بسم الله الرحمن الرحيم
مبحث في
الأحكام الخاصة بتقييم أداء الموظف المنتدب
نسوق هذا المبحث في
مطلبين نتناول في المطلب الأول تعريف نظام تقييم كفاءة الأداء وأهدافه والمبادئ والأسس
العامة التي تحكم هذا النظام ومن ثم نتطرق لقواعد وأسس تقييم كفاءة الأداء في التشريع اليمني ثم نتحدث في المطلب الثاني عن
الجهة المختصة بإجراء تقييم كفاءة الأداء كأصل عام ثم نبين بعد ذلك الجهة التي
تختص بوضع تقييم كفاءة أداء الموظف المنتدب وفي الأخير نبين الإطار الزمني لتقييم
كفاءة الأداء وكل ذلك على النحو التالي:
المطلب الأول
*- أولاً: التعريف
.
المقصود بتقييم أداء
الموظف هو تشخيص القدرات والطاقات التي يتمتع بها هذا الموظف وفقاً لأسس ومعايير
موضوعيه وهذا هو التعريف الذي اعتمده المشرع اليمني في القانون رقم (19) لسنة 1991م بشأن الخدمة
المدنية ولائحته التنفيذية (1)
و يرى فقها القانون أن قياس كفاءة الأداء هو
نظام متكامل العناصر وضعه المشرع وحدد أسٌسه بهدف تقييم أداء الموظف في جملة
عناصره ورتب نتائجه من زوايا عده على نحو يضمن حسن أداء العمل وسير المرفق العام
بما يحقق المصلحة العامة(2) .
ثانياً:أهداف نظام
تقييم كفاءة الأداء.
يهدف نظام تقييم
كفاءة الأداء إلى تشخيص الطاقات والقدرات لدى الموظفين ليتسنى لجهة الإدارة معرفة
جوانب القوه والضعف في أداء الموظفين ومن ثم تبصيرهم بها لأجل النهوض بمستوياتهم
نحو الأفضل وتحفيز ذوي الكفاءات منهم
واستثمار إبداعاتهم لصالح العمل ،
كما يهدف هذا النظام إلى الكشف عن جوانب
القصور في أسلوب العمل ومتطلباته كي تعمل جهة الإدارة على إزالة تلك المعوقات بوضع
الخطط والبرامج الكفيلة بإزالة تلك المعوقات مسترشدة في ذلك بنتائج تقييم كفاءة الأداء السنوية .
*- ثالثاً:المبادئ
والأسس العامة.
يشير فقها القانون
الإداري إلى ضرورة قيام تقارير تقييم كفاءة الأداء على جمله من الأسس والمبادئ العامة
التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند وضع تلك التقارير و منها ضرورة ارتباط تلك
التقارير بأعمال أداها الموظف وذلك لان
تقرير تقييم الأداء لن يكون معبراً عن الحقيقة وترجمان حقيقي و دقيق عن
عمل الموظف وسلوكه خلال السنة التي يرد
عليها إلا إذا كان قد ارتبط بعمل يؤدى فعلاً لان الأصل أن التقارير التي توضع عن
الموظف لتقدير كفاءته خلال مده معينه إنما تستهدف أساساً تقييم الأعمال التي
يؤديها أثناء تلك الفترة ومن ثم الحكم من خلالها على كفاءة هذا الموظف ، و بالتالي
فإذا ما ثبت ان الموظف لم يؤد أي عمل خلال الفترة التي وضع عنها التقرير لأمر خارج
عن إرادته فهنا يستحيل تقييم أداء الموظف ، ويمتنع على جهة الإدارة وضع تقريراً
عنه خلال تلك الفترة إذ ليس ثمة أعمال يكون قد أداها الموظف تصلح لان تكون محلاً لتقييم
كفاءة أداء الموظف من خلالها ، ومن ثم يكون من اللازم حتماً هنا عدم وضع تقرير
تقييم كفاءة الأداء عن مثل هذا الموظف و يكتفى في هذه الحالة بإثبات السبب الذي
حال دون وضع ذلك التقرير(3)
كما يرى فقها القانون
ان تقرير تقييم الأداء يجب ان لا يتأثر بما هو خارج عن استطاعة الموظف من أمور لا
سلطان له عليها مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار
حالة الموظف الصحية والذهنية ومدى تأثيرها على مستوى أدائه ، لأنه لا يد
للموظف في المرض وليس من العدل ان يسوى في المحاسبة عن أداء عامل مريض بأخر صحيح
البدن يقظ الذهن(4).
إضافة إلى ذلك لابد
ان يرتبط تقرير تقييم الأداء بنطاق العمل المؤدى من الناحيتين النوعية والمكانية ،
فمن الناحية النوعية يجب أن ينحصر التقييم في العمل الذي يؤديه الموظف فلا يمتد
الى غيرة ليشمل أعمالاً لم يؤديها الموظف ، أما من الناحية المكانية فيجب ان يتقيد
التقييم بما يأتيه الموظف في مكان عمله او خارجه من أفعال او تصرفات تكون وثيقة
الصلة بالعمل الذي يؤديه ، دون ان يخضع للتقييم ما يبدر من الموظف خارج مقر عمله
من أفعال او تصرفات تكون منقطعة الصلة تماماً بالعمل الذي يؤديه.
أيضا لابد ان يتم
إجراء التقييم بمقياس واحد منضبط يسري على جميع موظفي الوحدة الإدارية ، وهو ما
نجد له صدى لدى المشرع اليمني(5) الذي
اوجب على كل وحده إدارية ضرورة وضع معايير و إرشادات محدده و إصدار نماذج بها
للاعتداد بها عند إعداد تقارير تقييم الأداء.
كما ان المشرع اليمني
قد أورد في المادة (173) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية جملة من
المبادئ الأساسية العامة التي يجب
مراعاتها عند تقييم أداء الموظفين منها.
*- وجوب اتسام التقييم بالواقعية والموضوعية
والدقة التامة في تقييم أداء وسلوك الموظف و على نحو يؤدي إلى رسم صورة صادقه
معبرة عن سلوك الموظف ومدى التزامه بواجباته القانونية.
*- حيادية التقييم
وتجرده من المؤثرات فضلاً عن ضرورة استناده إلى معايير محدده كما اشرنا إلى ذلك أنفاً.
*- رابعاً: قواعد
وأسس تقييم كفاءة الأداء في التشريع اليمني.
نظم المشرع اليمني قواعد
وأسس تقييم كفاءة الأداء بما أوردة في المادة (101) من قانون الخدمة المدنية وبما
نصت عليه اللائحة التنفيذية للقانون المذكور في المواد من رقم (174) إلى رقم (179)
والتي يتضح من خلالها أن المشرع اليمني قد أناط بالرئيس المباشر مسؤولية تقييم
أداء الموظفين العاملين تحت رئاسته ، فبموجب ما هو مقرر في المادة (101) من
القانون والمادة (174) من اللائحة التنفيذية يتولى الرئيس الإداري المباشر بنفسه مهمة تدوين البيانات والوقائع والملاحظات
المتعلقة بأداء وسلوك الموظفين العاملين تحت رئاسته في سجل معد لهذا الغرض (يسمى
سجل الأداء) يكون أساساً لتقييم أداء
الموظفين ويتولى الرئيس المباشر بنفسه إعداد التقارير السنوية لتقييم الأداء
بالاعتماد على ما هو مدون في ذلك السجل ، و بعد ذلك يعرض تقرير الأداء على الرئيس
الأعلى للاطلاع عليه وتدقيقه وتعديله إذا اقتضى الأمر بعد مناقشته مع الرئيس
المباشر ومن ثم المصادقة عليه وإحالته إلى لجنة شئون الموظفين لمناقشته واعتماده أو
تعديله بقرار مسبب ولها في سبيل ذلك استدعاء الرؤساء المشاركين في إعداد تقارير
تقييم الأداء لمناقشتهم حولها ، وبعد ذلك تصدر اللجنة قراراتها المتعلقة بتقارير
تقييم كفاءة الأداء وترفع إلى رئيس الوحدة الإدارية للمصادقة عليها وإبلاغ كل موظف
بالتقرير الحائز عليه خلال فترة أسبوعين من مصادقة الرئيس الأعلى للوحدة الإدارية و تكتسب تلك التقارير درجة
القطعية بعد انقضاء فترة التظلم المحددة بأسبوعين من تاريخ إبلاغ الموظف بالتقرير.
*- حق التظلم والبت فيه :
أجاز المشرع للموظف
التظلم إلى رئيس الوحدة الإدارية من تقرير تقييم الأداء السنوي إذا كان التقدير
الحاصل عليه بدرجة متوسط أو ضعيف وعليه أن يتقدم بتظلمه هذا خلال مدة أسبوعين من
استلامه الإخطار بذلك التقرير ولا سقط حقه في التظلم بعد ذلك ، وإذا ما رفع التظلم
خلال المدة المذكورة يقوم رئيس الوحدة الإدارية التابع لها الموظف (رافع التظلم ) بإحالة
التظلم إلى اللجنة المشكلة لذلك للبت فيه خلال مده لا تزيد عن عشرين يوماً من
إحالة التظلم إليها ويكون قرارها هنا نهائياً.
المطلب الثاني
*- أولاً: الجهة
المختصة بإجراء تقييم الأداء كأصل عام.
الأصل في تقدير كفاءة
الموظف أن يكون ذلك من اختصاص الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف وان يجري ذلك
التقييم بمقياس واحد منضبط يسري على جميع
الموظفين التابعين لتلك الوحدة الإدارية ، باعتبار أن هذا الوضع يهيئ للجهة
الإدارية الأصلية التي يتبعها الموظف إمكانية اكبر وأدق في وزن كفاءة موظفيها
جميعاً بميزان واحد تحقيقاً للمساواة فيما بينهم .
والمرجع في تحديد
التبعية الوظيفية هو وقت تقدير أداء
الموظف ، بمعنى أن الجهة التابع لها
الموظف في هذا الوقت (أي وقت إعداد تقرير تقييم كفاءة الأداء) هي التي ينعقد لها الاختصاص في تقييم أداء الموظف.
وعلى ذلك فلا يجوز
لأي جهة أخرى حتى وان كان قد اشتغل لديها الموظف خلال السنة التي يوضع عنها تقرير
تقييم كفاءة الأداء ما دامت ولايتها قد
انحسرت عنه قبل حلول وقت إعداد ذلك التقرير.
*- ثانياً: الجهة المختصة بوضع تقرير تقييم الأداء بالنسبة
للموظف المنتدب .
المسلم به عدم انقطاع
علاقة الموظف المنتدب بجهته الأصلية ولا يمنع الانتداب عن تلك الجهة الأصلية
ولايتها على الموظف المنتدب في شؤونه الوظيفية مما يوجب بحسب الأصل خضوعه لهذه
الجهة في تقدير مستوى أداءه ، غير أن للوضع (أي في حالة الانتداب) خصوصيته ، إذ من
غير المقبول تجاهل وضعية الموظف المنتدب أثناء فترة الانتداب فهو في هذه الفترة
يكون قد فارق جهته الأصلية وابتعد عنها ليكون في خدمة الجهة المنتدب إليها وتحت
إشرافها وسيطرتها فتصبح هذه الجهة بحكم اتصالها اليومي بالموظف المنتدب
إليها اقدر على تحري سلوكه وتقدير كفاءته. ذلك ما استدعى المشرع إلى ضرورة وضع تنظيم يوفق
بين مقتضى الأصل العام وما يجب أن يكون عليه تقدير الأداء كمرآة وترجمان لعمل الموظف وسلوكه خلال السنة التي يرد عليها
التقدير بأكملها وليس لبضعة أشهر وهذا التنظيم اقتضى توحيد الجهة المختصة بتقدير
أداء الموظف المنتدب بمعيار حدده المشرع بما أورده في المادة(101/ج) من قانون
الخدمة المدنية رقم (19)لسنة 1991م والتي
تنص على ما يلي:
[ تكون الوحدة الإدارية المعار أو المنتدب إليها
الموظف هي جهة إعداد التقرير إذا أمضى فيها تسعه أشهر ، وتحدد اللوائح المنفذة
الحالات الأخرى عند اختلاف المدة].
كما تنص المادة
(179/أ) من القرار الجمهوري رقم (122) لسنة 1992م بشأن اللائحة التنفيذية لقانون
الخدمة المدنية رقم (19)لسنة 1991م على ما يلي:
[ أ- إذا كان
الموظف منتدباً أو معاراً إلى وحدة إدارية أو نقابة أو منظمة جماهيرية أو احد
الأشخاص المعنوية العامة المختلفة في داخل الجمهورية أو خارجها لمدة لا تقل عن ستة
أشهر فيخضع في تقييم كفاءة أداءه للوحدة الإدارية أو الجهة المعار أو المنتدب
إليها و تلزم تلك الوحدة الإدارية أو الجهة بموافاة وحدته الإدارية الأصلية بصورة
من ذلك التقييم].
ومن ذلك يتضح أن
المشرع اليمني قد أناط بالجهة المنتدب إليها الموظف مهمة تقييم كفاءة أداء هذا
الموظف بشرط أن يكون قد مضى على انتدابه لدى هذه الجهة مدة لا تقل في كل الأحوال
عن ستة أشهر كحد أدنى.
*- ثالثاً: الإطار
الزمني لقياس كفاءة الأداء.
تنص المادة (175) من
اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية على انه:
[ تقدم تقارير
كفاءة الأداء في موعد لا يتجاوز نهاية شهر أكتوبر من كل سنه وذلك بعد مرور سنة كاملة
على آخر تقرير لتقييم الأداء أو مرور تسعة أشهر كحد أدنى من تاريخ التعيين لأول
مرة حتى أكتوبر من السنة].
وعلى ذلك تتحدد فترة قياس
كفاءة الأداء زمنياً بسنة ينحصر فيها تقييم كفاءة أداء الموظف خلالها ، كما انه لا
يعتد عند تقييم أداء الموظف إلا بالأعمال
التي يؤديها الموظف خلال السنة المرفوع عنها تقرير تقييم كفاءة الأداء ومن
ثم لا يجوز أن يلاحق الموظف بما بدر منه من أفعال في سنوات سابقه عليها وإلا ظلت
تلك الأفعال سيفاً مسلطا عليه طوال حياته.
وإعمال مبدأ سنوية
القياس أو تقييم كفاءة الأداء يستتبع عدم صحة وضع أكثر من تقرير واحد عن الموظف في
العام الواحد كما يجب أن يكون التقرير عن كامل السنة وليس عن بعض الشهور منها حتى
وان كان هذا البعض هو اغلب شهور السنة.
يترتب على ذلك استحضار سؤال مهم للغاية هو إذا
ما كان المقرر عدم جواز وضع أكثر من تقرير
واحد في العام الواحد وفي ذات الوقت يجب
أن يكون هذا التقرير شاملاً لكل شهور السنة فكيف يمكن ذلك في حالة الموظف المنتدب إذا
حان وقت إعداد التقرير السنوي ولم يكن هذا الموظف قد أكمل لدى الجهة المنتدب إليها
عام كامل بحسب ما سبق طرحه ، إنما يكون قد أمضى في العمل لدى الجهة المنتدب إليها ستة
أو تسعه أشهر فقط ، والمعلوم في مثل هذه الأحوال ان المشرع قد أناط بالجهة المنتدب
إليها مهمة وضع تقرير تقييم أداء هذا الموظف المنتدب أليس في ذلك استحالة أو على الأقل
تعارض وتناقض ، كون تقرير تقييم الأداء الموضوع هنا من قبل الجهة المنتدب إليها سيكون قاصراً على ستة او حتى تسعه أشهر وهي مدة عمل الموظف المنتدب لدى الجهة المنتدب إليها،
بينما المقرر كما ذكرنا أنفاً وجوب أن يكون تقرير تقييم الأداء شاملاً لشهور السنة
كاملة.
وللإجابة على ذلك
التساؤل وبحسب ما يرى فقها القانون الإداري فأنه إذا كان الموظف قد عمل لدى الجهة
المنتدب إليها أكثر من نصف السنة كحد أدنى بينما عمل بقية شهور السنة لدى جهته الأصلية او
أي جهة أخرى ففي هذه الحالة ووفقاً لما ينسجم مع ما قرره المشرع في النصوص
القانونية السابق ذكرها تكون الجهة المنتدب لديها الموظف والتي أمضى بالعمل لديها أكثر
من نصف أشهر السنة كحد أدنى هي المختصة قانوناً بوضع تقرير تقييم كفاءة الأداء
الخاص بهذا الموظف المنتدب ، إلا انه يجب عدم إغفال دور الجهات الأخرى كليةً بل
فما يقتضيه العقل والمنطق هنا وللتوفيق بين مقتضيات الواقع ومتطلبات القانون هو
ضرورة تدخل تلك الجهة أو الجهات التي عمل لديها هذا الموظف لفترات أو شهور تقل عن
الحد الأدنى اللازم لوضع تقرير تقييم الأداء عند إعداد التقرير من قبل الجهة المنتدب إليها
المختصة بوضع هذا التقرير وذلك بإبداء
الرأي عن الفترة التي عمل لديه هذا الموظف
حتى تستأنس به الجهة صاحبة الاختصاص في وضع تقرير نهائي على نحو يغطي أداء الموظف
في مجمل فترات السنة وبما يحقق متطلبات القانون.
وبهذا نكون قد انهينا هذا المبحث بعون من
الله.
(1) المادة (100) من القانون رقم (19)لسنة 1991م بشأن الخدمة المدنية –
المادة (171)من القرار الجمهوري رقم (122) لسنة 1992م بشأن اللائحة التنفيذية
لقانون الخدمة المدنية رقم (19)لسنة 1991م
(5) إذ تنص
المادة (101/أ) من قانون الخدمة المدنية على ما يلي: [ تضع الوزارة بالتعاون مع
الوحدات الإدارية الأخرى النماذج والمعايير والإرشادات الخاصة بتقييم أداء الموظف]
، كما تنص المادة (185) من اللائحة التنفيذية للقانون الخدمة المدنية على انه:[
تضع الوزارة نماذج التقارير السنوية والمعايير والإرشادات الخاصة لتقييم أداء
الموظفين ويصدر بها قرار من الوزير].