recent
جديد المشاركات

التنفيذ على الخلف الخاص

أ .د / عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء 
من الاشكاليات العلمية التي يتكرر وقوعها التصرف في العقار المتنازع عليه من قبل الخصوم  الى الغير ، فعندما يصدر الحكم بأحقية خصم في العقار يكون قد انتقل إلى ملكية الغير، وهو  بالخلف الخاص في هذا التعليق، وهناك إشكاليات قانونية وواقعية كثيرة يثيرها التنفيذ على الخلف الخاص المشتري للعقار المتنازع عليه او الموصى له او الموهوب له، ولأهمية هذا الموضوع فقد اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12/1/2011م في الطعن المدني رقم (40351) لسنة 1430هـ وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان شخصين اختلفا على ارض فقام الشخصان بتحكيم محكم للفصل في النزاع وبعد ان صار حكم المحكم نهائياً قام المحكوم له بمطالبة المحكمة الابتدائية بتنفيذ الحكم فقام المشتري للأرض من المحكوم عليه قام بالتدخل أمام محكمة التنفيذ مدعياً بأنه قد اشترى الارض ودفع ثمنها ببصائر شرعية لها حجيتها الثبوتية، فأصدرت المحكمة الابتدائية قراراً بقبول التدخل وعدم المعارضة للمتدخل في الانتفاع بتلك الارض المطلوب التنفيذ عليها ،فلم يقبل طالب التنفيذ بقرار المحكمة الابتدائية فقام باستئنافه إلا أن الشعبة المدنية رفضت الاستئناف وقضت بتأييد القرار الابتدائي لان المستأنف ضده مالك للعقار وحسن النية ، فلم يقنع طالب التنفيذ بالحكم الاستئنافي فقام بالطعن فيه بالنقض، فقبلت الدائرة المدنية الطعن وقضت بنقض الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن اسباب حكم المحكمة العليا (ومن حيث الموضوع فانه بعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات ملف القضية وجدت الدائرة أن ما ينعي به الطاعن في طعنه هو نعي سديد ومن ثم فأن الحكم الاستئنافي المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد جانب الصواب لان القرار التنفيذي صدر لصالح المتدخل وهو غير ممثل في حكم التحكيم وكان من حقه ان يقدم دعواه أمام المحكمة المختصة الامر الذي يستلزم معه نقض الحكمين الاستئنافي والابتدائي وحيث أن المطعون ضده المتدخل خلف خاص للمنفذ ضده ، فاللازم مباشرة إجراءات التنفيذ في مواجهة المتصرف اليه بالعقار) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية : 
الوجه الأول : التحايل في التصرف في العقارات المتنازع عليها : 
ليس خفياً تحايل بعض الخصوم عن طريق التصرف في العقارات المتنازع عليها، وأحيان يتم التصرف فيها قبل حدوث أي نزاع بشأنها حينما يتوقع المتصرف أو البائع حدوث نزاع بشأنها وأحيان يتم البيع او التصرف  في اثناء النزاع بل يتم البيع في بعض الاحيان في اثناء التنفيذ، وقد يكون البيع حقيقياً وقد يكون صورياً ، وفي غالب الأحيان يكون غرض البائع او المتصرف بالعقار التخلص من العقار المتنازع عليه ومشاكله  والأعباء المالية المترتبة عليه أو قد يكون الغرض الكيد بالخصم ، كما قد يكون التصرف  بالبيع وقد يكون التصرف بالوقف أو الهبة أو النذر او الوصيةللغير حيث يعمد كثير من المتنازعين على العقارات  إلى هذه التصرفات أما قطعاً للنزاع وحسماً له أو نكاية بالخصم الأخر وكيدا به، وقد يكون المتصرف في العقار له ملك أو شبهة ملك كما قد يكون من الثابت أن المتصرف ليس مالكاً للعقار وهذا يحدث غالبا،ً فاذا كان المتصرف غير مالك للعقار فان تصرفه باطل محضاً لا يترتب عليه أي اثر قانوني ومن ذلك أن المشتري من غير المالك لا يكون خلفاً خاصاً للمتصرف غير المالك. 
الوجه الثاني : مفهوم الخلف الخاص في التنفيذ وتوصيتنا : 
الخلف الخاص هو المتصرف اليه بالعقار المتنازع عليه فقد يكون المشتري للعقار أو الموقوف عليه أو الموهوب له...الخ، وبهذا المفهوم فأن الخلف الخاص يختلف عن الخلف العام وهم ورثة المتصرف، فالأصل في العقود والتصرفات أن عقود وتصرفات السلف تنصرف إلى الخلف الخاص ومنها بيع العقار أو وقفه أو هبته والتبرع به ، والمقصود بأثر العقود والتصرفات هو ما يترتب عليها من حقوق والتزامات كالرهن ، لان الخلف الخاص هو الذي يخلف المتصرف في ملكية شيء معين كالعقار مثل المشتري للعقار الذي انتقلت اليه الملكية فيعد خلفاً خاصاً وصاحب حق الانتفاع بالعقار أو الموهوب له أو الموصى له والدائن المرتهن، علماً بان قانون المرافعات حينما حدد اطراف التنفيذ ومن في حكمهم لم يذكر الخلف الخاص ضمن من في حكم المنفذ ضده مع أن القانون قد  بانه يدخل في مفهوم من في حكم  المنفذ ضده الخلف العام والكفيل الشخصي  والعيني والحائز للمال والغير فهولاء يدخلون ضمن مفهوم من في حكم المنفذ ضده  وتطبيقا لذلك أجاز قانون المرافعات مباشرة إجراءات التنفيذ في مواجهة هؤلاء بموجب المادتين (244 و 245) مرافعات فقد نصت المادة (244) على أنه (اذا فقد المنفذ ضده أهليته أو زالت عنه صفة من يمثله أو توفى هو أو من يمثله جاز لصاحب الحق في التنفيذ أن يطلب التنفيذ على وارثه أو من يمثله شرعاً وقانوناً ولا يكون الوارث أو الممثل الشرعي والقانوني ملزماً الا في حدود ما وصل إلى يده من أموال المنفذ ضده ولا يجوز التنفيذ في مواجهة الوارث أو الممثل الشرعي والقانوني إلا بعد مضي سبعة أيام من اعلانهم بالسند التنفيذي) وفي السياق ذاته نصت المادة (345) على أنه  (يجوز توجيه إجراءات التنفيذ الجبري للكفيل الشخصي والكفيل العيني والغير والحائز لمال المنفذ ضده وفقاً للشرع والقانون) ومن خلال مطالعة هذه النصوص نجد أنه لم يرد ذكر الخلف الخاص صراحة، ولا شك أن هذه النصوص مستفادة من القوانين العربية لا سميا القانون المصري، ومن المعلوم أن الفقه العربي على خلاف بشأن التنفيذ على الخلف الخاص حيث يذهب جماعة من الشراح إلى أن إجراءات التنفيذ لا توجه إلى المشتري للعقار أو الموصى له أو الموقوف عليه أو الموهوب له وهو بيت القصيد من تعليقنا. 
الوجه الثالث : مفهوم الغير والحائز للعقار : 
من خلال مطالعة القضية التنفيذية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كانت المنازعة التنفيذية تتركز بشأن مفهوم الغير والحائز للعقار وما اذا كان المشتري للعقار يدخل ضمن مفهوم الغير والحائز للعقار، فقد كان الحكمان الابتدائي والاستئنافي قد قررا بأن المشتري للعقار يعد من الغير وذلك يجوز تدخله في المنازعة التنفيذية ولكنه لا يكون معنيا بالحكم السند التنفيذي لأنه لم يكن طرفاً في النزاع الذي فصل فيه الحكم الموضوعي سند التنفيذ، في حين قضى حكم المحكمة العليا بأن المشتري للعقار المنفذ عليه يكون من الغير الذي يجوز التنفيذ في مواجهته باعتباره المتصرف اليه بالعقار كما انه لابجوز الحكم له في المنازعة التنفيذية لانه لم يكن طرفا في الحكم الموضوعي سند التنفيذ حسبما ورد في حكم المحكمة العليا، ولاشك ان اجتهاد المحكمة العليا في شمول معنى الغير للمشتري للعقار المتنازع عليه المطلوب التنفيذ عليه اجتهاد يتناسب مع الواقع اليمني الذي يشهد على التحايل في التصرفات والعقود في العقارات المتنازع عليها أو المطلوب التنفيذ عليها لاسميا أن قانون المرافعات لم يقرر صراحة جواز مباشرة إجراءات التنفيذ في مواجهة الخلف الخاص كالمشتري للعقار أو الموهوب له أو الموصى له ...الخ، مع أن مفهوم الغير في القانون لا ينطبق على المشتري للعقار أو الموهوب له أو الموصى له ، فالغير في القانون هو : كل أجنبي عن العقد الذي لا يرتب العقد التزاماً بذمته ولكن يجوز أن يكسبه حقاً، فالغير في التنفيذ هو الشخص الخارج عن الخصومة فلايعود عليه التنفيذ بنفع كما انه  لايلحق به ضررا،والله اعلم.ً.
author-img
مدونة المحامي اليمني عبدالرقيب محمد القاضي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent