهيم اسحق حسن المشهور بعبود وفصل البلاغ بالنسبة لبقية المتهمين وبتاريخ 17/9/98 تم القبض على المتهم عيسى عثمان محمد المشهور ببابور وقدم للمحاكمة حيث أدين أمام المحكمة الخاصة وصدر فيها القرار المشار إليه ومن ثم كانت إجراءات هذه القضية.
أسباب الطعن في حكم المحكمة الخاصة يتلخص في الآتي:-
أولاً: أن شهود الاتهام أقوالهم متضاربة في مسائل جوهرية تلقى بظلال من الشك كثيفة من شانها أن تقلل من وزنها.
ثانياً: الاعتماد كلياً على أقوال شهود الاتهام وهم من رجال الشرطة حيث أن الشهود هم من الذين تعرضوا للكمين ومنهم زملاء أصيبوا في الحادث فهؤلاء خصوم في الدعوى فشهادتهم شهادة خصم فلا تجوز شهادتهم.
ثالثاً: إن العناصر المادية والمعنوية للجرائم التي أدين تحتها المدان لم تكتمل ولم تثبت فوق مرحلة الشك المعقول فلم يثبت أن هنالك تنفيذاً لاتفاق جنائي بين المدان هنا وبقية من اشترك في الجريمة تحت المادة 21 وكذلك الحال بالنسبة للمادتين 25/26 من القانون.
ولا يمكن الإدانة تحت المادتين 130و167 لأن الجريمة إما أن تشكل جريمة قتل أو جريمة نهب.
رابعاً: أن المحكمة لم تراع ولم تسال عن الظروف المخففة للمدان بحجة أن العقوبة حدية والعقوبة تحت المادة 130 غير حدية فهذا هضم لحقوق المدان وبالله التوفيق:
(1) إن التكييف القانوني لهذه الوقائع إنها تشكل جريمة هي جريمة الحرابة المنصوص عليها في المادة 167 من القانون الجنائي لعام 1991م حيث أن جميع عناصر جريمة الحرابة قد توافرت في هذه الوقائع.
(2) إن جريمة الحرابة هي جريمة مركبة من عدة جرائم وهي لا تتم غالباً ألا عن طريق الاشتراك والمساهمة وتوزيع الأدوار فإذا اكتملت عناصر الجريمة وثبت وجود المتهم في مسرح الجريمة وقد نفذ أي دور من أدوار الجريمة فهو مسئول عن كل ما ينتج عن هذه الجريمة.
(3) الاتفاق الجنائي مستنبط من الوقائع والتعاون يجب إثباته.
(4) في هذه الواقعة فإن إسناد الفعل وهو ارتكاب جريمة الحرابة ثابت فوق مرحلة الشك المعقول.
أولاً: إقرار المدان بأنه كان بسوق أرولا وأنه شاهد الشرطة وأنه قابل عيسى وبخيت وعبود وعبد الرحمن بالليل وأنهم ناقشوا من أي طريق سوف تعود القوة فقد ثبت وجوده بالمساء في السوق مع الجناة ووجوده صباحاً عند الحادث وأنه يعرف الجناة معرفة تامة.
ثانياً: إن شهادة أفراد القوة مقبولة شرعاً وقانوناً فلقد نص الفقهاء على أن المقطوع عليهم يمكنهم أن يشهدوا على الجريمة دون أن يسببوا أخذ المال منهم وهنا لا يوجد مال إنما وجد اعتداء على النفس خرجت في سبيل هدف سام هو القبض على سجناء فروا من السجن ، فلا توجد خصومة تبطل هذه الشهادة فالشهادة مقبولة.
ثالثاً: لا يوجد تناقض في الشهادة يجعلها تسقط بل أن القوة حسب موقف كل فرد من أفرادها قد شهد وقد جاء الهجوم عليهم بغتة كان لا بد أن يحدث خلاف حول تفاصيل الشهادة ، ولكن الوقائع الجوهرية لا خلاف فيها ولو حدث تطابق في التفاصيل لكان ذلك أدعى للشك ، ومن ثـم نؤيد الإدانة تحت المـادة 167 من القانون الجنائي لسنة 1991م.

أما الإدانة تحت المادة 130 فأرى أنه لا معنى لها لأن جريمة الحرابة كما أسلفنا القول جريمة مركبة تحمل في أحشائها جرائم القتل والاعتداء على العرض وعلى النفس وعلى المال والإرهاب وجريمة القتل التي تقع داخل جريمة الحرابة هي جريمة حدية لا دخل لأولياء الدم فيها ولا معنى للبحث عن الظروف المخففة.
لقد اضطرت المحكمتان لأن تعلق العقوبة القصاصية على حضور أولياء الدم أو رفع الأمر لرئيس الجمهورية وحكم مثل هذا يشوبه الضعف الذي يصل إلى حد البطلان لأن الحكم هو القطع والبتر فلا تعليق فيه ولا شرط.
ومن ثم أرى:-
(1) إلغاء الإدانة تحت المادة 130/ق ج/1991م.
(2) تأييد الإدانة تحت المادة 167 قانون جنائي وتأييد العقوبة وهي الإعدام شنقاً حتى الموت حداً ثم الصلب.

القاضي: عبد الله العوض محمد
التاريخ : 29/4/2000م


إن مجرد تواجد المدان في سوق أرولا وضبطه وهو يأخذ بندقية المتوفى عبد الرحمن الأنصاري بعد إصابة الأخير أثناء تبادل إطلاق النار مع القوة التي كانت تتعقب المحكوم عليهم الهاربين من السجن ، وعلماً بأن المدان كان اعزل من أي سلاح ناري عند تبادل إطلاق النار .. كل ذلك لا ينهض دليلاً قاطعاً على اشتراك المدان مع الجناة الآخرين بأي صورة من الصور في تبادل إطلاق النار الذي نجم عنه استشهاد بعض أفراد القوة المذكورة.
كذلك فإن تبادل المدان إطلاق النار مع بعض أفراد القوة بعد وقوع الحادث كان أثناء هروبه لتفادي إلقاء القبض عليه وقد تم ذلك بعد وقوع الحادث وسقوط الضحايا المذكورين.
كما أن قيادة المدان للجمال " بعد انتهاء " المعركة بين الطرفين لا يرقى إلى مرتبة الدليل الذي يثبت ضلوعه في ارتكاب الحادث بدليل أنه جاء في أقوال شاهد الاتهام محمد عبد الله إبراهيم " شـاهدنا المتهم يقود نياق جمال عدد ما بين 8-10 رأس من الإبل وقمنا ناديناه وجاءني لوحده وأنا قلت له " أرجع جيب الجمال ورجع اتجاه الجمال وطوالي قام هرب ".
ولما كان يبين أيضاً مما تقدم أن أفعال المدان على النحو سالف البيان قد جاءت كلها لاحقة لوقوع الحادث وما نجم عنه من إصابات ووفاة ، فإن تهمة الحرابة المسندة إليه تكون قائمة على سند غير صحيح واقعاً وقانوناً ويتعين لذلك إلغاء الإدانة وبراءته منها واستبدال ذلك بإدانته بالمادتين 26/44 من قانون الأسلحة مقروءتين مع القرار الجمهوري 157/1991م ومعاقبته بالسجن لمدة عشر سنوات.

القاضي: محمد مصطفى حمد
التاريخ : 30/5/2000م


البينات التي أكدت واقعة وجود المتهم في مسرح الحادث وقت وقوعه جاءت واضحة وصريحة لا سبيل لنا إلى رفضها أو الشك في صحتها والاستنتاج المنبثق منها عن أن المتهم كان من ضمن المحاربين هذا وهو بهذا الوصف يعتبر محارباً ، جاء سليماً في رأي وبالتالي لا شك لدي في صحة الإدانة.
فأقوال شاهدي الاتهام (3)و(4) عن وجود المتهم في مسرح الحادث واقتياده لجمال المتهمين وانسحابه إلى أعلى الجبل وتبادله إطلاق الأعيرة النارية على الشاهدين تؤكد بجلاء أن المتهم كان من ضمن مرتكبي جريمة الحرابة حيث الثابت من المعركة الدامية التي وقعت بين المتهمين والقوة المعتدى عليها هو مجاهرة المتهمين بالعدوان واستعمال القوة وإعاقة السبيل وتسبيب الأذى بالرفقة بأخطر الأسلحة وقد كان من بينهما وفاة بعضهم من جراء هذا الهجوم ، وفي جريمة الحرابة فإنه لا يسأل المباشر فقط ، وذلك استثناءً من قاعدة أن الحد الأعلى ، الأعلى مباشرة فقط.
فقد أشارت السوابق القضائية أنه يعتبر محارباً كل من باشر الفعل أو تسبب فيه حيث يرى بعض الفقهاء منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد أن يحد الردى والمعين والطليعة كما يحد مباشر أغرابه وجاء في تعريف المعين من يكون حاضراً وقت الجريمة ولو أنه يباشر الفعل بنفسه وذلك لما له من المناصرة والمناصرة مما يقوى من عزيمة المحاربين فإذا قتل واحد منهم ثبت القتل في حق الجميع ووجب قتلهم جميعاً وقد جاء في كتاب التشريع الجنائي الإسلامي ما يؤكد ذلك من أنه يعتبر محارباً كل من باشر الفعل أو تسبب فيه من باشر القتل أو خلافه فهو محارب ومن أعان على ذلك بتحريض أو اتفاق أو إعانة فهو محارب ويعتبر في حكم المباشر من يحضر المباشرة ولو لم يباشر بنفسه.
والمتهم في قضيتنا هذه قد ثبت وتأكد وجوده في مسرح الحادث وقت وقوع الحرابة ، بل أنه قام بسحب جمال المتهمين مما يعتبر في حكم المتهمين ، بل أنه قد قام بإطلاق النار على شاهدي الاتهام (1) و(2) ولذا فهو محارب لا محاله.
لذا أتفق والرأي القائل بتأييد الإدانة بجريمة الحرابة تحت المادة 168 من القانون الجنائي وهي جريمة حدية والعقوبة الصادرة بموجبها والتي لا تتوقف على موافقة أولياء الدم من عدمها كجرائم القصاص كما ذكر مولانا صاحب الرأي الأول.

القاضي: محمد أبو بكر محمود
التاريخ : 14/6/2000م

أقوال الشهود الثالث والرابع والخامس تقطع بتواجد المتهم في مكان الحادث وقيامه بإطلاق النار بعد هروبه وصعوده للجبل ولهذا فهو يعتبر من ضمن الذين شاركوا في ارتكاب الجريمة لثبوت وجوده بالمكان مع الجناة ودخوله في مواجهة مع الشهود إلى أن لاذ بالهرب وصعد إلى الجبل.
لهذا اتفق مع الزميلين في الرأي الأول والثالث فيما توصلا إليه بتأييد الإدانة والعقوبة كما هي وعدم التدخل فيها.

القاضي: محمد حمد أبو سن
التاريخ : 17/6/2000م


أجدني على اتفاق مع رأى الأغلبية في الدائرة بأن البينات المقدمة كانت بينات شرعية كافية لإدانة المتهم بجريمة الحرابة بموجب المادة 168 من القانون الجنائي كما اتفق مع الأخوين صاحبي الرأيين الأول والثالث على أن جريمة الحرابة في هذه الحالة تشمل جريمة القتل ولهذا لا معنى للإدانة بموجب المادة 130 من القانون الجنائي بالإضافة للإدانة بموجب المادة 168 من نفس القانون وبالتالي فإن عقوبة الإعدام الحدية بموجب 168 لا تتطلب معرفة رأي أولياء الدم لأنه لا يجوز لهم العفو في هذه الحالة وبالتالي أوافق على إلغاء الإدانة والعقوبة بموجب المادة 130 من القانون الجنائي.

author-img
مدونة المحامي اليمني عبدالرقيب محمد القاضي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent