recent
جديد المشاركات

حكم قرار ايقاف الموظف عن العمل وعدم صرف راتبة

الحجم
محتويات المقال

 
بسم الله الرحمن الرحيم
راي قانوني حول حكم توقيف مدير فرع مكتب التربية في المديرية عن عمله ووقف صرف راتبه من قبل/ مدير المديرية بدون تحقيق اداري والراي القانوني بشان منازعة الموظف في تلك التصرفات.
في هذه العجالة سنقوم بالرد على كل تلك التساؤلات وابداء الراي القانوني بشأنها وفقا للتفصيل الاتي: 
اولا:
بداية ينبغي لفت الانتباه الي استحقاق مدير فر ع مكتب التربية بالمديرية الموقف لجميع مستحقاته لعدم وجود مانع قانوني يحول دون استحقاقه لان المادة(65/ج) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم(1) لسنة1991م قد اوضحت وبجلاء متى يستحق الموظف الراتب ونصت بما لفظه: ( ج- يستحق الموظف الملحق بالعمل بعد بداية الشهر راتبه عن ذلك الشهر بنسبه عدد أيام العمل والإجازات التي تخللتها إلى الشهر ويسرى ذلك على الموظف الذي تنتهي خدمته قبل نهاية الشهر باستثناء حالتي التقاعد والوفاة فيصرف الراتب كاملاًُ).
ونظر لما يمثله المرتب بالنسبة للموظف وأفراد عائلته لتغطية نفقات معيشته وتوفير حياة كريمة فقد أخضعه المشرع لعدد من الضمانات المختلفة التي تشكل في مضمونها حماية لهذا الحق وتطبيقا لذلك نصت المادة(66) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية بما لفظه:
(لا يجوز الحجز على راتب الموظف إلا في الحالات التالية:
أ‌-      إذا كان الموظف مدينا بدين نفقه بموجب حكم شرعي....
ب‌-  إذا كان الموظف مدينا للحكومة أو للوحدة الإدارية التي يعمل بها... ..
ج- إذا كان الموظف مدينا للغير بضمان الوحدة الإدارية....
د- إذا صدر بحق الموظف قرار تأديبي من السلطة المختصة وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد ما يخصم من الراتب الكامل للموظف عن الربع إلا إذا نص الحكم الشرعي بدين النفقة أو شروط الضمان على خلاف ذلك).
وبتطبيق نص المادة سالف الذكر على موضوع القضية محل الراي يتبين عدم انطباق أي حالة من الحالات الواردة في تلك المادة ويكون الموظف مستحقا لكافة مستحقاته خلال فترة توقيفه عن العمل لعدم وجود مانع قانوني يحول دون استحقاقها.
ثانيا:
ان افعال وتصرفات مدير المديرية بتوقيع عقوبة التوقيف عن الوظيفة واستنزال كافة مستحقات مدير فرع مكتب التربية بالمديرية غير مشروعة  لان الدولة الحديثة تقوم على مبدأ المشروعية ومقتضاه أن تكون جميع تصرفات الإدارة في حدود القانون والقانون هنا يؤخذ بمدلوله العام أي جميع القواعد الملزمة في الدولة مع مراعاة التدرج في قوتها "القانون الدستوري ، فالقانون العادي ، فاللائحة ، فالقرار الفردي "وأيا كان نوع تصرف الإدارة قانونياً أو مادياً.
"القضاء الإداري الكتاب الأول قضاء الإلغاء د/سليمان الطماوي مرجع سابق صـ20"
كما يعني هذا المبدأ خضوع السلطة التنفيذية في ممارستها لوظائفها للسلطة التشريعية بحيث لا تقدم على تصرف من التصرفات إلا تنفيذاً لقانون أو بمقتضي قانون وإلا اعتبرت أعمالها غير مشروعة.
"أ.د/عبد الغني بسيوني: القضاء الإداري مبدأ المشروعية طبعة1992م صـ11"
والحال أن أفعال وتصرفات مدير المديرية باعتباره يمثل إحدى الجهات الإدارية          يعتبر مخالفا لمبدأ المشروعية وذلك واضح من خلال الاتي:
1- عدم مشروعية القرار لمخالفة مدير المديرية لمبادئ الدستور:
ان مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانوني والمنصوص عليه في المادة(47) والتي قضت بأنه: (لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي او قانوني) يعد مصدراً وأساسا لكل قاعدة قانونية أدنى منها في المرتبة ومن ثم يجب على السلطات الحاكمة ان تحترم هذا المبدأ وتلتزم بأحكامه وتتصرف على هداه وكنتيجة لذلك فإن ارتكاب أي مخالفة لها يشكل مخالفة لمبدأ المشروعية.
وبالرغم من تقرير مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون ضمن القواعد الدستورية التي يجب احترامها وتطبيق نصوصها إلا أن مدير المديرية قد خالف هذه القاعدة عندما عاقب مدير فرع مكتب التربية بالمديرية على فعل مجهول الامر الذي لم يتضح معه هل هذا الفعل مجرم ام لا وما هي عقوبته قانوناً  حتى يتضح جليا للمطلع ما هي وجه المخالفة لأحكام القوانين والأنظمة النافذة أو الخروج على مقتضي الواجب وأين النص القانوني أو الشرعي الذي يؤثم ذلك الفعل الذي بسببه تم معاقبة مدير فرع مكتب التربية بالمديرية.
2-عدم مشروعية قرار التوقيف لعدم اختصاص مدير المديرية بإصداره:
حدد المشرع وعلى سبيل الحصر السلطات التي تمتلك صلاحية توقيع العقوبات ومن تلك العقوبات الإنذار أو التنبيه أو الخصم من الراتب أو الحرمان منه وذلك في سياق نص المادة(113) من قانون الخدمة المدنية التي قضت بما لفظه: (توقع العقوبات التأديبية المنصوص عليها في المـادة (111) من هذا القانون على المخالفة التي يرتكبها الموظف في مجموعات الوظائف الإشراقية أو التنفيذية أو الحرفية أو الخدمات المعاونة وفقا للصلاحيات التالية :
‌أ-       بقرار من المدير العام للإدارة العامة أو من يماثله بناءً على اقتراح من الرئيس الأدنى مباشرة، إذا كانت العقوبة التأديبية للمخالفة هي التنبيه أو الإنذار.
‌ب-     بقرار من الوكيل أو من يماثله بناءً على اقتراح من المدير العام للإدارة العامة إذا كانت العقوبة التأديبية للمخالفة هي التنبيه أو الإنذار أو الخصم من الراتب.
‌ج-      بقرار من نائب الوزير أو من يماثله بناء على اقتراح من الوكيل إذا كانت العقوبة التأديبية للمخالفة هي التنبيه أو الإنذار أو الخصم من الراتب أو تأجيل موعد استحقاق العلاوة السنوية.
‌د-       بقرار من الوزير المختص أومن يفوضه بناء عل اقتراح من نائب الوزير إذا كانت العقوبة التأديبية هي التنبيه أو الإنذار أو الخصم من الراتب أو تأجيل موعد استحقاق العلاوة السنوية أو الحرمان منها، وبقرار منه بناء على توصية من مجلس التأديب، في العقوبات الأخرى.
‌ه-       توقع العقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادة (111) من هذا القانون علي المخالفة التي يرتكبها الموظف من مجموعة وظائف الإدارة العليا بقرار من السلطة المختصة بالتعيين بناء على اقتراح من الوزير المختص استناداً إلى قرار مجلس التأديب الأعلى المنصوص عليه في المادة (114) من هذا القانون فيما عدا العقوبات (من 1-7) فتكون من قبل الوزير المختص.)
مع ملاحظة ان المادة (43) من قانون السلطة المحلية  تنص بان : (أ  -  يكون المحافظ رئيساً لجميع الموظفين المدنيين العاملين في نطاق المحافظة، وتنقل له السلطات والصلاحيات المقررة للوزراء من حيث التعيين والنقل والندب والإعارة والإحالة إلى التحقيق والتأديب.
ت‌-     يقوم المحافظ بترشيح رؤساء الأجهزة التنفيذية بالمحافظة بالتنسيق مع الوزير المعني.)
كما تنص المادة (62) من اللائحة التنفيذية لقانون السلطة المحلية بان:
(أ- يكون المحافظ رئيسا لجميع الموظفين المدنيين العاملين في المحافظة والمديرية التابعة لها ويكون له عليهم كافة السلطات والصلاحيات المقررة قانونا للوزراء.
ب- تمارس السلطات والصلاحيات المنقولة للمحافظ بموجب المادة (43) من القانون في مجالات التعيين والنقل والندب والاعارة والاحالة للتحقيق للموظفين العامين العاملين في نطاق المحافظة طبقا لما تتضمنه القوانين واللوائح المنظمة للخدمة المدنية من قواعد وشروط واجراءات وكل اجراء يتم بالمخالفة لذلك يكون عرضة للمسائلة والالغاء من قبل المجلس المحلي. ج-.....)
وبتطبيق تلك القواعد القانونية على هذه القضية يتضح أن الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية على مدير فرع مكتب التربية في المديرية والأمر بتوقيفه عن العمل هو للوزير-المحافظ- وفقا للقانون وبذلك يكون القانون قد ساوى بين الوقف والتأديب من حيث السلطة المختصة بإيقاع الجزاءات وبالتالي فإن قرار إيقاع عقوبة التوقيف عن العمل وعقوبة تنزيل جميع مستحقات هذا الموظف يعتبر قرارا صادرا من جهة غير مختصة بإصداره مما يجعل القرار معيباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم ويترتب على ذلك اعتباره قرارا منعدما ويستوجب التراجع عنه والغائه من قبل المجلس المحلي.
3-عدم مشروعية تصرفات مدير المديرية لمخالفتها للقانون واللوائح النافذة:
 نصت المادة(112/ب) من قانون الخدمة المدنية على أن :
(تتبع في كافة مراحل التحقيق والتأديب الأصول والإجراءات الإدارية والقانونية المتعلقة بتأديب الموظف بمقتضي اللوائح التنفيذية لهذا القانون).
كما نصت المادة(189) من اللائحة التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم(122) لسنة1992م بأن: (التحقيق والتأديب الإداري يهدف إلى توطيد الانضباط والسلوك الإداري الصحيح في العمل وتمكين الوحدات الإدارية من ممارسة سلطتها في مسائل التحقيق والتأديب بما يساعد على انتظام السير الطبيعي للعمل واحترام نظم الوظيفة العامة ومقتضياتها وأخيراً توجيه سلوك الموظفين بما ينمي موقفهم الإيجابي من العمل).
ولبغية تحقيق هذه الأهداف فقد نصت اللائحة التنفيذية للقانون أيضا في المادة(190) على وجوب العمل بالمبادئ والأحكام الآتية: (ا-  الموضوعية والواقعية عند اتخاذ القرار والابتعاد عن أي تأثيرات تتصل بالموظف او جهة اتخاذ القرار أو كليهما .
ب-  إتباع الأساليب والإجراءات المتعلقة بالتحقيق والتأديب كما تحددها هذه اللائحة ضمانا لمساواة وتوحيد المعاملة .
ج-  النظر والبت في المسائل المتعلقة بالتحقيق والتأديب دون تأجيل أو إبطاء .
د-  عدم المساس بالضمانات المكفولة للموظف في القانون والنظم النافذة ).
تجدر الإشارة إلى ان قانون الخدمة المدنية قد حظر توقيف الموظف أثناء فترة التحقيق إلا إذا اقتضت مصلحة التحقيق أو العمل ذلك وبموافقة الوزير المختص طبقاً لنص المادة(117/أ) وبذلك يكون القانون اليمني قد ساوى بين الوقف الاحتياطي والتأديب من حيث السلطة المختصة حيث نصت المادة(193) من اللائحة التنفيذية بما لفظه: (مع عدم الإخلال بما ورد في المادة  (191)  من هذه اللائحة يتعين على كل وحدة إدارة إعداد قوائم تفصيلية بأنواع المخالفات الإدارية وما يقابلها من العقوبات التأديبية المحددة في المادة (191)  من هذه اللائحة وفقا لطبيعة وخصوصية نشاطها وبما لا يتعارض مع أحكام هذه اللائحة ويتم عرضها على الوزارة للموافقة عليها قبل إصدارها).
ومن مبادئ تطبيق العقوبة وفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم(27) لسنة1998م بشأن لائحة الجزاءات  والمخالفات المالية والإدارية ما نصت عليه المادة(23) منه بما لفظه:(يكون تناسب حجم العقوبة مع جسامة المخالفة وفقا للتالي:  -
1 .  أن يكون توقيع العقوبة مسبوقا بتحقيق كتابي مع الموظف عدا عقوبتي التنبيه والإنذار التي يجوز توقيعها بعد تحقيق شفهي يثبت في قرار العقوبة .
2 .  لا يجوز توقيع أكثر من عقوبة إدارية على المخالفة الواحدة ويراعى في التطبيق أحكام المادة (11)  من هذه اللائحة )
وبتطبيق تلك النصوص يتبين أن القرار قد صدر بالمخالفة المباشرة لنصوص القانون واللوائح النافذة لعدم كفالة الضمانات المقررة قانوناً عند اتهام مدير فرع مكتب التربية في المديرية حيث تم توقيع تلك التصرفات في حقه بمجرد شبهات لا أساس لها في الواقع وذلك واضح من خلال عدم إجراء تحقيق  مسبق قبل القيام بإيقاع عقوبة التوقيف عن العمل والحرمان من الراتب لأنه لا يجوز إيقاع عقوبة تأديبية إلا بعد إجراء تحقيق مع الموظف وفقا للقانون وهو ما لم يتم في هذه القضية.
وكذا إيقاع أكثر من عقوبة مع عدم وجود مخالفة منصوص عليها قانوناً أو في اللوائح النافذة حيث تم إيقاع عقوبة التوقيف عن ممارسة الوظيفة مع عدم توافر مخالفة وكذا عقوبة الحرمان من الراتب  مما يؤكد عدم الموضوعية والواقعية عند القيام بتلك التصرفات ناهيك عن القيام بمعاقبة الموظف المدير بحرمانه من الراتب مع عدم وجود مثل تلك العقوبة في نص المادة (111) من قانون الخدمة المدنية أو أي قانون آخر وبذلك يتضح بأن مدير المديرية قد تنكر وتجاهل كل تلك الوقائع بالمخالفة للقواعد القانونية المقررة والنظم النافذة مما يستوجب التقرير بإلغاء ذلك القرار واعادة الموظف الي عمله من قبل المجلس المحلي.
4-عدم مشروعية تصرفات مدير المديرية لانعدام الأسباب الواقعية والقانونية التي دفعته إلى اتخاذها:
 ان السبب في القرار التأديبي هو الخطأ الوظيفي الذي يدفع السلطات الـتأديبية إلى التدخل لإحداث أثر قانوني معين هو العقوبة التي توقعها على الموظف ابتغاء المصلحة العامة وقد قضت المحكمة الإدارية المصرية العليا بأن ( القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار إداري آخر يجب أن يقوم على سبب يسوغ تدخل الإدارة لإحداث أثر قانوني في حق الموظف هو توقيع الجزاء للغاية التي استهدفها المشرع وهي الحرص على حسن سير العمل ولا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا كانت حالة واقعية أو قانونية تسوغ التدخل وللقضاء الإداري في حدود رقابته القانونية أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني).
صـ214ضمانات تأديب الموظف العام د/يحيى علي قاسم طبعة1999م
والحال أن القرار محل الراي لم يفصح عن سبب توقيع تلكم العقوبتين دفعة واحدة في حق مدير فرع مكتب التربية بالمديرية وبالتالي فإن العقوبة التي صدرت من جهة غير مختصة وهي عقوبة الحرمان من الراتب والتوقيف عن العمل هي عقوبة مجهولة ولا يتضح هل تتناسب مع الفعل المنسوب للموظف على أنه جرم –مخالفة- ام لا كما أن حرمانه من الراتب وتوقيفه عن العمل  بمثابة عزل إذ أن صدور مثل ذلك القرار لا يكون إلا في حالة ايقاع عقوبة العزل وبالتالي فان هذا القرار لم يستند إلى أسباب قانونية صحيحة مما يلحقه عيب  خرقه للقانون لعدم وجود مثل تلك العقوبة في القانون وهي عقوبة الحرمان من الراتب كاملا إضافة إلى عدم وجود واقعة ثابتة منسوبة لمدير فرع مكتب التربية بالمديرية ووجود نص قانوني أو لائحي  يجرم تلك الواقعة او المخالفة ان وجدت.
واخيرا نتائج الراي والتوصيات :
لذلك ولكل ما سبق نري الاتي/
1- وقف تنفيذ القرار الصادر من مدير المديرية والتوجيه باستمرار مدير فرع مكتب التربية بالمديرية في ممارسة وظيفته واستمرار صرف الراتب كاملاً وبصورة مستعجلة.
2- مخاطبة المجلس المحلي في المديرية بإلغاء قرار توقيف مدير فرع مكتب التربية بالمديرية عن ممارسة وظيفته ووقف راتبه لعدم مشروعية ذلك القرار وصدوره بالمخالفة للقوانين واللوائح النافذة وفقا لما اسلفنا.
هذا والله من وراء القصد؛
                                                         
                                   المحامي/عبدالرقيب محمد القاضي


إعلان منتصف المقال
google-playkhamsatmostaqltradent